مقال: لماذا لا يكون تفاوض؟

مصطفى الصواف

نطرح سؤالا على حركة المقاومة الإسلامية حماس هل لازلت متمسكة بحقوق وثوابت الشعب الفلسطيني أم أن هناك إمكانية للتغيير والتبديل وفقا للظروف والأحوال وأن تتنازلي لو شيئا قليلا عن هذه الثوابت تمشيا مع الواقع والظروف التي تمر بها القضية وتعيشها المنطقة عملا بالمثل الفلسطيني (إن علي الموج وطي رأسك) كما فعلت حركة فتح، أم أنكِ على استعداد للتحدي والثبات مهما كان الخطوب واللأواء والمحن التي قد تتعرضين لها فيما لو بقيتِ على ثوابت الشعب الفلسطيني دون تفريط أو تنازل؟

ونواصل الأسئلة المطروحة على حركة حماس هل سيأتي اليوم الذي نراكِ تجلسين على طاولة المفاوضات مع (إسرائيل) على الثوابت والحقوق بدعوى الواقعية وتحت قاعدة مالا يدرك كله لا يترك جله، وهل ستسلمين بالأمر الواقع وفق ما يخطط له أعداء القضية والشعب من الاستمرار في الضغط حتى رفع الراية البيضاء والاستسلام لكل الشروط والاعتراف في نهاية الأمر بحق (إسرائيل) في الوجود وبيع القضية لعجز او اختلال في موازين القوى أو غيرها من المبررات التي تساق مع كل خطوة من خطوات التنازل التي مرت بها القضية الفلسطينية حتى وصلنا إلى مرحلة الحضيض.

وسؤال هل التفاوض مع (إسرائيل) حرام شرعا أم أنه أمر مباح تتحقق فيه المصالح العامة؟ لا تفاوض يتم على ثوابت وحقوق وتنازلات واعترافات إنما من أجل تحقيق مصالح لكل طرف من الأطراف، التفاوض على تهدئة يتبعها اتفاق، أو تفاوض على إطلاق سراح أسرى يعقبه اتفاق، أو تفاوض على رفع الحصار وإقامة الممر المائي حتى لا يكون لأحد يد أو سطوة على شعبنا خاصة أن الحصار لا تفرضه (إسرائيل) وحدها بل يفرضه ويشارك فيه عباس كسلطة ومصر كدولة.

إذا كان التفاوض على تحقيق مصالح عامة دون اعتراف أو تنازل للعدو فلماذا الخوف من التفاوض حتى لو كان بشكل مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي أو بشكل غير مباشر نحافظ فيه على الثوابت ولا نفرط بالحقوق ولا نغير في أهدافنا ونعمل على الإعداد والتجهيز ليوم المواجهة الحتمية التي لا بد عنها، لأن القاعدة هي عدم الاعتراف وتحرير الأرض وإقامة الدولة بعد العودة والتي نتمنى أن تكون قريبة.

أي اتفاق لن يكون مقدسا وبالإمكان فسخه في أي وقت إذا لم يلتزم العدو به ونصبح في حل منه؛ ولكننا بحاجة إلى ضامن حقيقي يكفل هذا العدو ويلزمه ما يوقع عليه على ألا يكون كالضامن المصري الذي يعمل لتحقيق مصالح (إسرائيل) على حساب مصالح شعبنا الفلسطيني.

ليس المطلوب التفاوض من أجل التفاوض والاستمرار في عملية تفاوض مفتوحة حول قضايا محددة فيها مصلحة تتحقق لشعبنا ولا شك هناك مصلحة يسعى إليها المحتل، علينا أن نحصن أنفسنا وألا نسقط كما سقطت فتح في السابق ويصل بنا الأمر إلى الهاوية التي أولها الاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود على أرضنا لأن هذا الاعتراف هو تنازل ليس بعده تنازل وهو يشكل نهاية القضية.

البث المباشر