(إسرائيل) وحربها "القانونية" على المقاومة

مواجهات مع الاحتلال (إرشيف)
مواجهات مع الاحتلال (إرشيف)

د. صالح النعامي

لم تكتف (إسرائيل) بالإجراءات القمعية المتمثلة في الإعدامات الميدانية والاعتقالات وتدمير المنازل وكل أشكال العقوبات الجماعية، بل تلجأ بشكل واسع إلى سن التشريعات القانونية التي تزيد من هامش المناورة المتاح أمام دوائر صنع القرار في (تل أبيب) لتكثيف القمع وزيادة الضغط على الفلسطينيين لوقف عمليات المقاومة.

 فنظراً لمشاركة أعداد كبيرة من القاصرين في تنفيذ عمليات الطعن ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه في بداية الانتفاضة الحالية، فقد قدمت وزير القضاء إياليت شاكيد مشروع قانون يجيز تقديم الأطفال الذين بلغوا من العمر اثني عشر عاماً لمحاكم اعتيادية ووقف أي تعامل قانوني أو أمني يراعي كونهم أطفال.

وتم إقرار القانون في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، كما أقر بالقراءتين الأولى والثانية في البرلمان؛ حيث من المتوقع أن يحصل على أغلبية الكبيرة عند طرحه للقراءة الثالثة.

ومن أجل مضاعفة الضغوط على الفلسطينيين وردعهم عن ممارسة أي شكل من أشكال المقاومة، ولو القاء الحجارة، فقد أقرت الحكومة الإسرائيلية مشروع قانون تقدم به الوزير الليكودي يريف ليفين، ويقضي بحرمان من يدان برشق الحجارة من إمكانية الحصول على رخصة سياقة بادعاء "أن من ينتهك حقوق المسافرين على الطرق، لا يحق له الحصول على رخصة لقيادة السيارة".

وقدم وزير التعليم نفتالي بنات مشروع قانون يدعو إلى حرمان العائلات الفلسطينية التي تحمل الهوية الإسرائيلية من مخصصات الضمان الاجتماعي في حال شارك أحد أفرادها بتنفيذ أي عملية من عمليات المقاومة.

وضمن ما وصف في (إسرائيل) بـ "الثورة التشريعية" لمواجهة انتفاضة القدس، بلور عدد من النواب من الائتلاف الحاكم مشروع قانون يقضي بإغلاق المساجد في الضفة الغربية، في حال ثبت أنها "تحرض على الإرهاب".

ولا يقتصر دعم مشروع القرار من الأحزاب الدينية واليمينية في البرلمان والحكومة، بل أيده أيضاً نواب من حزب "كلنا"، الذي يمثل "الوسط". ويدعو مشروع القانون إلى سد منافذ المساجد التي يسجل فيها أي مظهر من مظاهر "التحريض" على اليهود بمكعبات من الأسمنت، حيث يشدد على أن التصدي للمساجد يعد "توجهاً إسرائيلياً لمعالجة خطر الإرهاب من الجذور وليس معالجة عرضية".

ومما يدلل على محاولة توظيف هجمات باريس وبروكسل في تبرير هذا المشروع، جاء في توطئته: "نحن مطالبون بأن نقدم على ما أقدمت عليه الحكومة الفرنسية مؤخراً من اتخاذ قرارات بإغلاق المساجد التي تحرض على الإرهاب، ومشروع القانون الذي يلزم بإغلاق المساجد التي يتم فيها التحريض يعد إسهاماً إسرائيلياً في الحرب العالمية على الإرهاب؛ المساجد كانت وستبقى تمثل ماكنة الدعاية العربية الأكثر خطورة، إنها البيئة الحاضنة للإرهاب وحان الوقت لمعالجة هذا التهديد".

المفارقة أن الذي قدم مشروع القانون هو النائب بتسلال سموطريتش هو أكثر نواب البرلمان تحريضاً على الإرهاب والقتل. فمنذ أن قام الإرهابيون اليهود بإحراق عائلة دوابشة، ظل سموطريتش يرفض اعتبار هذه الجريمة عملاً إرهابياً بل "نتاج الإحباط الناجم عن الإرهاب الفلسطيني".

وقال في أكثر من مناسبة إنه يتوجب إطلاق النار على رؤوس الفلسطينيين ليس فقط الذين يهاجمون اليهود "بل أيضاً يجب استهداف من تدور الشبهات حول نيته القيام بمثل هذه الفعل".

ويدلل مشروع القانون على الازدواجية التي تتعامل بها (إسرائيل)، حيث أن وزارتي التعليم والرفاه الاجتماعي والأديان تقدمان مساعدات بمئات الآلاف من الدولارات سنوياً لمدرسة " عود يوسيف حاي" في مستوطنة "يتسهار" القريبة من نابلس، على الرغم من أن الذي يديرها هو الحاخام إسحاق شابيرا الذي ألف "مصنفاً فقيهاً" يعدد المسوغات "الشرعية" التي تفرض على اليهود قتل الرضع من العرب.

وضمن "الثورة القانونية" التي تبشر بها (إسرائيل)، قدم عدد من النواب مشروع تعديل على القانون المتعلق بعقوبة الأطراف التي توجه تهديدات لـ(إسرائيل) و"مواطنيها"، بحيث تضاعف العقوبة خمسة أضعاف.

وحسب المشروع المتبلور فإنه سيصدر حكم بسجن المهددين لخمسة عشر عاماً بدل ثلاثة أعوام كما هو سائد حالياً، حتى لو لم يترتب على التهديد أي فعل.

قصارى القول، بسبب الطابع العنصري والفاشي للكيان الصهيوني، ونتاج العجز في وضع حد لهذه الانتفاضة، فإن التشريعات والقوانين تصبح وسيلة قتالية مشروعة في الحرب على الفلسطينيين من أجل احتواء المقاومة الفلسطينية.

متعلقات

أخبار رئيسية

المزيد من إسرائيليات

البث المباشر