ينام كثير من النازحين الفلسطينيين على أنقاض بيوتهم المهدمة، دون أن يحلموا بعودة بناء المسكن الذي دمرته الحرب من جديد، خصوصا في ضوء تلاشي فرص إعادة الإعمار.
بينما يسيطر الإحباط على مئات المواطنين على ضوء استمرار إغلاق المعابر التي كان من المتوقع أن تعيد النشاط للحركة التجارية وتسهم في التخفيف من حدة الحصار والبطالة التي بلغت نسبتها أكثر من 40% وفق احصاءات رسمية.
ذلك كله، يبرز هشاشة تفاهمات التهدئة التي جرى الاتفاق عليها الشهر الماضي بين المقاومة (إسرائيل) برعاية مصرية، والتي كان من المقرر أن تشمل فتح معابر القطاع كافة، وتسهيل حركة المواطنين والمباشرة في إعادة الإعمار، بالتزامن مع التسهيل على الصيادين الفلسطينيين في عرض البحر.
ومع قرب انتهاء مدة التهدئة المؤقتة (شهر)، تمهيدا للشروع في التباحث حول الملفات المفصلية كالميناء والمطار وانهاء المنطقة العازلة الشرقية لغزة، تتجدد احتمالات اندلاع الحرب لاسيما أن (إسرائيل) لم تلتزم بأي مما هو معلن. (الإسرائيليون) مازالوا يعتبرون الأمر أنه تهدئة مقابل تهدئة، ولا التزامات موثقة تجبر (إسرائيل) على تنفيذها.
ورجح "عاموس هارئيل" المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" العبرية، استئناف الحرب على ضوء الجمود شبه التام في جهود إعادة إعمار القطاع، وما اسماها "المصاعب التي تواجه حماس في عرض ولو إنجاز فعلي واحد نتيجة الحرب".
في المقابل، جاهرت حماس على لسان النائب في المجلس التشريعي إسماعيل الأشقر، برغبتها العودة إلى المواجهة حال تنصل الاحتلال من اتفاق التهدئة".
وقال الأشقر "المقاومة جاهزة لمعاودة القتال هي لم تضع السلاح بعد، وجاهزة أن تقاتل لشهور وشهور بروح عالية، وستكبد الاحتلال خسائر فادحة جدا".
الخطاب شديد اللهجة، لم يكن لغة حماس فحسب، حيث جددت أذرع عسكرية مختلفة تأكيدها الاستعداد للقتال إذا لم يجرِ رفع الحصار عن قطاع غزة والقبول باشتراطات المقاومة.
غير أن (إسرائيل) تدرك جيدا، أن تقديم التسهيلات للقطاع عبر المعابر من شأنه أن يقلل احتمالات عودة الحرب من جديد، خصوصا وأنه يبدو واضحا أنه ليس واردًا عند سياسيها الغارقين في تبادل الاتهامات على خلفية وقف إطلاق النار بين المقاومة و(إسرائيل) في قطاع غزة، نية لفتح جبهة جديدة مع غزة.
وربما هذا ما دعا أوساط عسكرية (إسرائيلية)- حسب ما نقلته صحيفة "هآرتس"- لتوصي المستوى السياسي بإظهار سخاء في تقديم التسهيلات للقطاع، من منطلق الفهم بأن بدء إعادة الإعمار أمر إلزامي لمنع استئناف القتال.
ويذهب جملة من المراقبين إلى أن معاودة كرة المواجهة من جديد في غزة، هو أمر غير مستبعد في الوقت الراهن الذي تشتد فيه المؤامرة على القطاع. وهنا يقول الكاتب سميح شبيب "إن الاحتمالات لا تزال مفتوحة، على اتجاهات شتى، ولعل أهم وابرز تلك الاحتمالات العودة الى الحرب، بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، خصوصا وأن (إسرائيل) تعلن بوضوح أنها غير ملزمة بأي اتفاق مكتوب ومعلن".
إذن، الساحة الفلسطينية برمتها الآن واقعة تحت الاختبار، فإما أن تفضي المباحثات المتوقع بدؤها الأسبوع المقبل في القاهرة إلى تفاهمات جديدة من شأنها الاستجابة الى شروط المقاومة وبالتالي التأسيس لهدنة طويلة نسبيا، وإما أن تضرب (إسرائيل) عرض الحائط بالمطالب الفلسطينية، وفي ذلك إيذانا ببدء جولة مواجهة جديدة قد تقلب الطاولة على رؤوس الإقليم والمنطقة برمتها.