انقضى شهر من العدوان الأخير على قطاع غزة وبقيت المباني المدمرة على حالها تنتظر عملية الإعمار المتفق عليها منذ مفاوضات القاهرة، وقتئذ تأمل المتضررون بمؤتمر الاعمار المزمع عقده في الثاني عشر من أكتوبر المقبل في ظل الوعود المصرية لتكثيف الجهود لإنجاحه.
ومؤخرا أعلنت مصادر مطلعة أنه تم التوصل بين السلطة الفلسطينية و"إسرائيل" والأمم المتحدة حول اليات البدء بإدخال مواد البناء إلى القطاع، وفي الوقت ذاته كان موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس قد كشف عن وصول ملايين الدولارات للسلطة تمكنها من بدء الاعمار الأمر الذي قابله قادة فتح بالاستنكار.
ودمرت "إسرائيل" خلال العدوان الأخير مساحات كبيرة من قطاع غزة، حيث طال الدمار ما يقارب 40 ألف منزل، عدا المنشآت الخاصة والحكومية الامر الذي يحتاج لعملية الإعمار نحو 8 مليارات دولار.
وقف التجاذبات السياسية
مبعوث الأمم المتحدة للشرق الاوسط روبرت سري قال: "الأمم المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية توصلت لاتفاق للسماح ببدء أعمال إعادة الإعمار في قطاع غزة الذي مزقته الحرب مع مراقبة المنظمة الدولية لاستخدام المواد".
وأضاف: "توسطت الأمم المتحدة في الاتفاق لإتاحة العمل على النطاق اللازم في القطاع بما يشمل القطاع الخاص في غزة مع تقديم تأكيدات أمنية من خلال مراقبة الأمم المتحدة على أن تلك المواد لن تحول عن غرضها المدني الكامل.
المحلل الاقتصادي معين رجب يقول لـ"الرسالة نت" :" إعادة الإعمار مؤشر جيد لإنجاح مؤتمر المانحين في القاهرة، لكن المطلوب أن تفي الدول المانحة في تعويض وتقييم الحاجة الفلسطينية للإعمار كونها تحتاج مبالغ باهظة".
وأشار إلى ضرورة أن تكون الاتفاقية بين الاطراف الثلاثة قابلة للتطبيق من خلال فتح المعابر وانهاء الحصار، مبينا أن التطبيق يكون من خلال التزام "إسرائيل" بالتنفيذ كونها طرفا أساسيا في عملية التدمير، وكذلك الامم المتحدة التي تمثل المجتمع الدولي لازالت تواصل صمتها إزاء جرائم الاحتلال، وأيضا الطرف الفلسطيني عليه تجاوز التجاذبات السياسية للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني.
وعن المدة الزمنية والمال المطلوب لإعادة الإعمار توقع رجب أن تكون ما يقارب خمس سنوات وبمبلغ مالي قد يصل إلى ستة مليارات دولار، لاسيما في حال فتحت المعابر طيلة الاسبوع.
من جهة ثانية، قالت الإذاعة الإسرائيلية إن وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي موشيه يعلون أفاد أن إسرائيل والسلطة والأمم المتحدة اتفقت على آلية لمراقبة عملية إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة والتي ستنفذ في غضون الأسابيع المقبلة، مما سيتيح الشروع في ترميم القطاع.
ونقلت الإذاعة عن يعلون قوله إن إسرائيل" من جانبها شرعت في تطبيق تسهيلات من دون انتظار مباحثات القاهرة.
العدالة في التقسيم
بدوره تحدث موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قبل أيام بأن السلطة الفلسطينية يمكن أن تبدأ عملية إعادة إعمار قطاع غزة من الآن.
وذكر خلال لقاء حضره عدد من الأكاديميين والمثقفين أنه يمكن للسلطة والأمم المتحدة البدء بعملية الإعمار من خلال الأموال التي وصلتها وقُدرت أكثر من 100 مليون دولار، مشيرا الى أن ذلك يمكّن السلطة من بدء خطوات إعمار غزة ولا تنتظر مؤتمر المانحين الشهر المقبل.
وخلال حديثه شدد على رفض حماس أي تأخير لإعادة إعمار قطاع غزة، داعيا حكومة الوفاق الوطني القيام بمهامها، مبينا أن وثيقة التفاهمات التي أعدتها مصر تحدثت عن إعادة إعمار غزة لتكون ضمن مهام حكومة التوافق.
وأشار أبو مرزوق إلى أن حكومة التوافق لا تلقي بالا لقطاع غزة، موضحا أن التجاهل وصل إلى حد تشكيل لجنة لإعادة إعمار غزة من الضفة المحتلة، لذا عليها انتهاج سياسة "العدالة في التقسيم" بين قطاع غزة والضفة.