قائمة الموقع

مقال: ما بعد معركة العصف المأكول

2014-09-22T07:30:32+03:00
بقلم: إبراهيم المدهون

ما حققته المقاومة الفلسطينية في معركة العصف المأكول يعتبر آية من آيات التغيير، ودليل واضح على قهر المستحيل، ومقدمة صغرى لعملية التحرير الكبرى. فقبل العصف المأكول كانت ثقة الجمهور الفلسطيني في المقاومة بأدنى مستوياتها، وبعد المعركة هناك ارتفاع يقارب الدرجات النهائية ثقة ودعما وتأييدا للنهج الثوري ولقادة الكفاح المسلح والمقاومة الفلسطينية، وفي المقابل هناك انحسار وتراجع لخط الاستسلام والتسوية، خصوصا أن الخط الاخير وصل لطريق مسدود باعتراف عرابيه وعلى رأسهم كبير المفاوضين د. صائب عريقات الذي استقال عشرات المرات معلنا فشل هذا الطريق وخيبته.

الجمهور الآن أدرك سر الإصرار (الإسرائيلي) والاقليمي على حصار قطاع غزة، وبدأ يتفهم سلوك حماس  طيلة سنوات حكمها وحكومتها، وجنى ثمار سياستها واستراتيجيتها القائمة على المقاومة ودعم فصائله وتقوية شعبنا لما هو اكبر من المتوقع، ورغم الألم وحجم التضحيات الا ان لديه الان بارقة امل جعلت من حماس رأس حربة الخريطة السياسية والاستراتيجية القادمة، وهذا يحتم على حركة حماس مراجعة بعض التكتيكات الخاصة بتوسعة الاستيعاب وزيادة الانفتاح والقفز على التفاصيل الخلافية.

كما أن خصوم شعبنا ومخالفي خط المقاومة تنبهوا أيضا لجدية الإعداد والاستعداد فأعطى دحر الجيش (الإسرائيلي) من تخوم غزة لما بعد غزة  بآلاف الأمتار إشارة تنبيه حمراء لهذه البقعة الصغيرة والجزء المعزول من أرض فلسطين، لهذا اليوم نشهد عنادا واضحا تجاه المراوغة وعدم الانصياع لإرادة شعبنا ومقاومته برفع الحصار والمسارعة بتعويض المتضررين وإعادة الاعمار، في محاولة للتحايل على قوانين التاريخ.

 أعتقد أن تيارا عريضا  في حركة فتح تأثر بشكل بالغ بأداء كتائب القسام في العصف المأكول، وهناك قيادات تنادي بضرورة الرجوع لاستراتيجية الكفاح المسلح والمقاومة الفلسطينية، وعبروا عن ذلك في اجتماعاتهم الخاصة والتصريحات العلنية والتي كان أبرزها ما قاله السيد مروان البرغوثي  القيادي الأسير في حركة فتح والذي اعتبر "حرب غزة انتصاراً للفلسطينيين وطالب بالتركيز على مقاطعة دولة الاحتلال (الإسرائيلية) لجعل تكلفة احتلالها للضفة الغربية أكبر من أن تتحملها"، وهذه دعوة منه للضفة بالتحول من بيئة مسلّمة ومتعاونة مع الاحتلال إلى معادية ومقاوِمة.

حركة حماس أيضا تأثرت باللعبة السياسية وتحولت للاعب إقليمي لا يمكن تجاوزه وتمتلك من المرونة والقدرة على التكيف بحيث يصعب كسرها والالتفاف عليها، ويؤهلها للعب دور إيجابي لصالح القضية الفلسطينية بما تمتلك من أوراق قوة وبما حققته من انتصار عسكري واضح، لهذا على القيادة الثورية الواعية في حركة فتح ولجنتها المركزية الاعتراف أولا أن فترة محمود عباس لم تعد تجدي وأن سياسته الاقصائية والتوتيرية سببت مآسي الانقسام وتراجع القضية الفلسطينية، وعليهم التفكير بتغيير سياساته وفتح صفحة جديدة.

الجناح النضالي في حركة فتح أمامه فرصة للإمساك بزمام الأمور بعدما شوهت حقبة عباس النضال الفتحاوي وابعدته عن الهم الوطني وعزلته شعوريا بعيدا عن مشروع التحرر، كما أن لحماس فرصة للتصالح مع فتح وتجاوز الرئيس عباس العقبة الحقيقية، وعليهم تقديم خطة إنقاذ وطني تشمل إصلاح السلطة والمنظمة وإعداد برنامج سياسي وطني وطموح وقابل للتحقيق.

اخبار ذات صلة