في العادة، بعد قضاء ليلة زفاف جميلة لعروسين، تبدأ حياة جديدة ملؤها الحب والسعادة، وتسمى "شهر العسل"، لكنها لم تكن هكذا عند عمر وهبة اللذين تزوجا في أحد مدارس إيواء النازحين شمال غزة.
تزوج الشاب عمر (30عاما) من عروسته هبة، في أحد مراكز إيواء النازحين الذي هو في الأصل مدرسة تابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
تحت القصف ومن وسط الركام أراد العروسان الترويح عن النازحين الذين دمرت بيوتهم في المناطق الحدودية، من خلال إقامة ليلة زفافهم في المدرسة، بعد أن تكفلت الأونروا بدفع تكاليف الحفل.
وبعد الانتهاء من مراسم الفرح توجه العروسان إلى أحد الفنادق في غزة. "توجهت إلى الفندق وقالت لي الأونروا إنها حجزت لي 3 ليالي، لكنني تفاجأت بأنه لا يوجد لي أي شيء في الفندق، واضطررت إلى دفع إيجار تلك الليلة". يقول عمر.
أراد هو وزوجته إيصال رسالة للاحتلال والعالم أجمع، مفادها "أن غزة تصنع الحياة من وسط الدمار، ومن تحت القصف"، لكن تلك الفرحة كانت لحظية بعد أن تحولت إلى حياة داخل "كونتينر" (صندوق حديدي متنقل) حجمه لا يتجاوز المترين.
يقول العروسان وعلامات اليأس تكتسي وجههما: "وضعنا الآن صعب للغاية والحياة في الكونتينر سيئة، لأنه يمتص أشعة الشمس، ونضطر للخروج منه منذ شروق الشمس".
ويصف عمر حياته الزوجية منذ بدايتها قائلًا "هادي مش حياة بعيشها عروسين تزوجوا قبل عدة أيام (..) ما بنقدر نقعد في المكان من أول ما يطلع الصبح".
الكونتينر يحتوي فرشتين مهترئتين حصل عليهما العروسان من المساعدات التي تقدم للنازحين، تكاد أن تتمزقا من شدة أشعة الشمس العمودية التي تسقط عليها صباح كل يوم.
في داخل الغرفة المظلمة لا يتسع المكان لاحتواء كل ما يحتاجه الزوجين، من أجل العيش حياة كريمة كباقي البشر. ويضيف عمر: "لم اتلقّ مساعدات سوى 300 دولار من الإغاثة الإسلامية منذ بداية الحرب".
"لا أملك أي شيء وأعيش وزوجتي على المساعدات التي تقدمها الاونروا للنازحين في المدارس"، يتابع عمر.
عمر قدِم من الامارات -فلسطيني الأصل- بسبب سوء الحالة الاجتماعية التي وصلت إليها عائلته، بعد أن تركهم والدهم وسافر إلى مصر.
وصل إلى غزة ولم يتمكن من العودة إلى البلد الذي يقيم فيه، واضطر للبقاء في غزة دون مأوى، حيث أنه أمضى أول أيامه بالمبيت على شاطئ البحر. وفق قوله.
أما هبة التي تقف بجانبه تقول بصوت خافت من شدة اليأس "الوكالة وعدتنا توفر لنا شقة ولليوم ما نفذت وعدها(..)"، متسائلة "احنا ليش بصير فينا هيك؟ ألا يحق لنا أن نعيش كباقي الأزواج؟!".
ويطالب الزوجان الأونروا والجهات المعنية، بالوفاء بوعودها وتقديم المساعدات اللازمة لهم، من أجل العيش حياة كريمة.
(عدسة: محمود أبو حصيرة)