قائمة الموقع

انتفاضة الأقصى.. منحنى الصعود للقضية

2014-09-28T08:48:11+03:00
مواجهات مع الاحتلال (أرشيف)
الرسالة نت-محمود هنية

تمر اليوم الأحد الذكرى الـ 14 على الانتفاضة الفلسطينية الثانية، التي اندلعت في 28 سبتمبر عام 2000، إثر إقدام رئيس وزراء الاحتلال الأسبق "أرئيل شارون"، علي دخول المسجد الأقصى والتجول في ساحاته، ما أثار غضب واستفزاز المواطنين الفلسطينيين آنذاك.

واندلعت مواجهات حادة بين المصليين وقوات الاحتلال التي رافقت "شارون"، ونتج عن هذه الاشتباكات ارتقاء 7 شهداء و250 جريحا، وأصيب 13 جنديًا إسرائيليًا من قوات الاحتلال لتصبح تلك الزيارة بداية لاندلاع الانتفاضة.

وارتقى خلال هذه الانتفاضة 4412 شهيدًا فلسطينيًا و48322 مصابًا، بينما وصلت خسائر الاحتلال لـ 334 قتيلا في صفوفه و735 من المستوطنين و4500 مصاب.

وتميزت هذه الانتفاضة مقارنة بسابقتها بكثرة المواجهات المسلحة وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، بعد فشل عملية التسوية واقدام الاحتلال على اغتيال رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات بعد محاصرته في مقره بالمقاطعة.

كما وأقدمت على اغتيال أبرز قادة الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتهم الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس، وصلاح شحادة مؤسس الجناح العسكري للحركة وقيادات سياسية بارزة في المقاومة، ما أدّى لتصاعد وتيرة الأعمال الاستشهادية داخل عمق الاحتلال.

وشرعت قوات الاحتلال باجتياح مدن الضفة كافة وارتكبت مذابح عدة من أبرزها مذبحة جنين، ضمن ما يعرف بـعملية السور الواقي، بينما شنت خلال السنوات الماضية من الانتفاضة 3 حروب دامية ضد قطاع غزة.

ولجأ الاحتلال لإقامة جدار الفصل العنصري، الذي سلخ مدن الضفة عن بعضها، واستولى على المزيد من الأراضي الفلسطينية، فيما تفشى سرطان الاستيطان في مدن الضفة، تزامنًا مع عودة التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة بعد انتخاب محمود عباس رئيسًا لها.

تطور المقاومة

ولجأت المقاومة الفلسطينية لتطوير امكاناتها العسكرية خلال سنوات الانتفاضة، مع الفشل الذريع لعملية التسوية، فيما أطلقت في بدايات الانتفاضة قذائف هاون وأخرى صاروخية قصيرة المدى خلال السنوات الاولى لهذه الانتفاضة، لتتمكن لاحقًا من تصنيع صواريخ طويلة المدى وصلت إلى عمق مدينة حيفا داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة.

ونجحت المقاومة بعد مرور 14 عامًا على بداية الانتفاضة، في تطوير معادلات ميدانية وسياسية لصالح القضية الفلسطينية، حيث نجحت في معركة العصف المأكول بإجبار "إسرائيل" على اغلاق مطار بن غوريون، وأجبرت المستوطنين من سكان غلاف غزة الرحيل منه.

وأصبحت المقاومة قادرة على فرض معادلات سياسية أجبرت "إسرائيل" للتفاوض غير المباشر معها في القاهرة.

وما زالت المقاومة تحتفظ بجنديين اسرائيليين بحسب ما يذكره الاحتلال، أسرتهما خلال العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، والذي استمر لمدة 51  يومًا.

ومقابل ذلك ما زالت عملية التسوية تراوح مكانها في ضوء تفشي عملية الاستيطان واستمرار السلطة في سياسة التنسيق الأمني التي أدت لتدمير البنية التحتية للمقاومة في الضفة المحتلة، وملاحقة أغلب النشطاء الفلسطينيين في مدن الضفة.

وارتقى العشرات من المقاومين خلال السنوات الست الماضية، وسط شكوك بدور أمني للسلطة الفلسطينية ضد المقاومة.

وإزاء ذلك ما زالت "إسرائيل" ترفض الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، بينما تواصل اعتقال المئات منهم اداريًا، وخطفت خلال سنوات الانتفاضة الآلاف من الشبان وأصدرت بحقهم احكاما قاسية، الأمر الذي دفع المقاومة عام 2006م، لأسر جندي إسرائيلي "جلعاد شاليط"، ومبادلته لاحقًا بـنحو ألف من الأسرى الفلسطينيين من بينهم محكوم عليهم بمؤبدات عالية.

وفي غضون ذلك، أكدّ الدكتور يحيى موسى القيادي بحماس والنائب عنها في المجلس التشريعي، أن الانتفاضة لعبت دورًا كبيرًا في ترسيخ الهوية الفلسطينية، وصنعت واقعًا جديدًا عزز من ثقة ومصداقية المقاومة لدى الشارع الفلسطيني.

وقال إن الانتفاضة أكدّت أن الأهداف الكبيرة لدى أبناء شعبنا غير مستحيلة وقابلة للتحقيق.

تغيرات سياسية

بعد ست سنوات من مرور الانتفاضة صعدت حركة حماس على الحكم في الأراضي المحتلة، حيث فازت بأغلبية ساحقة في الانتخابات المحلية والتشريعية، قبل أن تقدم حركة فتح على مباشرة الاقتتال الداخلي معها وحدث انقسامًا حادًا في مسار القضية الفلسطينية.

وعلى مدى السنوات التي أعقبتها، تواصل الحركتان مساعيهما عبر اتفاقات تمت بينهما في عدة عواصم عربية، لوأد الانقسام الحاصل بينهما، لا سيما في ظل ترنح برنامج التسوية الذي يقوده رئيس السلطة محمود عباس منذ عشرين عامًا عقب بدء اتفاق أوسلو.

من جهته، يعود الدكتور موسى ليؤكد أن اوسلوا التي أعلن "شارون" وفاتها عقب جرائمه خلال انتفاضة الأقصى، بأنها نتاج لحالة الخلل في موازين القوى بالمنطقة وحالة الانكسار التي تعيشها، معتبرًا إياها بأنه حالة تزييف للحالة العربية، وبالتالي ستبقى آثارها ممتدة لحين التخلص من هذه الحالة التي تغرق فيها المنطقة.

التغيرات الاقليمية

وعلى صعيد التأثير الاقليمي في المنطقة على  مسيرة الانتفاضة، فشهدت السنوات الأخيرة، ثورة عربية أطاحت بعدد من الزعماء العرب، ممن لعبوا دورًا سلبيًا ضد المقاومة الفلسطينية، قبل أن تطيح ما تسمى بالثورة المضادة في نتائج هذه الثورة الشعبية.

وتشهد دول الطوق المحيطة بالأراضي المحتلة، العديد من الصراعات الدموية الحادة التي أودت بحياة الآلاف من العرب، بينما أطاح الواقع الراهن في المنطقة بما يسمى بمحوري الاعتدال والمقاومة بعد خلع حسني مبارك رئيس مصر وتدخل ايران في الازمة السورية.

واضطرت المقاومة لإخلاء قواعدها السياسية من دمشق والتنقل لبعض العواصم العربية، بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011م.

وإزاء الواقعين الاقليمي والدولي الراهنين، ومع استمرار جرائم الاحتلال المتكررة في مدينتي القدس والضفة المحتلتين، فإن الواقع ما زال مرشحًا لاندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، لاسيما مع اقدام الاحتلال على اغتيال القساميين مروان القواسمي وعامر ابو عيشة المسؤولين عن خطف 3 من جنود الاحتلال بمدنية الخليل المحتلة.

أمّا موسى فرأى أن الاقليم سيلعب دورًا كبيرًا في انهاء الكيان، حال يتعافى ويتمكن من إزالة الدكتاتورية والفساد الذي عاشت عليه "إسرائيل" على مدى السنوات الماضية.

جدير ذكره، بأنه قد تصاعدت وتيرة الدعوات لاندلاع الانتفاضة من جانب القوى الفلسطينية، في الوقت الذي يتنكر فيه الاحتلال لكل الالتزامات والاتفاقات السياسية.

اخبار ذات صلة