قائمة الموقع

المناطق الحدودية .. عيد رمادي بين الركام!

2014-10-06T16:01:44+03:00
جانب من أجواء العيد في قطاع غزة
غزة_ حمزة أبو الطرابيش

قل هل تستوي أجواء العيد في المناطق الشرقية من قطاع غزة مع أجواء أي منطقة عربية؟، سأدع لكم اختيار المكان. في الأول دون شك عيد رمادي جراء العدوان "الإسرائيلي" أما الثاني ألوانه صاخبة نتيجة الرفاهية ربما.

آلة الطحن "الإسرائيلية" أعدمت كل ألوان الحياة في المناطق الحدودية أو الشرقية كحي الشجاعية وخزاعة ومدينة بيت حانون وغيرها من المناطق.

لم يذق أهالي غزة طعم عيد الفطر السعيد الذي كان حزينًا هذه المرة، لأنه جاء وسط عدوان إسرائيلي همجي، وها هو يأتي عيد الأضحى وربما كثير من أهلنا وخاصة في المناطق المذكورة سلفًا لم يذوقوا طعم حلاوته لأنهم يقضونه بين الركام ورائحة البارود.

ولكن بين هذا وذاك، تبقى ألوان الكرامة والصمود والصبر تنفرد غزة بصدارتها المجروحة.

أبو سعيد حسنين، ربما تكون قصته أقصر حكاية ألم، يقطن في حي الشجاعية حيث كانت مجزرة الفجر هناك، استشهد ثلاثة من أطفاله. المدفعية الإسرائيلية دمرت منزله. يكفي القول: "لا يصلح للعيش الآدمي".

يحاول أبو سعيد أن يدخل الفرحة في قلب طفليه التوأم إياد وجهاد اللذان بقيا له من أصل خمسة أولاد. ربط حبالاً بعمود فولاذي صدئ أمام منزله المدمر، فحولها إلى أرجوحة ليخلق أجواء العيد لأبنائه من بين الركام.

يقول بينما يلاعب توأمه: "ما ضل طعم للعيد(..)، بس لازم نصمد ونصبر لنعيش أطفالنا. الله يرحم شهدائنا وأطفالي الثلاثة".

انتهى حديثنا مع الحداد حين مسح دمعته الجارفة، ليبقى صامتًا، ثم ذهبنا تاركين خلفنا دعوات إلى الرحمن بالتخفيف عنه.

العدوان "الإسرائيلي" الذي انتهى قبل شهر ونيّف، لم يرحم إنسانا وطأ غزة دون أي مراعاة لجنسه أو حتى عمره ليسقط حوالي ألفي شهيد وعشرة ألف جريح، وليست المساجد والمستشفيات والمدارس أيضا بمنأى عن هذا الإجرام.

سرنا في حي الشجاعية لنرصد الأجواء هناك. مجموعة من الأطفال بملابسهم الجديدة يلعبون لعبة تُعرف باسم "يهود وعرب" بين الدمار ورائحة البارود لا يبالون إلى توبيخات أمهاتهم حين عودتهم متسخين.

وهذه الحاجة أم أيمن رغم أنها تجلس في منزل لا حياة فيه، إلا أنه أعادت له الحياة بعدما زينت جدرانه المدمرة بثوب فلسطيني بجانب الكوفية، ورشت عتبة منزلها التي تملؤها رائحة البارود بالماء، لتستقبل ضيوفها.

أم أيمن التي سجلت نقطة صبر وصمود من بين الركام خلال جولتنا، تقول: "لازم نصحى ونفوق (..) لازم نفرح بأعيادنا ما بخلي عدوي يخرب عليا حياتي، ربنا يصبرنا ويقوينا على عدونا".

انتقلنا إلى مدينة بيت حانون حينها التقينا بالشاب محمود الكفارنة. ذاك الشاب حوّل بعض مخلفات الاحتلال التي سقطت على منزله المدمر جزئيًا إلى أشكال جميلة وضعها على نوافذ منزله.

ومع صباح اليوم الأول من العيد وضع تلك الأشكال أمام منزله ليسمح للأطفال وأصدقائه وأبناء حيه بمشاهدة تلك المخلفات.

يقول محمود ذو البشرة القمحية: "لازم نفرح لازم (..) أنا عن نفسي راح أحوّل كل حاجة مخيفة لحاجة جميلة لكي أسعد أهلي وحبايبي". تركنا وسط حديثنا وبدأ يكمل عمله.

ويبدو أن غزة ستجد صعوبة في إزالة الألم الذي خلفته آلة الطحن "الإسرائيلية" في صدرها، ها هي لم تفرح بعيدها وغيره بالشكل المطلوب، ولكن طالما ألوان الصبر والصمود موجودة تعطينا بصيص آمل.

اخبار ذات صلة