قبل أيام من انطلاق اجتماع القاهرة لإعادة إعمار قطاع غزة، يشعر المانحون بالإحباط من احتمالية تكرار موقف عامي 2009 و 2012، فبحسب شبكة الأنباء الإنسانية (آيرين)، التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ترى أن هناك خطراً حقيقياً من عدم تحقيق حتى "تمويل هزيل" في "غياب وجود التزامات حقيقية من قبل (إسرائيل) والفصائل الفلسطينية.
وتتوقع (آيرين) أن لا يصل المبلغ المخصص للحد المطلوب وهو 4-5 مليارات دولار أمريكي، تكاليف إعادة إعمار القطاع.
ونقلت الشبكة عن مسؤول أوروبي رفيع، طلب عدم الكشف عن اسمه قوله:"إن الدبلوماسيين الغربيين غير راغبين في استثمار أموال جديدة بدون تحقيق اختراق في المفاوضات بين (إسرائيل) والفصائل الفلسطينية، لا يوجد هناك ما يكفي من الالتزام السياسي أو الأمل".
ونقلت (آيرين) عن يوهان سكار، رئيس التعاون الإنمائي في القنصلية العامة السويدية في الأراضي الفلسطينية المحتلة قوله: "إن المانحين الغربيين يواجهون قضية المساءلة من تمويل مشاريع جديدة دون وجود ضمانات حقيقية بأن (إسرائيل) لن تقصف غزة مرة أخرى، ورغم أنه سيتم تمويل القليل، إلا أن لا أحد يمكن أن يتوقع منا أن نعود إلى دافعي الضرائب عندنا في محاولة للطلب منهم –وللمرة الثالثة- تقديم التبرعات لإعادة الإعمار، دون الأمل في تحقيق سلام دائم، وهذا أمر وارد".
يذكر أنه وحسب إحصاءات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" فإن هناك 60 ألف منزل -على الأقل- تضرر أو دمر نتيجة القصف الجوي (الاسرائيلي) على غزة، و20 ألف منزل غير صالح للسكن تماما، والمحصلة أكثر من 110 آلاف من سكان غزة، معظمهم من الأطفال، بلا مأوى الآن.
وكان من بين البنى التحتية الأساسية التي دمرت العشرات من المشاريع التي يمولها المانحون الدوليون، فالغارات الجوية (الاسرائيلية) استهدفت مدارس "الأونروا" سبع مرات، وجسر في بلدة بيت حانون شمال القطاع شيد بمساعدة دولية قد دمر أربع مرات في الحروب الأخيرة، ناهيك عن شبكة الكهرباء، والمستشفيات والعيادات.
وتضيف شبكة الأنباء الانسانية، على لسان المسؤول الأوروبي الكبير أن "الإسرائيليين" قلقون من أن التبرعات في مؤتمر المانحين ربما ستكون مخيبة، فتتحمل (إسرائيل) إعادة الاعمار، كونها تعتبر من الأمم المتحدة قوة احتلال، تقع على عاتقها مسؤولية أساسية بشأن هذا الملف.
بدوره قال سلطان بركات، مدير الأبحاث في معهد بروكينغز بالدوحة، والخبير الدولي في مجال الانتعاش ما بعد الحرب: "إن الإسرائيليين يرغبون من الجهات المانحة التعهد بتدفق الأموال لغزة، فلديهم مصلحة في هذا، بحيث يبدأ الناس بالشعور قليلاً بالراحة، بعيداً عن إغراء اللجوء للسلاح والعنف".
وختم سلطان الذي أسس وحدة إعمار ما بعد الحروب في جامعة يورك البريطانية قوله: "نحن جميعاً على استعداد للدفع مراراً وتكراراً لنفس الشيء، معظم البنى التحتية التي دمرت في 2014 قد دفع تكاليف الجزء الأكبر منها، الأوروبيون ودول الخليج، القضية الفلسطينية فريدة من نوعها في هذا الشأن، وبما يخص غزة، فإنهم -المانحون- على استعداد لوضع أيديهم في جيوبهم مرارا وتكراراً، فبهذا يخرجون من الورطة، بل ويخرجون (إسرائيل) من ورطتها أيضاً ".
شبكة الأنباء الإنسانية (آيرين)