"حزب الله" غير معني بحرب مع اسرائيل، ولكنه يسعى الى خلق ميزان ردع حيالها. هذا هو الاستنتاج من تفجير العبوتين، أول من أمس، في هار دوف (مزارع شبعا). يمكن الافتراض بان العبوتين زرعتا قبل زمن ما، وأول من امس قرر قادة "حزب الله" تفعيلهما. ولشدة الحظ اصيب جنديان بجراح طفيفة. ولهذا فرد الجيش الاسرائيلي ايضا كان معتدلا: اطلاق 40 قذيفة نحو موقعين للمنظمة ، واستهدف الرد احتواء الحدث وعدم تدهور العلاقات.
اسرائيل هي الاخرى غير معنية بالتصعيد، ولكن سبق أن رأينا في الصيف الاخير حيال "حماس" وفي العام 2006 حيال "حزب الله" أن حادثة وحيدة او سلسلة من احداث العنف تخرج عن نطاق السيطرة يمكنها أن تتطور الى حرب شاملة.
لـ "حزب الله" حساب مفتوح مع اسرائيل. فالمنظمة تعتقد بان اسرائيل مسؤولة عن تصفية كبير المنظمة، حسن لقيس، الذي كان مسؤولا عن تطوير "الوسائل الخاصة" في كانون الاول 2013 قرب منزله في بيروت. واسرائيل، كما ينسب لها، هاجمت في شباط 2014 مخزنا وقافلة سلاح على الاراضي اللبنانية.
قبل نحو شهر قتل رجل من "حزب الله" حاول تفكيك عبوة تنصت اسرائيلية. وفي بيان "حزب الله"، أول من امس، قيل ان الخلية التي نفذت كمين العبوتين تحمل اسمه. ويمكن أن نصف نهج "حزب الله" الجديد بلغة الاستعارة كـ "يحطمون الصمت". ففي المنظمة يعتقدون بان اسرائيل تستغل ما يسمى "الربيع العربي" للتصرف كما يتصرف الازعر في الحارة. وفي اسرائيل يسمون هذه الاعمال بانها "المعركة بين المعارك". وأول من امس منح رئيس الاركان الوحدة البحرية 13 وسام الشجاعة على اعمالها الخفية – 43 عملية في السنتين الاخيرتين. وباستثناء عملية واحدة، فاننا لا نعرف شيئا عن هذه العمليات، والتي يمكن التقدير بان بعضها فقط كان مهام استخبارية.
وبالاساس يعزى لإسرائيل استغلال ضعف النظام في سورية. فيعزى لاسرائيل الهجوم على قوافل سلاح حديثة، ولا سيما صواريخ متطورة، اثناء نقلها من مخازن في سورية الى "حزب الله". وحسب المنشورات فقد هوجم مخزن وارسالية سلاح على الاراضي اللبنانية.
"حزب الله"، كما يرى نفسه كحامي الامة اللبنانية، قرر من الان فصاعدا تغيير نهجه. وهو يرد على كل ما يعتقد بأنه مس اسرائيلي بسيادة لبنان او خرق لقواعد اللعب، ولا يرد فقط بل ويتبنى المسؤولية ايضا. وكانت ثمة ردود لـ"حزب الله" في هضبة الجولان ايضا، حيث استخدمت المنظمة في السنة الاخيرة "مبعوثين" – مرتزقة سوريين.
"حزب الله" غارق عميقا حتى الرقبة في الحرب الاهلية في سورية، حيث بعث بنحو 5 الاف من اصل 30 الفا من رجاله. وتنتقل المعركة من سورية الى لبنان. وفي الجبهتين يتكبد "حزب الله" خسائر فادحة، ولكنه لم يفقد ثقته بقدرته العسكرية. فبمعونة سلاحه الحديث، ولا سيما المخزون الهائل المقدر بنحو 100 الف صاروخ، يؤمن "حزب الله" بان بوسعه ان يتحدى اسرائيل، بل ان يقف في مواجهتها لفترة طويلة واستنزافها، اذا ما تدهور الوضع الى حرب لا يرغب فيها احد من اللاعبين في المعادلة: اسرائيل، "حزب الله" والسيدة ايران.
عن "معاريف"