أخيرًا قَدِم رئيس وزراء حكومة التوافق إلى قطاع غزة صباح الخميس، بعد أربعة أشهر من تشكيل الحكومة، ولسان حال شعبه يقول، أن تأتي متأخرًا خير من ألّا تأتي أبدًا، لا سيما في ظل ما كابدوه من معاناة خلال الأشهر الأربعة.
الحكومة الفلسطينية عقدت اجتماعها لأول مرة بنصاب كامل في قطاع غزة، وسط ملفات ثقيلة فرضت نفسها بقوة على أروقة الحكومة التي لطالما اتُّهمت بالتقصير في حل المشكلات المتفاقمة في قطاع غزة المحاصر.
وفي الوقت الذي تسلطت فيه الأضواء على زيارة الحمد الله ووفده الوزاري، وذهبت الكاميرات نحو التقاط الصور له ولكلماته التي سيتحدث بها، بقي خلف الأضواء هموم ومشكلات وأناس لم يتوانوا عن إطلاق الصرخات لإنهاء مأساتهم، لا سيما بما يتعلق بقوت يومهم ولقمة عيشهم.
الموظفون والرواتب
وتبدو قضية الرواتب الأكثر الحاحًا للموظف الغزي البسيط، ، وبقي يصارع حكومته على شرعيته، بينما الأولى تركته خاوي البطن سوى من وعود تطلقها بين الفنية والأخرى على أمل أن تنهي مأساته.
ولا يزال 45 ألف موظف مع عوائلهم بدون راتب للشهر الرابع على التوالي.
وقبل أن يعقد رئيس الوزراء جلسته في منزل رئيس السلطة محمود عباس، كان بانتظاره العشرات يطالبونه بتثبيت عقودهم، وانهاء مأساة الرواتب، وآخرون يتساءلون عن مستقبلهم المجهول، حول مصير عقودهم في برنامج جدارة.
عجوز تجاوز عمره الأربعين عامًا، استظل بأشعة الشمس الحارقة، ينتظر بإلحاح رئيس الحكومة ليشكوا له عن عدم تثبيته منذ ما يقرب من 13 عامًا، ويسأل بلسان حال الموظفين المدنيين في معبر رفح، متى سيتم ذلك؟!
البنية التحتية والإعمار
لم يصدق الغزيون أن فصل الشتاء سيحل ضيفًا عليهم قبل رئيس وزرائهم، وهذا ما أثار الرعب في قلوبهم، بسبب ضيف ثقيل يهددهم برعد وعواصف وبرق وانجرافات على غرار العام الماضي، دونما أن يجدوا أدنى جواب من ضيفهم الآخر – الحمدالله- حول ما سيفعله إزاء معاناتهم.
لكن الجميع -حتى رئيس الوزراء نفسه- بانتظار ما سيتمخض عنه مؤتمر القاهرة، وسط تساؤل غزي هل سيكون دور الحكومة فعالًا في التجاوب مع متطلبات المواطن وتؤويهم في أقرب وقت ممكن؟!
البطالة والفقر
بالطبع، فإن الحكومة لن تملك عصا سحرية لحل أزمات القطاع المتفاقمة، لكنها على الأقل يجب أن تسعى لحل ولو جزئي لهذه القضايا، هكذا يقول الحاج ابو رامز عوض والد أحد موظفي جدارة.
ويشير عوض لـ"الرسالة نت"، إلى أن أهم طلب يتمناه أن يجد لأبنائه الخريجين الأربعة وظيفة تسد رمق عائلتهم، التي ما زالت لهذه اللحظة تعيش على كوبونات الوكالة دون أن تتلقى أي مساعدات من الحكومة.
الصحة والمرافق الحكومية
وقبل يوم واحد من زيارة الحمد الله، ضجّت مشافي القطاع من الكوارث البيئية والصحية المتلاحقة بها، حيث ما زالت لهذه اللحظة تفتقر لعمال النظافة وموارد التغذية للمرضى، وأخيرًا وليس بآخر نفاد مخزوني الوقود والأدوية.
ويؤكد الدكتور يوسف أبو الريش لـ"الرسالة نت"، أن المشافي تشهد كارثة محققة في ضوء توقف تام للعمليات ومراكز غسيل الكلى، والمناعة ونفاد أدوية السرطان والقلب، كل هذه الكوارث كانت على عين وزارة الصحة برام الله في ضوء المناشدات المتعددة التي أطلقتها الوزارة في غزة، حسب تعبيره.
أمّا البلديات فلم تكن بأحسن حال من نظيراتها في مرافق القطاع، فمخزون الوقود الذي شارف على النفاد يهدد بكارثة بيئية محققة، بحسب تأكيدات مدير بلدية غزة.
وعلى مدى ثمانية أعوام ما زالت شركة كهرباء غزة معطلة، رغم الوعود الدولية بإنهاء أزمة الكهرباء بمجرد انتهاء حكم حماس، انتهى حكم الأخيرة ولم تنتهِ مأساة الأولى!.
المعابر
وفي ظل الوعود المتكررة باقتراب فتح كامل للمعابر، فإن أنظار الغزيين تبقى شاخصة على ما ستؤول إليه أزمة هذه المعابر، حول إن كانت ستدار عملية الحصار أم سيرفع الحصار كليًا عن غزة.
وبحسب ما يحذر منه الخبراء الاقتصاديون، فإن خطة سيري مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط، تقنن عملية الحصار ولا ترفعه، وهي الخطة التي ستعتمد لإدارة عملية البناء وإدخال المواد للقطاع.
الحكومة الفلسطينية أكدت بدورها أن كل هذه القضايا ستكون على دائرة البحث في اجتماع الخميس، ولكنها لم تقل إن كان هذا الاجتماع حسم كل قضايا غزة أم لا؟!