يستعد الاقتصاد الغزي للانتفاض من تحت ركام البيوت المدمرة جراء الحرب والبدء بالعودة تدريجيا للانتعاش عبر مواد البناء المزمع ادخالها للقطاع خلال الأيام القليلة المقبلة.
ففي ظل الوعود بنية (إسرائيل) إدخال مواد البناء التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الغزّي، توقع اقتصاديون أن تنخفض نسبة البطالة إلى النصف، بعد أن ارتفعت جراء الحرب لأكثر من 45% .
ودمرت (إسرائيل) في الحرب الأخيرة 9 آلاف منزل بالكامل، و 8 آلاف منزل بشكل جزئي، وفق إحصائيات لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
القطاع متعطش
وينتظر تاجر مواد البناء منير عبد الحي تنفيذ الاحتلال لوعوده بإدخال مواد البناء، مستدركًا: "تعودنا من الاحتلال اطلاق الوعود دون تنفيذها، لن نصدق الكلام قبل أن نرى شاحنات الاسمنت تدخل للقطاع".
ويأمل منير العاطل عن العمل منذ ثماني سنوات أن تعود الأمور إلى طبيعتها بإدخال مواد البناء، مؤكدًا أن مصنعه يُشغّل عشرة عمال، حال عادت مواد البناء للدخول للقطاع.
وقال منير لـ"الرسالة": "القطاع متعطش جدا لمواد البناء، ويحتاج لمئات الآلاف أطنان من الاسمنت والحديد والحصمة، ونأمل أن تُسرع حكومة التوافق في ايجاد آلية لإدخالها وعدم الارتكان لوعود الاحتلال".
وأشار إلى أنه يعمل حاليا على تجهيز المصنع وإعادة ترتيبه من جديد، لاستقبال كميات البناء التي سيُجرى توريدها للقطاع، مشدّدًا على أن الاقتصاد سيشهد نهوضًا كبيرًا.
وعود دون تنفيذ
ومن جهته أكد المهندس رائد فتوح رئيس لجنة تنسيق دخول البضائع لقطاع غزة، أنه لم تدخل بعد مواد البناء عبر معبر "كارم أبو سالم".
وقال فتوح في حديث لـ"الرسالة": "تلقينا وعود بنية الاحتلال السماح بإدخال مواد البناء، إلا أنه لم يجرِ حتى اللحظة ادخال أي شاحنة محملة بمواد البناء".
وأوضح أن هناك اتصالات مستمرة وجهودا كبيرة تبذلها السلطة الفلسطينية وبعض الأطراف لإدخال مواد البناء، لكن حتى الآن لا جديد في هذه القضية.
وتوقع فتوح أن تشهد الأيام المقبلة جديدا، ويتمخض عن الاتصالات التي تجرى اتفاق بشأن إدخال مواد البناء للقطاع الخاص بغزة.
وفيما يتعلق بالتحسينات على آلية عمل المعبر، أكد فتوح أنهم تلقوا وعودًا بذلك، وينتظرون ما سيتم العمل عليه في المعبر الأسبوع المقبل.
وكان موقع "واللا" العبري، قد أكد أن قوات الاحتلال تجهّز نفسها لترتيب إدخال مواد البناء للقطاع الخاص في قطاع غزة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب.
في حين قال منير الغلبان، مدير الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم، أنّه تم إبلاغهم عن طريق الشركة الوطنية الفلسطينية -شركة خاصة ومقرها رام الله-، أنّ (إسرائيل) أجّلت إدخال 60 شاحنة من مواد البناء إلى القطاع الخاص بغزة، إلى أجل غير مسمى.
وتابع الغلبان في تصريح صحفي: "تواصلنا مع الشركة، وأبلغتنا أن (إسرائيل) أجلت إدخال مواد البناء، إلى موعد لم تحدده بعد، بعد أن كانت قد حصلت على وعود (إسرائيلية) بالسماح لمواد البناء بالدخول إلى قطاع غزة الثلاثاء الماضي.
وتمنع (إسرائيل) إدخال العديد من البضائع، وأهمها مواد البناء لغزة، منذ فوز حماس في الانتخابات التشريعية بداية عام 2006، حيث فرضت حصارا مشددا، غير أنها سمحت بإدخال كميات محدودة منها بداية شهر سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، ثم عادت ومنعت إدخالها في الشهر التالي، بزعم استخدامها من قبل حركة حماس في بناء تحصينات عسكرية، وأنفاق أرضية.
وتسبب منع إدخال مواد البناء بزيادة نسبة الفقر والبطالة، حيث يتوقع متخصصون أن تنخفض النسبة لأقل من النصف حال دخول مواد البناء.
بانتظار انتعاشه
وبدوره أكد المحاضر في كلية الاقتصاد في جامعة الأزهر الدكتور معين رجب أن إدخال مواد البناء سيحدث انتعاشًا في الاقتصاد الغزّي، وسينهض به من القاع إلى القمة.
وقال رجب في حديث لـ"الرسالة": "حتى الآن لم يدخل مواد بناء، وما زلنا نعيش على الوعود، وتنفيذ هذه الوعود هو ما يحسم الأمر، فالقطاع متعطش جدا لمواد البناء وهي معدومة والكميات التي يحتاجها القطاع كبيرة جدا".
وشدّد على ضرورة التنفيذ الفعلي للوعود التي يطلقها المسؤولين، محذّرًا من تأجيل ادخالها الأمر الذي تحبط المواطن الغزي ويجعله لا يثق بكلام مسؤوليه.
ولفت رجب إلى أنه كثيرًا ما جرى سابقًا اجراء ترتيبات لإدخال مواد البناء إلا أن الأمر لم يكتب له النجاح، مشيرًا إلى أن الاحتلال دائمًا ما يكذب في تعهداته.
وتعجب من الترتيبات التي تحتاجها مواد البناء لإدخالها للقطاع، مؤكدًا أنها كباقي السلع لا تحتاج لترتيبات أو جهود كبيرة لإدخالها.
وأضاف: "الاحتلال يتحدث عن ادخال 60 شاحنة يوميًا، في حين أن القطاع يحتاج لقرابة 600 شاحنة يوميا، وهذه مشكلة بحاجة لحل".
ودعا أصحاب القرار للضغط على الاحتلال لفتح جميع المعابر، مبيّنًا أن فتح معبر واحد -كرم أبو سالم- غير كاف لإدخال جميع مواد البناء والمستلزمات الأخرى لقرابة مليوني غزّي.
ومن المقرر أن تستضيف مصر الأحد المقبل، مؤتمر المانحين لإعادة إعمار القطاع.
وبحسب اللجنة الشعبية لرفع الحصار عن قطاع غزة، فإن القطاع يحتاج لدخول 20 ألف طن من مواد بناء ومستلزمات إعادة الإعمار بشكل يومي كحد أدنى.
وشنت (إسرائيل) في 7 يوليو/ تموز الماضي حربا على قطاع غزة، استمرت 51 يوما، وتسببت في استشهاد أكثر من 2150 فلسطينيا، وإصابة أكثر من 11 ألفا آخرين، بحسب مصادر طبية فلسطينية.
ووفق أرقام فلسطينية رسمية فإن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن تدمير نحو 500 منشأة اقتصادية، تجاوزت 3 مليارات دولار أمريكي.