جهّزت والدة الشهيد "طارق ناصر" نفسها وأعدّت طفليها وكستهم بما لديهم من ملابس عسكرية رافقتها ألعابهم القتالية من "كلاشنكوف" و "إم 16"، والتي لم يألفوا غيرها منذ مولدهم، يفّرقهم ذلك عن باقي أطفال العالم ممن اعتادوا على الدمى والألعاب الناعمة.
توجهت أم طارق بهم نحو حفلٍ دعتهم إليه حركة المقاومة الإسلامية حماس في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، تكريمًا لمن هم أكرم منا جميعا من شهداء تلك البلدة الصابرِ أهلها، والذين ارتقوا خلال معركة الأيام الواحدة والخمسين.
ما أن وصلت إلى أرض ملعب نادي بيت حانون الرياضي –مكان إقامة المهرجان- اليوم السبت، حتى تفاجأت بحجم المنصة التي أعدّها جهاز العمل الجماهيري للحركة، فيما سرق نظرها صورة ابنها "طارق" في لوحة كبيرة ضمّت صور شهداء البلدة بأكملهم.
تمركزت أم طارق على كرسيّها في الصف الأول المقابل للمنصة الضخمة، واضعةّ صورة ابنها الشهيد أمامها وكأنها تتفاخر بها، فيما تبعد عنها بأمتارٍ قليلة والدة الشهيد القسامي "محمد ماهر أبو جراد".
بدا للجميع مدى تفاعل أم محمد مع فقرات الحفل التي تنوعت ما بين فقرات فنية وإنشادية وكلمات جهادية لقادة حركة حماس في بلدة بيت حانون، وكلمة القيادي البارز فيها الدكتور خليل الحية.
أم محمد، تزيّنت كسابقتها بصورة ابنها الشهيد، ناصبةً إياها أمام الطاولة الحمراء التي ترتكز عليها، فيما تقف هي ما بين الفينة والأخرى تلقي بتحياتها وتهتف مع الأناشيد الحماسية التي تبثها السماعات التي أحاطت زوايا الملعب الممتد.
إضافةً إلى هؤلاء، كان المئات من ذوي شهداء بلدة بيت حانون حاضرين بقلوبهم قبل أجسادهم، مؤكدين جميعًا تمسكهم بخيار المقاومة والتفافهم حول من سيكملون درب أبنائهم من المجاهدين.
منصة المهرجان، غطّتها صورة جلدية ممتدة توسطتها عبارة "هنا زمن النصر تجلى"، فيما جاءت عبارة "أبناء الصلاح .. شمسكم لن تغيب" أسفل منها، لتكون شعار هذا المهرجان التكريمي.
وتزيّن يمين تلك المنصة، بصور أكثر من 90 شهيدًا من أبناء بلدة بيت حانون التي دمّر الاحتلال أكثر من 70% من مساحتها السكانية، فيما أنارت أسمائهم لوحةً أخرى على يسار المنصة.
وخلال المهرجان تحدث الدكتور خليل الحية عضور المكتب السياسي لحركة حماس مؤكدا بقاء يد المقاومة ضاغطة على الزناد، ولا رجوع عن خيار المقاومة حتى تحرير فلسطين.
وحيا الحية أهالي الشهداء على صبرهم وثباتهم وتقديمهم فلذات أكبادهم خلال العدوان "الاسرائيلي" على غزة.
تفاعل الجمهور وتهليله بعد كلمة الحية، التي أكّد فيها استعداد حركته لخوض أي انتخابات مُقبلة وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية، ازداد حدةّ مع إعلان عريف الحفل وصول نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور إسماعيل هنية إلى أرض المهرجان.
مع قدوم إسماعيل هنية وتلويحه للجمهور وتحيته لهم، بدأت الفقرة الأخيرة للحفل، والتي كُرّم خلالها ذوي شهداء بلدة بيت حانون، وخلالها صعدوا إلى المنصة يرفعون رؤوسهم عاليةً ويتباهون بأبنائهم بين الأمم.