أخيرا، عُقد مؤتمر إعادة الاعمار في القاهرة كما كان متفقًا عليه بعد وقف إطلاق النار خلال العدوان الأخير على القطاع بعد أن انتظر أهالي قطاع غزة أكثر من شهر.
وحضر ممثلون عن 50 دولة وأكثر من عشرين منظمة إنسانية ومؤسسة مالية، للبحث في آليات البدء في إعمار ما يقرب من 40 ألف منزل، عدا المنشآت الخاصة والحكومية الأمر الذي يحتاج لعملية إعمار بنحو 4 مليارات دولار.
انعقاد المؤتمر في القاهرة اعتبره مختصون في الشأن السياسي من باب حرص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على بقاء القضية الفلسطينية في قبضة المصريين .
في المقابل اعتبر القيادي في حركة حماس موسى أبو مرزوق أن مؤتمر الإعمار ضربة قوية لأهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سعى إلى القضاء على حكومة التوافق وإفشالها وعزل الضفة الغربية عن قطاع غزة.
الغطاء الدولي
المحلل السياسي وائل المبحوح يرى أن نجاح الإعمار معادلة صعبة لعدم ضمان اعتداء "إسرائيل" مرة أخرى، فلا يمكن للمجتمع الدولي ضمانهم، لافتا إلى أن الحالة الفلسطينية التي يشوبها الهدوء من شأنها الضغط على المجتمع الدولي و"إسرائيل" لعدم التدمير بعد الإعمار.
خلال مؤتمر الإعمار لم يلمّح السيسي في خطابه للجرائم التي ارتكبتها "إسرائيل" وعن ذلك أوضح المبحوح أنه يسعى ليثبت للجميع أن القضية الفلسطينية ملف مصري فلسطيني ، إلى جانب انه يعتبرها المفتاح الذي يمنحه الغطاء الدولي كون "إسرائيل" راضية عن أدائه فترة العدوان على غزة.
في حين اعتبر الكاتب الصحفي قطب العربي أن مؤتمر الإعمار جاء لتكريس دور النظام المصري، فالسيسي لا يهتم بتوصيات المؤتمر أو المبلغ الذي سيدفع لغزة، مؤكدا أنه يريد اعتراف الأطراف الدولية الحاضرة بنظامه الجديد وأن الملف الفلسطيني بيده ولا يمكن لأي طرف المساس به كتركيا أو قطر.
وفي سؤال طرح أمام الكاتب الصحفي حول إضافة المؤتمر للدولة الفلسطينية ورأب الصدع الفلسطيني ورفع الحصار، أجاب: "المؤتمر سيكرس الحصار، فهو إشارة لإسرائيل بأن تعتدي مرة أخرى وأنهم مستعدون للتعويض والاعمار".
وكان رئيس السلطة محمود عباس طالب خلال المؤتمر، المجتمع الدولي بتسهيل عملية إعادة اعمار قطاع غزة، داعيًا إلى ضرورة العمل على إنهاء الاحتلال وتحقيق سلام عادل وشامل للفلسطينيين.
وقال عباس في كلمة له خلال افتتاح مؤتمر الإعمار بالقاهرة، إن الخسائر الاقتصادية التي لحقت بقطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي تقارب الـ4 مليارات دولار"، مشيرًا إلى أن الحكومة وضعت خطة مفصلة لكل احتياجات القطاع.
وأكدّ أن الحكومة ستنفذ إعادة الاعمار بكل شفافية بالتعاون مع الأمم المتحدة ومؤسساتها الدولية وبالتنسيق مع القطاع الخاص والمنظمات الأهلية.
ودعا إلى تدخُّل عاجل لإعادة بناء ما دمره الاحتلال، محذرًا في الوقت نفسه من إبقاء رهان الاقتصاد الفلسطيني بالاحتلال "الإسرائيلي".
ولفت إلى أن السلطة ستواصل عملها والتنسيق مع مصر لتثبيت التهدئة القائمة، مطالبًا بحل دولي دائم ينهي الاحتلال ويقيم الدولة الفلسطينية.
عملية التدمير
وفي ذات السياق، فقد ذكر المحلل الاقتصادي معين رجب أن إعادة الإعمار مؤشر جيد لإنجاح مؤتمر المانحين في القاهرة، لكن المطلوب أن تفي الدول المانحة في تعويض وتقييم الحاجة الفلسطينية للإعمار كونها تحتاج مبالغ باهظة.
وأشار إلى أن نجاح المؤتمر مرهون بتنفيذ "إسرائيل" كونها طرف أساسي في عملية التدمير وكذلك الأمم المتحدة التي تمثل المجتمع الدولي ما زالت تواصل صمتها إزاء جرائم الاحتلال، وأيضا الطرف الفلسطيني عليه تجاوز التجاذبات السياسية للنهوض بالاقتصاد الفلسطيني.
وعن المدة الزمنية والمال المطلوب لإعادة الاعمار توقّع رجب أن تكون ما بين أربع إلى خمس سنوات وبمبلغ مالي قد يصل إلى ستة الاف مليون دولار، لاسيما بشرط فتح المعابر طيلة أيام الأسبوع.
وبمجرد انتهاء رئيس السلطة عباس من كلمته خلال المؤتمر خرج وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان ليؤكد أنه لا يمكن إعمار قطاع غزة دون التفاهم مع "إسرائيل".
أقوال ليبرمان جاءت في لقاء خاص مع موقع صحيفة "يديعوت احرونوت" ، والتي أكد فيها على وجود تفاهمات مع الولايات المتحدة حول إعمار قطاع غزة، لافتا إلى عدم وجود اشتراطات محددة من الولايات المتحدة لإسرائيل، وكذلك موقف الاحتلال ورغبته في الإعمار.
ورفض ليبرمان فكرة عدم وجود دور لإسرائيل في إعمار قطاع غزة لعدم مشاركتها في مؤتمر القاهرة، مبديا تفهمها لمواقف بعض الدول العربية من تحفظها على مشاركة "إسرائيل"، ولكنه بنفس الوقت أكد على دورهم في إعادة الإعمار والتي لا يمكن أن تتم دون التفاهم معهم.
وفي نهاية حديثه أشار إلى أن مواد البناء كافة سوف تدخل قطاع غزة من خلال المعابر مع اسرائيل، وأنها سوف تتعاون وتساهم في إعادة الأعمار في كل ما يتعلق بحياة السكان في قطاع غزة، مع ضرورة توفر رقابة كاملة على دخول المواد وكيفية استخدامها.