غطّى سماح (إسرائيل) بإدخال ثلاثة آلاف طن من مواد البناء إلى قطاع غزة، على حدث أكثر أهمية يتعلق بعدم استلام حكومة التوافق المعابر الحدودية، كما كان مقررا يوم الأحد الماضي، الأمر الذي شكّل تربة خصبة لإطلاق التفسيرات، كان أكثرها تواترا هو أن خلافات فلسطينية لا تزال قائمة بشأن هذا الملف.
وبينما نفى مسؤولون فلسطينيون وجود أي خلافات حول المعابر، إلا أن عدم حدوث أي تغيير على الطواقم العاملة في المعابر المرتبطة مع الجانب (الإسرائيلي)، يؤكد العكس، بدليل أن ترتيبات خاصة كانت تجري لعودة إشراف موظفي السلطة على المعابر، بما فيها معبر رفح البري.
كما أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس زاد الخلافات، حين أعلن خلال حديثه لإحدى الصحف المصرية، استمرار سيطرة حركة حماس على غزة.
ويعزز ذلك ما كشفت عنه صحيفة "القدس العربي" نقلا عن مصادر فلسطينية مطلعة، أن الترتيبات الخاصة بعودة إشراف موظفي السلطة على معابر غزة لم تنته بعد، وأن هناك خلافات داخلية حول هوية الموظفين "قد تطيل الأمر".
وأوردت الصحيفة أن الخلاف يؤخر عملية تسلم السلطة من جديد للمعابر، "إذ تريد حماس وموظفوها الموجدون الآن في قطاع غزة ويشرفون على المعابر أن يكونوا ضمن تشكيلة الموظفين الجدد، وألا يتم إقصاؤهم في المرحلة المقبلة، على اعتبار أنهم موظفون في السلطة".
وكان نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد محمد مصطفى، قال في تصريحات صحفية إن اتفاقا جرى بين جميع الأطراف يقضي بعودة موظفي المعابر والشؤون المدنية للعمل على معبري بيت حانون وكرم أبو سالم تطبيقا لاتفاق القاهرة، ووفقا لتفاهمات مع الجانب (الإسرائيلي)، لكن مدير هيئة المعابر والحدود بغزة، ماهر أبو صبحة، نفى ذلك، وقال إنه لم يتم إبلاغهم بالأمر.
وبين التأكيد والنفي، ربما يسأل أحدهم: (إسرائيل) أدخلت فعليا مواد بناء، فماذا يعيق تأخر تسليم المعابر؟ "الرسالة" علمت من مصادر فلسطينية موثوقة، أن دفعة مواد البناء التي دخلت غزة أمس الأول الثلاثاء (3 آلاف طن)، كانت عبارة عن "تجربة" للآلية التي أقرها مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط "روبرت سيري" بالتنسيق بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، الذي يحرص بقوة على عدم وصول مواد البناء إلى حماس، خشية استخدامها في بناء الأنفاق الأرضية.
ويلخص الإجابة، المصدر الدبلوماسي المصري رفيع المستوى الذي قال لوكالة الأناضول التركية إنه لن يتم ضخ الأموال المخصصة لإعادة إعمار غزة إلا بعد أن تتسلم حكومة التوافق مهامها و"صلاحياتها كاملة" بالقطاع، مشيرا إلى وجود تفاهم دولي وعربي لإعادة الإعمار، وبناء مستقبل الفلسطينيين، "إلا أن هناك تحفظا دوليا على وجود حماس في السلطة والمشهد السياسي الفلسطيني"، كما قال.
لكن حماس نزعت باستقبالها حكومة التوافق في غزة وإنجاح زيارتها الأولى إلى القطاع، كل الذرائع التي يمكن استغلالها لتأخير إعادة الإعمار، بما يؤكد حرصها الكبير على تدفق الدعم المادي الذي تعهدت به الدول والمنظمات المشاركة في المؤتمر الذي استضافته القاهرة الأحد الماضي، بقيمة 5.4 مليار دولار، نصفها للإعمار.
وتبدو حماس حريصة على عدم تكرار تجربة مؤتمر شرم الشيخ عقب عدوان 2008، الذي لم تلتزم فيه الدول المانحة بتعهداتها، مبررة ذلك بعدم وجود حكومة موحدة تمنح لها الأموال.
وتمنى على الحايك رئيس جمعية رجال الأعمال في غزة في حديثه مع "الرسالة" أن ينتهي الإطار السياسي بالضفة وغزة من مناقشة الخلاف حول إدارة المعابر، و"الاتفاق على ترتيبات واضحة لإنجاح التسليم"، مؤكدا أن غزة تعيش أحوالا كارثية بعد العدوان (الإسرائيلي) تتطلب "رفع الذرائع واتفاق الجميع بشأن المعابر".