"أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي ولمسة أمي"... شوق وحنان إلى حضن الأسرة الدافيء عبرت عنه المسنة "تمام" وشقيقها "محمد" المتواجدين في أحد المراكز المختصة برعاية كبار السن في غزة، على أمل العودة إلى "لمة العائلة" وأجوائها الحميمية التي يفتقدونها.
تعيش المسنة "تمام" ظروفا قاسية جراء أوضاعها الصحية الناجمة عن كسر أصابها، والاجتماعية الناجمة عن بقائها في أحد مراكز رعاية المسنين، علاوة على أجواء الخوف والرعب التي عاشتها طيلة 51 يوما من العدوان الإسرائيلي على غزة الذي أسفر عن استشهاد (102) مسنا.
قصة المسنة تمام وشقيقها محمد عرضها فيلم "لمسة وفاء" الذي أنتجته الشبكة الفلسطينية للإعلام الإنساني "أنسنة" لتعكس من خلاله واقع المسنين في قطاع غزة الذين يحتاجون رعاية خاصة تتناسب وأوضاعهم الصحية والنفسية والاجتماعية.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد حددت الأول من تشرين الأول/أكتوبر يوما دوليا للمسنين، واختارت موضوع الاحتفال لعام 2014 هو "عدم التخلي عن أي أحد: النهوض بمجتمع يصلح للجميع".
أين الوفاء؟!
أين الوفاء ترقد "تمام" داخل مركز الوفاء لرعاية المسنين بغزة وهو المركز الأول الذي يعنى برعاية وإيواء كبار السن، وإلى جانبها ثلاثة عشر مسنا واثنين وعشرين مسنة، معظمهم طريحي الفراش، "مقطوعين" من الأهل والولد، غير أن لتمام أخ أصغر تعهدته بالرعاية حتى احتاجت هي الأخرى للرعاية.
تزور "تمام" شقيقها "محمد" كلما استطعت النهوض والحركة... فالاحتلال لم يسلب محمد القدرة على الحركة فقط، بل سلب منه ومن آخرين الكثير من مقومات الحياة الخاصة التي يحتاجها المسن.
ويتناول الفيلم الذي يعد أول إنتاج وثائقي لشبكة "أنسنة" جهود بعض المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية العاملة في هذا الإطار مثل المؤسسة الدولية لرعاية كبار السن وجمعية أصدقاء المستشفيات التي تسعى حاليا إلى بناء مؤسسة متخصصة لرعاية كبار السن صحيا واجتماعيا.
وفي غرفة أخرى من مركز الوفاء بدت المسنة أم مصباح البالغة من العمر خمس وتسعين عاما، والتي قضت معظم حياتها في الأردن ترعى ولدها الذي تجاوز الآن الستين عاما، وعندما عادت لغزة احتاج كلاهما لمن يرعاه، فلم يجداها سوى في مركز الوفاء.
يستحقون الأفضل!!
وقال مخرج الفيلم محسن الإفرنجي: إن "المسنين الذين قدموا حياتهم من أجل رعاية وتربية أبنائهم يستحقون من مجتمعهم كل تقدير ورعاية لا إهمال ونسيان"، داعيا إلى مضاعفة الجهود المبذولة من الجهات الرسمية وغير الرسمية لتحسين أوضاع المسنين الفلسطينيين صحيا واجتماعيا.
وأوضح أن الفيلم يعد بمثابة "لمسة وفاء" لمن أفنوا حياتهم من أجل أبنائهم، ومحاولة أولية من شبكة "أنسنة" لتسليط الأضواء على أوضاع ومعاناة المسنين في قطاع غزة، و"قرع جرس الإنذار" للاهتمام بهم والعمل على تحسين ظروف حياتهم المعيشية.
من جانبها ذكرت كاتبة السيناريو هبة سكيك أن فيلم "لمسة وفاء" الذي يعرض جانيا إنسانيا "مهمشا" من حياة من تجاوزوا الستين وأصبح يطلق عليهم "مسنين" على أمل توفير "حياة كريمة فيما تبقى لهم من عمر".
ورغم أن الكلمات والصور لا تفي المسنين حقهم، إلا أن سكيك اعتبرتها "نافذة أمل لهم ليبقوا أحياء في قلوب مجتمعهم الذي هجرهم بعد أن كبروا".