عرقلت أحداث سيناء الأخيرة المفاوضات غير المباشرة بين الوفد الفلسطيني و"إسرائيل" في القاهرة الأمر الذي حال دون وصول أعضاء الوفد من قطاع غزة لإغلاق معبر رفح وتأجيل التباحث على تثبيت وقف اطلاق النار ومناقشة شروط المقاومة الفلسطينية التي طالبت بها عند وقف اطلاق النار في العدوان الاخير على القطاع.
مجرد الاعلان عن مقتل الجنود المصريين في سيناء سارع الاعلام المصري لاتهام قطاع غزة والزج بحماس دون اثبات التحقيقات ذلك، وعلى الرغم من تصريحات إبراهيم محلب رئيس الوزراء المصري في حديث تلفزيوني: "من الضروري ألا نستبق الأحداث ونحمل حركة حماس مسؤولية العمل الإرهابي الأخير"، مضيفا "يُفضل أن تُعلن الأشياء في توقيتها المناسب".
مختصون في الشأن السياسي أكدوا في أحاديث منفصلة لـ"الرسالة نت"، أن النظام المصري جعل قطاع غزة وحماس شماعة يعلق عليها فشله في إدارة شؤون البلاد الداخلية، مشيرين إلى أنه في حال استمر الوضع قائم كما هو عليه سينفجر الغزيين بوجه الاحتلال.
القطاع رهينة
أحمد سعيد المختص في الشأن الاسرائيلي، يرى أن الجميع يعمل لإنجاح المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل ، متوقعا أنه في ظل الاحداث الساخنة بمصر ستتجه الأوضاع نحو الأفضل، كونه سيحدث تدخلات في اللحظة الأخيرة لإنجاحها رغم أن لا شيء تغير على أرض الواقع.
ومن السيناريوهات المتوقعة أيضا في حال بقي الحال كما هو، ستزداد مأساة المواطنين في قطاع غزة لاسيما بعد 51 يوما من العدوان وتدمير البنية التحتية وعدم ادخال مواد البناء لإصلاحها، وذلك وفق قول هاني البسوس أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الاسلامية.
ويؤكد البسوس أن تعثر المفاوضات يعني بقاء الحصار ومضاعفته في قطاع غزة وكذلك حدوث انفجار بوجه الاحتلال خلال فترة ليست بعيدة.
المفاوضات غير المباشرة كان يتطلع إليها الفلسطينيين بترقب للاطلاع على ما ستؤول إليه نتائجها، إلا أن حادث سيناء حال دون ذلك.
وكما المعتاد بات قطاع غزة رهينة للأزمات المصرية الداخلية، كل حادث أمني يحل بها يسارع اعلامهم باتهام القطاع وحركة حماس، وهو ما يدفع للتساؤل إلى متى ستبقى غزة رهينة الاحداث المصرية الداخلية؟
وفي هذا الاطار يؤكد البسوس أن النظام المصري يلقي فشله تجاه شعبه على قطاع غزة ، لذا ستبقى غزة شماعة لفشله إلى أن تحل المشاكل المصرية، وتوصل أطراف التفاوض إلى بناء ميناء ومطار للغزيين".
بدوره، المحلل سعيد لم يذهب بعيدا، حيث اتفق مع سابقه بالرأي، مبينا أن الموقف المصري لا يليق بتاريخهم، ومن المفترض وجود خطوة ايجابية، كما يفترض على المقاومة التمسك ببرنامجها وشروطها السياسية من خلال بناء المطار لتحقيق الاستقلالية لقطاع غزة .
الخروقات الإسرائيلية
بعد وقف إطلاق النار وانتهاء العدوان، يطلق جنود الاحتلال من حين لآخر بعض القذائف على القطاع، ما ينذر بحلقة جديدة من العنف في المنطقة.
من ناحيته، قال خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الاسلامي: "إذا استمرت إسرائيل في الخروقات تجاه قطاع غزة، والتذرع بعدم فتح المعابر فإنها تعرض اتفاق وقف إطلاق النار للخطر، وهي المسؤولة عنه، وربما يتطور لفعل ورد فعل".
ومن شروط المقاومة الفلسطينية التي كانت قيد الدراسة في مفاوضات التهدئة، إنشاء ميناء بحري يفتح غزة على العالم الخارجي، وإعادة بناء مطار غزة الدولي، وتصر المقاومة عليهما لأنها حق من حقوق الشعب الفلسطيني.
ومن حين لآخر يخرج قادة الاحتلال يهددون بجهوزيتهم لعدوان جديد، وتعقيبا على ذلك ذكر المختص سعيد أن "إسرائيل" لن تجرؤ على خوض عدوان جديد في الوقت الحالي كونها دفعت الثمن ودخلت في أزمات اقتصادية طيلة العدوان الأخير على القطاع دون تحقيق أهدافها.
وأكد أن ما يدعيه قادة الاحتلال مجرد تهديدات وفرض عضلات لكنهم باتوا يدركون أن غزة لم تعد الحلقة الأضعف كما السابق ، بينما حماس وفصائل المقاومة ما زالوا ملتزمين بوقف اطلاق النار، إلا أنهم قادرون على تصدي الغدر الاسرائيلي حال وقوعه.
ويختلف معه البسوس حيث يرى أن المؤشرات تدلل على مواجهة جديدة لكنها تحتاج لوقت ليس بعيد كون الانتخابات الاسرائيلية بداية العام ولن يسبقها في الوقت الحالي أي تصعيد.
وكان من المقرر أن تستأنف جولة المفاوضات غير المباشرة بشأن وقف إطلاق النار بين الجانب الفلسطيني والإسرائيلي في القاهرة نهاية الشهر الماضي، إلا أن أحداث سيناء حالت دون ذلك، وجرى تأجيل الجولة إلى وقت لاحق لم يحدد بعد.