قائمة الموقع

كيف أضرّ ارتفاع سعر الدولار بالاقتصاد الفلسطيني؟

2014-11-03T17:40:16+02:00
(صورة من الأرشيف)
غزة - أحمد أبو قمر

تضرر الاقتصاد الفلسطيني من الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار مقابل عملة الشيكل بسبب ما تمثّله العملة الأمريكية من محور رئيسي في التعاملات اليومية للفلسطينيين.

وسيشهد على إثر ارتفاع سعر صرف الدولار ارتفاع تلقائي لأسعار السلع المستوردة من الخارج، الأمر الذي ينعكس سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين في غزة، حيث أن معظم السلع الواردة يتم التعامل معها بالعملة الأمريكية قبل بيعها للمستهلكين بعملة الشيكل (الإسرائيلية).

وتجدر الاشارة إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يعاني أساسًا من عدم وجود عملة فلسطينية وتعامل الفلسطينيين بثلاث عملات رئيسية (شيكل- دولار - دينار) مما يفقد هذه العملات الكثير من قيمتها على ضوء التذبذب في اسعار صرفها.

ارتفاع الدولار مستمر

ومن جهته قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة الدكتور معين رجب، إن ارتفاع أسعار السلع في السوق الفلسطينية مرتبط بأمرين: الأول سلع إنتاجية محلية خاماتها غير مستوردة من الخارج وبالتالي لا علاقة لها بالدولار وهذه لن تتأثر أسعارها بسعر صرف العملة الخضراء.

وأضاف رجب أن الأمر الثاني وهو سلع مستوردة يشتريها التجار بالدولار فهذا ينطبق على الواردات من السلع الأمريكية التي إذا تم استيراد أصناف مختلفة منها سواء كانت مواد غذائية أو ألبسة أو غير ذلك، ففي هذه الحالة وفي ظل ارتفاع أسعار صرف الدولار فسيلجأ التاجر لزيادة التكلفة المرتبطة بالشيكل على المستهلك المحلي.

وبيّن أن هذه الزيادة انعكست على أسعار السلع المستوردة بالدولار ومن ثم بيعها للمواطنين في غزة بالشيكل فحينها سيكون المستورد "التاجر" مخيّرا بين أن يتحمل هذا الفرق ويكون تأثير ذلك قليل عليه أو أنه مضطر بأن يرفع السعر لتعويض الفارق لأن التكلفة زادت عنده.

ونوّه رجب إلى أن التاجر إذا شعر أن المشتري تأثر بارتفاع السعر فإنه سيضطر أن يحدد السلعة إلى مستوى معين من السعر، أما إذا شعر أن المستهلك بإمكانه أن يتحمل فقد يرفع السعر.

ووفق رجب فإن ارتفاع سعر صرف الدولار جاء نتيجة تحسن نسبي في الاقتصاد الأمريكي وتراجع الاقتصاد (الإسرائيلي) نظرا لتأثير الحرب الأخيرة على غزة على بعض القطاعات في (إسرائيل) كالسياحة وتأثّر صادرات المستوطنات وتعويض الحكومة المتضررين في غلاف غزة.

وقال: "إذا بقي الوضع في اسرائيل منكمشا فهذا سيضعف الشيكل، كما إذا استمر تحسن الأداء الأمريكي خاصة أنه بدء في التعافي من الأزمة المالية العالمية التي حدثت قبل عدة سنوات وانخفاض النفقات العسكرية في حربي العراق وأفغانستان فسيرتفع سعر صرف الدولار إلى مستوى أعلى".

ولا يتوقع المختص في الشأن الاقتصادي استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار إلى مدى بعيد, لأسباب كثيرة تجعل الولايات المتحدة غير متشجعة لاستمرار ارتفاع عملتها الخضراء حيث تتراكم عليها ديون ببلايين الدولارات ومن مصلحتها أن يكون سعر صرف الدولار منخفضا نسبيًا حتى تتناقص قيمة ديونها، كما أن ارتفاع الدولار ينعكس على حجم الطلب "الواردات" فيتقلص حجمها وهذا له نتائج سلبية على الاقتصاد الأمريكي.

وأظهرت بيانات وأرقام صادرة عن مكتب الإحصاء المركزي (الإسرائيلي)، وبنك إسرائيل، تراجعا في نسب التضخم خلال أيلول/ سبتمبر الماضي، استمرارا للانخفاض الذي بدأ في الشهر السابق عليه.

وبحسب التقرير، الذي صدر الجمعة الماضية، فقد تراجعت نسب التضخم خلال شهر أكتوبر الماضي، بنسبة 0.3%، بينما تراجعت في سبتمبر/ أيلول السابق بنسبة 0.1%.

ووصف الإحصاء التراجع في نسب التضخم بالمفاجأة، ما يعني أن مزيدا من الانكماش طرأ على الاقتصاد (الإسرائيلي)، في أعقاب أرقام النمو الاقتصادي المتراجعة، والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

بين مستفيد ومتضرر

وعن تأثير ارتفاع صرف الدولار في فلسطين رأى المتخصص في الشأن الاقتصادي أمين أبو عيشة أن المتعاملون بالدولار الأمريكي سيستفيدون بشكل عام، فوفقا لآخر الإحصاءات فإن حوالي 25% من موظفي القطاع الخاص والأهلي والمؤسسات الأجنبية يتلقون رواتبهم بالدولار الأمريكي.

وقال أبو عيشة: "كما أن السلطة الفلسطينية ستستفيد من الارتفاع نتيجة لتلقيها المنح والهبات والمساعدات بالعملة الخضراء".

وأوضح أن المتضررين من ارتفاع صرف الدولار هم المتعاملون بعملة الشيكل وتحديدًا موظفو سلطة رام الله والتجار المحليين الذين يفتحون مراكز بيعيّة بالشيكل.

ومن ضمن المتضررين بنك إسرائيل الذي أقرّ موازنة عامة بمبلغ 328 مليار شيكل وموازنة وزارة الدفاع 15 مليار شيكل.

ويذكر أنه خلال عدوان غزة تدخل بنك (اسرائيل) بائعا للدولار للحد من الارتفاع (عمليات السوق المفتوحة) وهي جزء من السياسية النقدية  -وبذلك حقق وزير المالية مائير لابيد مبتغاة حين نفّذ قراره القاضي بعدم زيادة الضرائب ورسوم الخدمات الاجتماعية- وبالتالي فضّل التمويل بالعجز للموازنة العامة، وهو شيء لم تفضله لجنة إقرار السياسة المالية بالبنك ولا حتى كورنيت فلوج المحافظة الحالية للبنك.

ولفت أبو عيشة إلى أن (إسرائيل) منقسمة إلى مجموعتين من المصالح الأولي المصدريين والصناعيين ويريدون الشيكل ضعيفا أمام الدولار، والثانية هم العمال والموظفين والمستوردين الذين يرغبون بأسعار قليلة للشراء من الخارج.

وتكمن المشكلة الرئيسية في الشيكل أن قرار خفض نسبة الفائدة خلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/آب من العام الجاري، من 0.75% إلى 0.5% ومن ثم إلى 0.25%، لم يحقق الهدف منه، وهو تحريك عجلة الاقتصاد بل إن المشكلة تفاقمت".

التعامل بعدة عملات

وفيما يتعلق بتعامل فلسطين مع عملات رئيسية ثلاث (شيكل- دولار- دينار) فإن تاريخ استخدامها يرجع إلي برتوكول باريس الاقتصادي الموقع عام 1994 بين منظمة التحرير الفلسطينية والجانب (الاسرائيلي)، الذي عالج ضمن فقراته المسائل النقدية المتعلقة في تنظيم النشاط النقدي والمصرفي وبموجبه التزمت السلطة بقبول الشيكل (الاسرائيلي) في التعامل على المستويات الرسمية وغير الرسمية.

وفي هذا السياق قال رجب: "يأتي استخدام الدولار الأمريكي باعتبار أن الفلسطينيين يعتمدون على الدول المانحة في المقام الأول إلى جانب تعاملهم مع المؤسسات المالية والنقدية الدولية كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي لاعتبار الدولار الأمريكي أهم عملة دولية منذ الحرب العالمية الثانية لغاية الوقت الحالي".

وأكد أن التعامل بالدينار الأردني جاء لأن الضفة الغربية كانت جزءً من المملكة الأردنية الهاشمية ومن ثم فإن الدينار كان العملة المستخدمة وبقيت حتى الآن.

وأوضح رجب إلى أنه في ظل غياب عملة وطنية واستخدام عدة عملات بديلة فإن السلطة ممثلة بسلطة النقد تصبح عاجزة عن التأثير في العملات الأخرى غير الوطنية، فهي لا تملك أي مقومات للتأثير على الشيكل باعتبار أن وضع السياسة النقدية منوط بـ(اسرائيل).

اخبار ذات صلة