قائمة الموقع

قضية غرقى "قارب الموت" تغوص إلى الأعماق

2014-11-10T14:49:04+02:00
صورة من الأرشيف
الرسالة نت – معاذ مقداد

"أمٌ تدعوا في غسق الليل، وشقيقٌ يبحث في كل أصقاع الأرض عن معلومة!، وذاك الأبُ يُلملم جراحه ويكبت دموعه على أمل اللقاء"، كل تلك المشاهد تبدو في بيوت الغزيين الذين فقدوا أبناءهم وأحبابهم في ظُلمات البحر منذ شهرين.

عشرات العائلات الفلسطينية لا تزال تبكي دمًا وألمًا على أبنائهم –غرقى المركب قبالة الاسكندرية-، فلا تعلم هل هناك أثرٌ لأجسادهم، وهل يبقى بصيصٌ من الأمل بعودتهم من قاع البحر، بعد مرور ما يقرب الشهرين على مأساة "قوارب الموت".

أكثر من 400 مهاجر _أكثرهم فلسطينيين_ أُغرِقوا أوائل شهر سبتمبر الماضي في أكبر عملية قتل جماعي في البحار، أثناء توجههم نحو أوروبا قبالة ساحل الإسكندرية بمصر، فيما غرِق مركب آخر قبالة سواحل إيطاليا آنذاك.

 الآمال موجودة

السلطة الفلسطينية ومؤسساتها لم تُعطِ القضية حقّها، وتركت ذوي العشرات من المفقودين في حيرة من أمرهم.

محمد حمّاد شقيق الشاب الوسيم "ساجد"، يقول إن آمالهم ما زالت موجودة، بسماع أخبار قد تحمل الفرح لقلوبهم، عن من فُقِدوا في البحار.

لكن محمد يتساءل، "حد مدوّر علينا؟!، نحن معزولون عن أيّ تواصل"، فالمؤسسات الحقوقية والمختصة لم تنطق ببنت شفة، إلا بتفاصيل عمّا حصل، دون معلومات واضحة عن مصير المفقودين، فيما لم يُعلن رسميًا عن كونهم فارقوا الحياة أم أنهم ناجون في إحدى الدول يتلقون الرعاية هناك؟.

ووسط تلك الضبابية الكبيرة التي جعلت ذوي المفقودين في حيرة من أمرهم وتساؤلات مستمرة عن مصير أبنائهم، فإن المجال بات مفتوحًا أمامهم للبوح عمّا يريدون معرفته عبر فعالياتهم ووقفاتهم الاحتجاجية.

رحاب اسماعيل العضو في لجنة أهالي المفقودين ووالدة أحدهم قالت لـ "الرسالة نت"، إنهم عاكفون على تنظيم فعاليات لتسليط الضوء على قضيتهم ومعرفة مصير جميع من كانوا على متن تلك القوارب.

السلطة الفلسطينية بمؤسساتها ردت على ذوي المفقودين بأن هناك محتجزين في مصر ودول أخرى، غير أنها لم تُدل بتفاصيل أوضح عن مصير مجموع الغرقى.

وقالت لجنة أهالي المفقودين في بيان لها، إنهم لم يتلقوا أيّ رد نهائي عن مصير المفقودين، بعد الاتصالات والفعاليات التي طرقت كل الأبواء بدأً من رئيس السلطة محمود عباس والامم المتحدة وحتى كافة المؤسسات الدولية، "وما زال الباب مفتوح أمام كل الاحتمالات".

واعتبر الأهالي أن التباطؤ الشديد وعدم الاهتمام لمطالبهم من جميع المسؤولين، مع مرور أكثر من شهرين على الفاجعة أنه "نكبةٌ حقيقية جديدة".

لكنّ العائلات الغزيّة تركت لقلوب صغارها وكبارها الدعاء في كل حين أن يُطمئن الله قلوبهم ولو بخبرٍ واحدٍ مُفرح، يعيد لتلك البيوت الحياة، ويُطلُّ من بين ظلمات البحار، مركب النجاة ليرسوا على أبوابهم.

مصير مجهول

المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من جهته، قال إنه لم يتم التوصل إلى أيّ معلومات جديدة بشأن الغرقى في مراكب الهجرة عبر البحر، والتي انطلقت في سبتمبر الماضي وتعرضت للإغراق المُتعمد.

وقال الدكتور رامي عبده مدير مكتب المرصد في غزة لـ "الرسالة نت"، إن الناجين المُعلن عنهم 11 ناجٍ فقط من بينهم ثمانِ فلسطينيين، بحادث غرق المركب في العاشر من سبتمبر.

وكان المرصد دعا إلى ضرورة فتح تحقيق يتناول الانتهاكات كافة التي تخللتها جريمة إغراق قارب المهاجرين الذي يُقلُ على متنه فلسطينيين.

وبعد تلك الأحداث والتصريحات المتتابعة، يبدو جليًّا أن الغرقى قد راحوا ضحية اوضاع صعبة في بلادهم، إلى جانب تقصير واضح من الجهات الدولية المسئولة عن حياة المواطنين، بحسب ذوي المفقودين.

وكانت صحيفة ’’لو بوة’’ الفرنسية قالت نهاية أكتوبر، إن وزارة الخارجية الفرنسية ستوقف عمليات البحث والانقاذ بحق من يحاولون الوصول إلى أوروبا من البحر الأبيض المتوسط بشكل "غير شرعي".

واعتبرت وزيرة الخارجية "جويس انالي"، أن عمليات الانقاذ تشكل عامل جذب وتدفع بالمزيد من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من البحر، فيما قتل 3072 مهاجر حاولوا عبور البحر المتوسط منذ بداية هذا العام.

"الرسالة نت" عمدَت إلى تسليط الضوء نحو القضية علّ أحدًا يبحث من جديد عن مصير هؤلاء الغرقى ويُنقِذُ قلوب ذويهم التي تمزقت من آهات الحسرة.

إذن فآمال العائلات الغزية التي فقدت أبناءها في عرض البحر ما زالت على قيد الحياة، لكن سفينة الحياة الحقيقية لم تُلقِ بعد مرساها في بحر غزة لتنبأهم بمصير "الأحباب المفقودين".

اخبار ذات صلة
طائرة تغطس تحت الأعماق
2011-02-06T17:32:00+02:00