لم أصدق حينما قيل أن الرئيس عباس أرسل ببرقية شكر وتقدير وتأييد وتعظيم للإعلامي المصري التافه توفيق عكاشة، وظننتها نوعا من الأخبار والإشاعات التي تهدف للسخرية من الرئيس محمود عباس والتقليل من شأنه نكاية به، إلا أنه تبين لي عكس ذلك، فالخبر صحيح ودقيق والرسالة صيغت ووقعت باسمه ونشرت بشكل رسمي.
توفيق عكاشة شخصية إعلامية مصرية كاركتورية مثيرة للضحك وتدل على العباطة والبله، وهو نجم البرامج الساخرة والنكات في الشارع العربي والمصري لما يُوفر من مادة سخرية واسعة ومتجددة، كما أنه منبوذ لتفاهته حتى من النظام المصري نفسه، فنقيب الصحفيين لا يعترف به صحفيا والرئيس السيسي لم يجرؤ أن يدعوه للقاءاته الإعلامية إبان وبعد حملته الانتخابية، خشية الاقتران به وتخوفا من الاساءة لسمعة حملته، ومع هذا أبو مازن معجب به ويتابعه ويشكره ليضع علامات استفهام ويفتح النقاش حول أهلية الرئيس من عدمها.
بالتأكيد هو اقترب من الثمانين عاما وهو عمر يبدأ الشخص فيه بالشطط وفقدان السيطرة على تصرفاته وحديثه، وتقل قدرته على التمييز بين ما ينفع ويضر، وتبدأ مسلكياته تتجه لعدم المسؤولية، وهذا ما يظهر من أعراض على أبو مازن والدليل بالإضافة لتلك الرسالة العكاشية خطاباته المتكررة التي تشبه طريقة ومنطق وأسلوب توفيق عكاشة، والسؤال أين مستشاروه وإعلامه ورجاله ليوقفوه عند هذا الحد أو يتحايلوا عليه ليصمت ويغيب عن الأضواء التي تفضح كنه ومستوى الرجل؟!
خطاب الرئيس عباس في ذكرى ياسر عرفات مثال حي لما وصل إليه الرئيس على المستويين السياسي والشخصي، فهو تملص من طريقة وخط ياسر عرفات بالكلية، وهو انقلاب ونكوص عن المصالحة الفلسطينية، ويحمل جرعات توتير للساحة الوطنية في وقت تحتاج للوحدة ومواجهة الهجمة الصهيونية المركزة على القدس والضفة الغربية.
ومن الغريب أن الرئيس يتحدث برقة ونعومة ولطافة مع نتنياهو والاحتلال (الاسرائيلي) ونجده متنمرا مستوحشا على شعبه وقطاع غزة، كما ان فيه نظرة عيون جاحظة غير مريحة وتعبيرات وجه مشدودة لحظة التطرق للمصالحة تدل على انه مغصوب عليها كأنها سم يتجرعه، بعكس تهاليل وجهه حينما يخاطب الاحتلال (الاسرائيلي).
طريقة وإصرار اتهام حركة حماس بالتفجيرات الشكلية دليل واضح عن نية الرئيس المبيتة للنكوص عن المصالحة والتخلي عن مسؤولياته ولهذا يرفض الرئيس أي تحقيق لأن التهمة جاهزة حتى ولو من غير شهود.
يتضح أن الرئيس يحمل مجموعة أهداف وراء اتهاماته هذه أولها التنصل من المصالحة والتزاماته تجاه قطاع غزة، كما أنه يريد حرف بوصلة المواجهة في القدس بعد غليان الشارع وتململ الشباب وتنفيذ مجموعة من العمليات الثورية الارتجالية فالرئيس كما هو معروف ضد الثورة ابتداء وانتهاء.
كما يحرص الرئيس في ذكرى مقتل عرفات على توتير الساحة وإشغالها عن السؤال الصعب من الذي قتل عرفات؟! والسؤال الأصعب ما مدى حرص الرئيس وجديته على كشف سر اغتيال أبو عمار؟! ولماذا تم عزل وطرد ابو مازن من قبل الرئيس عرفات ومن ثم نفيه وإبعاده عن المقاطعة قبيل التخلص من عرفات بأسابيع؟!