قالت صحيفة "التايمز" إن نظام بشار الأسد يستخدم غاز الكلور ضد مقاتلي المعارضة السورية.
وفي تقرير أعده كل من لوسيندا سميث وتوم كوغلان قالا فيه إن "أول إشارة عن الهجوم بغاز الكلور هو الصمت، فيراقب ماجد خالد عبر منظاره القنابل المتفجرة وهي تسقط من الطائرة المروحية، ويحضر نفسه للانفجار، يخلع خوذته ويركض نحو مشهد الحادث، فعملية البحث والإنقاذ التي يقوم بها أفراد وحدات الدفاع المدني التي تعمل في كل مناطق المعارضة تتطلب الركض في الشوارع".
ويوضحان أن طواقم الطوارئ والإسعاف، التي تعمل في مناطق المعارضة، تعودت على الإسراع في الشوارع التي يقوم النظام بقصفها بالبراميل المتفجرة المملوءة بالمتفجرات والشضايا الصدئة.
ويستدرك التقرير بأن هذه المرة لم يكن هناك انفجار، ومع هذا وعلى بعد ميل من سقوط القذيفة اشتم خالد رائحة قوية، ويقول: "نستطيع أن نشتم رائحة الكلور في الهواء بسرعة، وأصبحت قوية بسرعة، وعانينا كلنا من مشاكل في التنفس". وظهرت على المصابين علامات تعرض لكيماويات "عيون حمراء وسائل يخرج من الأنف وشفاه حمراء، وبعضهم كان يشعر بالاختناق، ومن كان تأثره أكبر فقد الوعي. وعانى خمسة من إصابة شديدة، لم يتمكن معها الأطباء الميدانيون من مساعدتهم، واضطروا لنقلهم إلى تركيا للعلاج التخصصي".
وتشير الصحيفة إلى أن الحكومة السورية وقّعت في تشرين الأول/ أكتوبر 2013 اتفاقية الأسلحة الكيماوية، ووعدت بالتخلص من ترسانتها الكيماوية، تحت تهديد التدخل العسكري الدولي، ذلك بعد أن قتل 1500 شخص في دمشق بغاز السيرين.
وقد أبرزت "التايمز" أدلة دامغة على أن نظام الأسد هو من شن الهجوم الكيماوي على شعبه في نيسان/ أبريل 2013. وتظهر سجلات وحدات الدفاع المدني، التي تؤكد أنها غير منحازة سياسيا، أنه بالرغم من وعود الأسد إلا أنه تم استخدام أسلحة كيماوية بدائية بانتظام.
وبحسب السجلات التي رأتها "التايمز" فإن هناك ما لا يقل عن 14 هجوما كيماويا منذ نيسان/ أبريل من هذا العام، وقد وقع الهجوم الذي وصفه ماجد خالد في قرية الجانودية في إدلب، شمال غرب سوريا في أيلول/ سبتمبر، كما حصل هجوم مماثل على حليفة بتاريخ 23 تشرين الأول/ أكتوبر.
ويجد الكاتبان أنه لا يمكن لأحد القيام بهذه الهجمات سوى النظام السوري، فلا يملك أي فصيل طائرات الهيلوكوبتر، كما أن البراميل المتفجرة دخلت في قائمة الأسلحة التي استخدمها النظام بانتظام خلال العام الماضي.
ويذكر التقرير أنه بحسب تقارير وحدات الدفاع المدني فقد قتل ثلاثة أشخاص على الأقل، وأصيب أكثر من 300 آخرين في هجمات بغاز الكلور منذ أبريل. ولعدم وجود الكمامات الخاصة واستمرار القتال فإن طواقم الدفاع المدني لم تستطيع الوصول إلى ثمانية مواقع استهدفت بتلك الهجمات، ما يرشح عدد ضحايا الهجمات ليكون أعلى مما ذكر.
وتورد الصحيفة تأكيد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يعتمد على شبكة مصادر عريضة في سوريا، وقوع هجوم كيماوي هذا الأسبوع، وذكر أن المستهدف في الهجوم بقنابل الكلور، الذي وقع يوم الأحد، كان عناصر تنظيم الدولة الإسلامية خلال مهاجمتهم لمطار دير الزير العسكري.
ويضيف التقرير أن هجوما آخر غير مؤكد قيل إنه حدث في جنوب سوريا في منطقة الشيخ مسكين في درعا، التي وقعت بأيدي الثوار في اليوم السابق.
وينقل التقرير عن هيميش دي بريتون غوردون، القائد السابق لفوج الحرب الكيماوية في الجيش البريطاني ومدير شركة أفون بروتكشن، التي تدرب المعارضين السوريين على التعامل مع الهجمات الكيماوية، قوله: "هذا يحصل دائما .. فالنظام لا يظن أن المجتمع الدولي سيفعل أي شيء حيال هذا؛ لأنه منشغل في حربه على (داعش)، ولغاز الكلور مفعول استراتيجي قوي، فالناس على الأرض يعدونه سلاحا كيماويا، ويتصرفون على هذا الأساس، مع أنه في الواقع ليس على درجة عالية من السّمّيّة".
ويرى الكاتبان أنه مع عدم وجود الكلور في قائمة الأسلحة الكيماوية المحظورة، إلا أن استخدامه ضد المدنيين يعد خرقا للقانون الدولي.
وتفيد الصحيفة أن تقريرا لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أشار قبل ثلاثة أشهر إلى استخدام مادة كيماوية سامة، غالبا ما تكون الكلور، بشكل مقصود ومتكرر في مناطق المعارضة شمال سوريا، ولكن التقرير لم يذكر من المسؤول عن استخدام هذه المادة.
وتلفت "التايمز" إلى أنه في تقرير لهيومان رايتس ووتش قالت المنظمة إن هناك "أدلة قوية" تشير إلى أن القوات الحكومية ألقت قنابل غاز الكلور على ثلاث بلدات شمال سوريا في نيسان/ أبريل من هذا العام، وطلبت من مجلس الأمن أن يحيل سوريا إلى محكمة الجنايات الدولية.
وتختم الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن قرية كفر زيتا في محافظة حماة شمال سوريا وقعت ضحية لهذه الهجمات ما لا يقل عن ست مرات منذ نيسان/ أبريل. ففي أكبر هجمة في 28 آب/ أغسطس أصيب أكثر من 60 شخصا، أكثرهم من الأطفال في هجوم ببرميل يحتوي على الكلور.
التايمز: الأسد يمطر المدنيين بقنابل الكلور
دمشق - الرسالة نت