تحيي حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في هذه الأيام ذكرى انطلاقتها السابعة والعشرين، على وقع انتصار معركة العصف المأكول وقدرتها على الاحتفاظ بلقب الصدارة في مواجهة العدوان ومقاومة الاحتلال للعام السابع والعشرين على التوالي منذ انطلاقتها عام 1987م.
حماس عزفت عن تنظيم مهرجان مركزي لها للعام الثاني للتوالي، تعبيرًا عما أسمته بالتزامها الأخلاقي تجاه أبناء شعبها وأهالي الشهداء الذين دمرت منازلهم وبيوتهم خلال العدوان الأخير، غير أنها آثرت الاحتفاء بذكرى انطلاقتها عبر مسيرات جماهيرية حاشدة في قطاع غزة.
عضو المكتب السياسي لحركة حماس فتحي حماد اعتبر أن هذه المسيرات بمنزلة دليل على فشل سياسة حصار غزة، وهي دعوة لتصعيد المقاومة في الضفة المحتلة.
حركة حماس التي تحيي ذكرى انطلاقتها في القطاع، تعذر عليها أن تفعل ذلك في الضفة المحتلة، بفعل تصاعد الاعتقالات السياسية فيها والتي طالت لهذه اللحظة ما يزيد عن 1500 شخص من كوادر وأنصار الحركة في الضفة.
وتأتي هذه الاحتفالات في الوقت الذي تحتفظ به الحركة بصندوق أسود فيه كنز من الأسرار والمفاجآت التي حققتها خلال مواجهتها للعدوان الأخير على القطاع.
وقد أظهرت الحركة المزيد من الإنجازات العسكرية خلال المواجهة التي استمرت لمدة 51 يومًا، وفي مقدمتها مفاجآت نوعية في العمل العسكري وصفت بـ"التحول الاستراتيجي" في عمل المقاومة على مدار سنوات المواجهة مع الاحتلال.
وتمكن مقاتلو الحركة من مباغتة جنود الاحتلال وقتلهم من مسافة صفر خلف خطوط العدو، فيما رصدت كاميرات مقاوميها لأول مرة عملية اقتحام نوعية يستجدي فيها وحدات النخبة الإسرائيلية رجال القسام.
واستطاع مجاهدوها تصفية أقوى وحدات النخبة العسكرية الإسرائيلية المسماة بـوحدة "جولاني" وفتكت بالعديد من قيادة هذه الوحدة وأسرت جنديًا منها وهو شاؤول آرون.
ولأول مرة في تاريخ الصراع، نجحت حماس في اختراق منظومة الحدود البحرية للاحتلال في عملية زيكيم، واستطاعت أيضًا تعطيل مطار بن غوريون الذي اعتبر بمنزلة اختراق أمني وعسكري نوعي في تاريخ المقاومة.
فيما اعتبر الخبير والمختص الأمني صفوت الزيات، عملية زيكيم بأنها الأخطر في تاريخ الصراع مع الاحتلال والأهم في جولات المواجهة معه.
وأقر الاحتلال بصعوبة المواجهة والتي وصف بعض العمليات التي تمت فيها وتحديدًا عمليات شمال وشرق القطاع بأنها الأخطر والاعنف في تاريخ المواجهة.
واضطرت قيادة الاحتلال الاعتراف بشجاعة وبسالة المقاومين، حيث قال موشيه يعالون وزير الدفاع الإسرائيلي، إن جيشه واجه قوات منظمة وقادرة على الفعل والمباغتة على عكس تقديرات منظومة الاستخبارات والأمن الإسرائيليين.
وأقرّ الاحتلال بفشله في اختراق المنظومة الأمنية والعسكرية للمقاومة، وهو تحد جديد فرضته حماس في مواجهتها مع الاحتلال.
وبرغم اغتيال ثلاثة من قيادة المجلس العسكري جنوب قطاع غزة محمد أبو شمالة ورائد العطار ومحمد برهوم، إلّا أن القسام سرعان ما أعلن تمكنه من إعادة هيكلة مجلسه العسكري واعتماده على إيجاد البديل الذي يتولى المهمة ويكمل المسيرة.
وبحسب المراقبين، فإن هذه المعركة زادت من رصيد الحركة وشعبيتها على كافة الأصعدة، وسجلّت اختراقًا سياسيًا للحركة في علاقاتها مع عدد من الأطراف المختلفة.
وقد نجحت الحركة في تذويب جليد الخلاف بينها وبين إيران مؤخرًا، بعد زيارة مكتبها السياسي.
وعلى مستوى ادائها السياسي، تخلت حماس عن موقع ادارتها للحكم في غزة بداية العام الجاري، بعد توقيع اتفاق الشاطئ الذي أدى لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وبرغم المرونة الكبيرة التي أبدتها حماس، إلّا أنها ما زالت حتى اللحظة تواجه صعوبات في المصالحة مع حركة فتح بفعل تعنت رئيسها محمود عباس.