لقد صنعت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس قيمة لـ "الصفر" وجعلته يتربع على عرش الأرقام، حين قدرته غرب غزة، ومنحته قيمة في شمالها، ورفعت من شأنه شرقًا، وساندته في الجنوب، خلال الحرب الأخيرة على القطاع.
وطفت قيمة الصفر على السطح بداية، حين قفز أربعة قساميين من بين ثنايا أمواج المتوسط، وتحديدا قبالة شواطئ قاعدة زيكيم العسكرية (الإسرائيلية)، وخاضوا اشتباكا تخطى ساعتين، ومنح الصفر قيمة حين اعتلى أحد القساميين الأربعة ظهر آلية عسكرية" مركافاه" ووضع عليها قنبلة موقوتة لتعطبها، وقد برز ذلك واضحا عبر الفيديو المتداول على الشبكة العنكبوتية.
وكشف الفيديو الذي بث قبل يومين، زيف الادعاء (الإسرائيلي) بأن منفذي العملية قتلوا فور خروجهم من البحر، فيما كانوا قد اقتحموا القاعدة ونفذوا هجومهم.
أولئك الضفادع البشرية أو وحدة "الكوماندوز"، حكاية يخلدها التاريخ، خصوصا وأنهم كانوا قد اجتازوا وهم صيام مئات الأمتار محملين بالعتاد تحت المياه قبل أن يثخنوا في عدوهم من مسافة الصفر ويصعدوا إلى العلياء بعد قصفهم بالقذائف العشوائية.
ومن الشاطئ غربًا ننتقل لبضعة كيلومترات وصولًا إلى أقصى الشمال. نتمعن في الكلمات الأخيرة المصورة لبعض شهداء منفذي عملية إيرز البطولية موقع الـ 16، في ذلك النفق المظلم قبل التنفيذ، كـ سلام المدهون وبشير ريان ومحمد حولية. فربما يكون الصمت أبلغ من قسوة اللغة.
فرغم العرق الذي تصبب من جباههم والأصوات المنهكة التي أخرجتها أفواههم، إلا أن المقاتلين خاضوا اشتباكا مسلحا مع وحدة خاصة (إسرائيلية)، وأجهزوا على6 جنود من مسافة صفر وعلى رأسهم ضابط كبير هو قائد كتيبة غيفن (الإسرائيلية). حسب ما أعلن عنه إعلام العدو بجانب بيان القسام.
وعند انسحاب المنفذين خانتهم القوة الجوية التي يتمتع بها الاحتلال، ليرتقي عشرة شهداء وفق ما أعلنت كتائب القسام.
هؤلاء الشهداء العشرة أعطوا قيمة للصفر بعد تلك العملية، حين وصفها محللون عسكريون (إسرائيليون) بـ "العلقم"، لأثرها البليغ الذي ألحقه القساميون بعدوهم.
شرقًا، حيث "مجزرة الفجر" الشجاعية وبالتحديد موقع ناحل عوز العسكري، كان هناك المشهد الذي رفع من هامة الأمة العربية، وطأطأ كل رأس معتدٍ غاشم.
فبعد اقتحام عناصر "النخبة" القسامية ذلك الموقع من فوهة احدى الأنفاق، أجهزوا من مسافة صفر على كل جندي هناك، ليعترف العدو بمقتل ستة من جنوده، وتعود جميع أفراد النخبة بسلام.
لكن الحدث الأبرز من تلك العملية المصورة الذي نشرته كتائب القسام، ثلاثة من أفرادها يحاولون سحب أحد الجنود، كانت صرخاته كالأطفال، لا يريد أن أيموت، وبعد أن أبرحوه ضربًا، داس أحدهم على رأس ذلك المحتل.
عملية "ناحل عوز" المصورة التي بثها القسام ضربت الروح المعنوية وأربكت الجيش، هذا ما أجمع عليها محللون وخبراء أمنيون في أحاديثهم صحفية آن ذاك.
ومن الشرق نقفز إلى جنوب القطاع لنقف أمام قلعة القائدين القساميين التوأم أيمن العطار ومحمد أبو شمالة، حين لم يجد أفراد النخبة القسامية أحدا من جنود الاحتلال بمنطقة صوفا، بعد أن تسللوا عبر أحد الأنفاق هناك.
ملخص العملية: طافت تلك المجموعة الاستشهادية في أرجاء الموقع، ولم تجد أحدا لقتله من مسافة الصفر، وخلال انسحابها بعد استكمال مهمتها تعرضت لإطلاق نيران من الطائرات الحربية، لكن بمشيئة الرحمن عادت تلك الوحدة إلى قواعدها سالمة غانمة، وفق رواية
القسام.واليوم حماس في ذكرى ولادتها الـ 27، تتوشح بذلك الإنجاز العسكري الذي لقن عدوه دروسًا ستبقى راسخة في نصوص التاريخ.
عمليات الالتحام المذكورة سابقا والتي أطلق عليها القسام "من مسافة صفر"، جزء من أعمال المقاومة التي أذلت (إسرائيل) في العدوان الثالث، فيما حقق الأخير انتصارًا وهميًا فوق أجساد الأطفال الرضع والنساء الحوامل.