حجبت (اسرائيل) أموال المقاصة عن السلطة الفلسطينية كخطوة انتقامية من توجه الأخيرة لمجلس الأمن، وتقديمها مشروع إنهاء الاحتلال، بسبب فقدان النصاب.
وتعجز السلطة حاليا عن دفع رواتب موظفيها؛ بسبب حجز الاحتلال ضرائب المقاصة التي تجمعها عن تعاملات الفلسطينيين، وفق ما جاء في بروتوكول باريس الاقتصادي.
ويقصد بالمقاصة، الأموال التي تجبيها (إسرائيل) نيابة عن الفلسطينيين، عن السلع والخدمات الصادرة والواردة من وإلى فلسطين، عبر الحدود الدولية.
ورقة ضغط
وهذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها (اسرائيل) أموال المقاصة ورقة ضغط وابتزاز للسلطة في حال فكرت بوقف التنسيق الأمني أو محاكمة الاحتلال والخروج عن طوعه.
واتخذ الاحتلال خطوة مماثلة في ديسمبر/ كانون الأول 2012، وجمّد تحويل أموال الضرائب مدة ثلاثة أشهر ردا على حملة أطلقها الفلسطينيون في الأمم المتحدة لنيل اعتراف دولي بدولة فلسطينية.
وبموجب اتفاقات السلام المؤقتة، الموقعة منذ التسعينات تُحصّل (إسرائيل) ما لا يقل عن 100 مليون دولار شهريا من عائدات الضرائب نيابة عن السلطة.
ومن جهته، قال رامي الحمد الله رئيس حكومة التوافق، إن (إسرائيل) لم تسلّم وزارة المالية إيرادات المقاصة، الذي يجب أن يجري نهاية الشهر الماضي، ما يعني تأخرا في صرف الرواتب.
وأضاف الحمد الله: "الإسرائيليون يؤخرون مستحقات الضرائب الفلسطينية عن الشهر الماضي، ولم يبلغونا بقرار حجز أموال المقاصة من عدمه حتى الآن، وهذه الأموال حق للشعب الفلسطيني، ونسعى دائما لتوفير الرواتب في موعدها، ونأمل ألا تواجهنا عقبات بهذا الخصوص".
بينما أكدت السلطة أنها ستوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال في حال إقدام الاحتلال على وقف تحويل الضرائب.
وتغطي عوائد الضرائب الفلسطينية الجزء الأكبر من فاتورة رواتب موظفي السلطة، البالغ قيمتها 170 مليون دولار، بحسب بيانات الميزانية الفلسطينية الشهرية.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة، إن قيادة السلطة تتوقع أن توقف (إسرائيل) تحويل أموال الضرائب الفلسطينية إلى السلطة، وأن تقيد حركة موظفين وشخصيات من السلطة، ردا على عزمها التوقع على الاتفاقيات الدولية، من ضمنها اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية.
وأضافت المصادر: "السلطة أبلغت (إسرائيل) ووسطاء أوروبيين ودوليين أنه في حال إقدامها على وقف تحويل الضرائب فإنها ستوقف مباشرة التنسيق الأمني".
ومن المستبعد أن تقدم السلطة على ذلك، بعدما ترددت في وقفه بعد اغتيال الشهيد زياد أبو عين في رام الله قبل أسابيع.
الأموال مجمدة
وبدوره، أكد مصدر رفيع المستوى يعمل في وزارة المالية في رام الله -رفض الكشف عن اسمه-أن الاحتلال لا يستفيد من ضرائب الفلسطينيين بشكل مباشر، مبيّنًا أن (اسرائيل) تُعيدها للسلطة؛ وفق ما هو متفق عليه.
وقال إن الاحتلال يهدف بربطه الاقتصاد الفلسطيني باقتصاده، إلى الاستفادة من عمليات البيع والشراء التي تجري بين الطرفين، وليبقى متحكمًا بأموال السلطة.
ولفت إلى أن الأوضاع الاقتصادية تختلف تمامًا في (اسرائيل) عن الضفة المحتلة، خاصة أن متوسط دخل الفرد (الاسرائيلي) عشرين ألف دولار سنويًا، في حين أن متوسط دخل الفرد الفلسطيني ألف ومائة دولار سنويًا فقط.
وتابع المصدر: "لك أن تتخيل أن الطرفين ملزمين بنفس عمليات الشراء ودفع المياه والكهرباء وجمارك السيارات وغيرها من الأدوات المستوردة رغم الاختلاف الكبير في متوسط دخل الطرفين".
ويرى أن ضريبة المقاصة والبيانات الجمركية التي تتم بين الفلسطينيين والاسرائيليين هي عملية ضغط على الفلسطينيين لإبقائهم تحت سيطرة الاقتصاد (الاسرائيلي).
احصاءات
وأظهرت بيانات الميزانية الفلسطينية، الصادرة عن وزارة المالية في حكومة التوافق قبل أسبوعين، أن (إسرائيل) اقتطعت 1.158 مليار شيكل (321.6 مليون دولار)، من إيرادات المقاصة خلال الشهور الأحد عشر الأولى من العام الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن المبلغ الذي تقتطعه وزارة المالية (الإسرائيلية)، من أموال المقاصة الفلسطينية ينقسم إلى جزئيين، الجزء الأول والبالغ 3٪ من إجمالي إيرادات المقاصة، يتم اقتطاعها بناء على تفاهمات فلسطينية (إسرائيلية) بالحصول على النسبة بدل رواتب وأجور موظفي المالية الإسرائيلية الذين يقومون بجباية الضرائب والجمارك للجانب الفلسطيني شهريا، وبلغت نحو 202.2 مليون شيكل (56.16 مليون دولار أمريكي)، وهي تعادل تقريبا ضعف الرواتب الشهرية لموظفي القطاع العام بفلسطين.
أما الجزء الثاني فيتم اقتطاعه رغما عن الحكومة الفلسطينية، بدلا عن ديون مستحقة على الجانب الفلسطيني، لصالح مؤسسات إسرائيلية، كالمستشفيات التي تستقبل التحويلات الطبية من الجانب الفلسطيني للإسرائيلي، أو جزء من ديون المياه أو الكهرباء أو الوقود، وبلغت قيمة تلك الأموال نحو 955.8 مليون شيكل (265.5 مليون دولار أمريكي)، بمتوسط شهري بلغ 24.1 مليون دولار أمريكي.