انتهى العام 2014، وانتهت معه عقود نحو عشرة آلاف خريج ضمن برنامج "جدارة" لتشغيل الخريجين، ليكون هذا أول إجراء تزفه حكومة التوافق لأبناء شعبها في مطلع العام الجديد.
وقد أكدّ وزير العمل مأمون أبو شهلا أن الوزارة بصدد دراسة مشروع جديد لجدارة ضمن آليات جديدة تتضمن أسماء مستحدثة.
العديد من الوزارات والهيئات الحكومية التي شغل فيها العاملون على بند البطالة، وظائف كثيرة مهمة خلال العام المنصرم، عادت خاوية من كل شيء سوى ذكريات مؤلمة لأفراد عادوا مرة أخرى إلى قوائم البطالة.
وكانت الحكومة الفلسطينية السابقة قد أقرت برنامج جدارة، الذي وظفت فيه نحو عشرة آلاف طالب جامعي، فيما اكتفت وزارات بعينها بتجديد عقود بعض العاملين لديها.
حالة من المرارة والألم سادت بعض الخريجين الذين ابلغوا بانتهاء عقودهم، واكتست معالم الحزن على وجوههم إزاء المصير المجهول الذي سيواجهونه في المستقبل الغامض، بكل أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية في قطاع ما زال الحكم فيه مجهول والحكومة فيه غائبة.
وقد عبّر بعضهم لـ "الرسالة نت" عن مشاعر الحزن والأسى إزاء ذلك، لا سيما في ضوء عدم تلقيهم رواتبهم جراء عملهم في برنامج جدارة، منذ تشكيل حكومة التوافق قبل نحو ستة شهور.
الصحفي يوسف أحد العاملين في شبكة الرأي الإعلامية التابعة لوزارة الاعلام، لم يكد يفق على وقع صدمة تجاهل صرف رواتب العاملين في سلك جدارة على مدار الأشهر الماضية.
ويتساءل يوسف وقد اكتست عليه ملامح الألم: "هل هذا مصير من عمل في سلك الحكومة على مدار 8 أشهر وقد وقع على كاهله العمل في مرحلة معقدة؟".
يوسف حاله كحال 80 شخصًا يعملون في شبكة الرأي التابعة لوزارة الاعلام، الذين يعملون على بند البطالة والعقود، وجميعها توقفت أعمالهم، وباتوا في صف البطالة.
أمّا الممرض خالد الذي أوشك على مراسم زواجه، فإنه بدأ يفكر بالعزوف عن ذلك جديًا، لأنه لا يعلم مستقبله في القطاع، على حد تعبيره.
وقال خالد لـمراسلنا، إن الكثير من الهواجس باتت تلاحقه، لعدم تمكنه من توفير فرصة عمل تليق به كخريج كان الأول على دفعته في كلية التمريض من احدى كليات قطاع غزة.
وإلى جانب هؤلاء، العشرات من العاملين في حقل جدارة ممن أسسوا بيوتًا لهم، وقد حرموا من العمل إذ هم اليوم خارج أروقة الحكومة بقرار رسمي منها.
مصدر مسؤول في وزارة العمل، أوضح أن الدفعة الأولى من برنامج جدارة انتهت عقودها، وأن الحكومة بصدد دراسة تشغيل 6 آلاف شخص ممن لم تشملهم الدفعة الأولى من البرنامج.
وذكر المسؤول لـ "الرسالة نت" أن الدفعة الأولى شملت تعيين 4 آلاف خريج جامعي لمدة ستة أشهر، وقد انتهت عقودهم نهاية العام الجاري، مشيرا إلى الجهود قائمة من أجل تشغيل الدفعة الثانية، التي تتضمن ستة آلاف آخرين.
وبيّن أن الوزارات المعنية رفعت بعض الأسماء للتمديد، "وهي التي تتمتع بقدرات متميزة"، على حد تعبيره.
أمّا وزير العمل مأمون أبو شهلا، فقال بدروه إن حكومته ستدرس قضية مشروع جدارة خلال الأسبوع الحالي وصولًا لحسمه بشكل كامل، وذكر لـ "الرسالة" أن البرنامج سيشمل إجراءات وآليات جديدة، ولن يتقيد بذوي العقود السابقة التي انتهت مدتها بنص القانون والمدة المتفق عليها في العقد.
وأشار أبو شهلا إلى أن الوزارة أخذت قرارًا بدراسة مشروع جدارة، بالإضافة لمشروع آخر يُدرس حاليًا مع قطر، لافتا إلى أنه سيسافر إلى قطر منتصف الشهر الحالي لدراسة مشروع عمل لـنحو 20 ألف عامل.
وأكدّ أن الحقوق الوظيفية لمن انتهت عقودهم محفوظة، وأن الحكومة ستشرع في صرف رواتبهم في أول فرصة يتسنى لها القيام بذلك.
الدكتور رائد العطل رئيس الهيئة المستقلة للدفاع عن حقوق الشباب، قال إن الاحصائيات الأخيرة تشير إلى وجود 120 ألف طالب وطالبة خريجين من جامعات القطاع بلا عمل، وأضاف أن هذه الإحصائية تبيّن أن أغلب هؤلاء لم يتحصلوا على أعمال لهذه اللحظة.
وإزاء هذه الأرقام الخطيرة، حثّ العطل، القوى والفصائل الفلسطينية على ضرورة العمل لتدارك الكوارث التي يتعرض لها الشبان في قطاع غزة، في ظل المخاطر المحدقة بهم.
ودعا مؤسسات المجتمع المدني والجهات المسؤولة للتحرك من أجل توفير فرص للعمل للشبان، بغرض دمجهم في الحياة العملية ومساعدتهم في توفير لقمة عيش لهم.
وبانتظار أن يتحقق الفرج القريب لمصير هؤلاء الشبان، فإن الكارثة تدق أبوابهم في كل يوم لا سيما في ظل التقارير الواردة عن ازدياد معدلات الهجرة في القطاع.