يعاني قطاع غزة من أزمات متلاحقة كسرت ظهر سكانه وجعلتهم على حافة الهاوية دون أي تحرك من حكومة الوفاق لإنقاذهم، رغم ما تجنيه من أموال مقابل تلك المعاناة كمنح ومساعدات خارجية بالإضافة لعائدات الضرائب.
وفي الوقت الذي ادعت فيه وزارة المالية أن ما تجبيه من إيرادات قطاع غزة لا يتجاوز 7 ملايين شيقل شهريا فقط وأنها تصرف 47% من الميزانية السنوية على القطاع، فندت "الرسالة" تلك الادعاءات وتوصلت إلى أن ما تجنيه من غزة يتجاوز 700 مليون دولار سنويا عن العائدات الضريبية فقط عدا ما يدخل ميزانيتها من المساعدات الخارجية.
ومنذ تشكيل حكومة التوافق لم ترسل الحكومة أيا من مصروفات وزارتها التشغيلية ما جعل أوضاعها في غاية الصعوبة وباتت عاجزة عن تقديم الخدمات للمواطنين، في حين أن ما تتكلفه فعليا في القطاع هو رواتب موظفيها المستنكفين بالإضافة لمصاريف عوائل الشهداء ليظهر أن ما تجنيه من القطاع مقابل المنح والضرائب يعادل ضعف ما تنفقه على فاتورة الرواتب.
فائض على حساب غزة
تصريحات وزارة المالية في الحكومة استهجنها سياسيون واقتصاديون وتحدثوا أن ما طرحته غير منطقي خاصة وأن غالبية ما تجنيه من مساعدات خارجية تأتي مقابل معاناة غزة وما تتعرض له من حصار وحروب، ويكفي لإثبات ذلك ما تحصلت عليه من مبالغ تقدر بـــ2.6 مليار دولار دعمت فيها ميزانيتها الخاصة في مؤتمر الإعمار في القاهرة.
تقرير سابق لصندوق النقد الدولي أكد تضاعف ايرادات السلطة من القيمة المضافة من غزة عقب غلق الانفاق، لتبلغ في الربع الاول من عام 2014 نسبتها نحو 6% من اجمالي الناتج المحلي السنوي للقطاع والذي يقدر بــ 3 مليارات دولار.
وأظهر تقرير صندوق النقد الدولي أن السلطة حققت فائضا في موازنتها بعد المنح عام 2013 بمقدار 258 مليون دولار، فيما حققت في الربع الأول من عام 2014 فائضا بمقدار 90 مليون، والربع الثاني عجزا بمقدار 38 مليون، فيما حققت فائضا في الربع الثالث نحو 50 مليون وفي الربع الرابع يتوقع ان يكون الفائض بحدود 90 مليون.
وبناء على ما سبق استطاعت السلطة تسديد مبلغ 90 مليون دولار التزامات وقروضا وديونا داخلية وخارجية كمبلغ فائض لموازنة العام 2014م أي على عكس ما تدعيه من قصور في ميزانيتها.
بدوره أكد عوني الباشا، وكيل مساعد وزارة المالية في غزة أن المالية في رام الله تتقاضى دولارا واحدا ضريبة مقابل كل لتر بنزين وسولار، فيما تجبي أكثر من 5 شواكل على كل أسطوانة غاز.
ويقدر الباشا أن ما تجنيه مقابل الوقود يقارب 15 مليون دولار شهريا، فيما تحصل مبلغا مماثلا كأموال مقاصة، مشيرا إلى أن ما تتحصل عليه السلطة من غزة كإيرادات ضريبية عامة بما فيها الجمركية يفوق 40 مليون دولار شهريا.
يشار إلى أن متوسط ما يدخل القطاع من وقود يبلغ 250 طنا يومي من الغاز، بالإضافة لقرابة
400 الف لتر سولار، فيما يصل متوسط ما يدخل من البنزين 200 ألف لتر.
وذكر ان حكومة الوفاق لا تتكفل بأي من مصاريف قطاع غزة بما في ذلك مصاريف الوزراء الأربعة الذين عينتهم، موضحا أن ما يصل القطاع من السلطة هو رواتب الموظفين المستنكفين.
وبحسب الباشا فإن العديد من أموال غزة تسحب منها للضفة دون مقابل كعائدات الضرائب لشركة جوال والاتصالات وبنك فلسطين المقام أصلا في القطاع، مشيرا إلى أن ما تتحصل عليه الوزارة في غزة من ضرائب يقارب 15 مليون شيكل شهريا وهي لا تكفي لمصاريف الوزارات التشغيلية.
وأبدى الوكيل المساعد استعداد وزارته تحويل كل الأموال التي تجنيها وزارته إلى الضفة مع أول أمر مالي يصل للقطاع لصالح المصاريف التشغيلية للوزارات.
لا تنصف غزة
700 مليون دولار سنويا يبلغ حجم إيرادات السلطة من غزة والتي تعادل 30% من حجم الايرادات الكلية بحسب الخبير المالي رامي عبدو.
كما أن الصندوق الدولي ذكر أن ضريبة الوقود، كانت سببا العام المنصرم بارتفاع إيرادات السلطة بنسبة 20%".
وأضاف "إيرادات المقاصة تجاوزت عام 2014 مبلغ 1700 مليون دولار، نحو 40% منها من غزة ".
ويذكر عبدو أن حجم المساعدات الخارجية الواردة للسلطة تقدر بــــ1600 مليون دولار وردت غالبيتها تحت عنوان معاناه غزة ما يعني أن ما يقدر بــ 40% من ذلك المبلغ هو من نصيب سكان القطاع أي بواقع 640 مليون دولار.
وتتكفل السلطة الفلسطينية برواتب موظفيها المستنكفين فقط في غزة والذين يبلغ عددهم قرابة 63 ألف موظف كما ذكرت السلطة في أكثر من تصريح.
ورغم تكتم السلطة على عدد الموظفين وحجم التعيينات السنوية ومقدار المبلغ المالي الذي تصرفه كرواتب، إلا أن حسبة بسيطة أجراها عبدو أظهرت أن تكلفة الفاتورة هي 50 مليون دولار في حال ضربنا متوسط راتب الفرد المقدر بـ800 دولار بعدد الموظفين.
المعطيات السابقة تظهر أن ما يصل للسلطة من إيرادات من الضرائب المباشرة وغير المباشرة بالإضافة لحصة غزة من المساعدات لا يقل عن ضعف فاتورة الرواتب التي تدفعها لغزة.
ما يعني أن غزة هي الخاسر الوحيد من تلك المعادلة بينما تستنزف السلطة مواردها لحل مشكلاتها المالية.