لم تُفاجئ الحكومة ووزراؤها أحدًا عندما نفت علمها بالبيان التوتيري الذي صدر عنها يوم الأربعاء الماضي, والذي أثار موجه غضب عارمة في قطاع غزة بعدما تنصل البيان لعشرات الالاف من المهدمة بيوتهم و40 ألف موظف يعملون في غزة دون راتب لمدة تقارب العام, وطالبت بإقصاء كل الفصائل كشرط لاستلام المعابر وتحسين أمور الحياة في غزة, ما اعتبرته حماس انقلابا على المصالحة.
النفي الذي جاء على لسان عدد من الوزراء لا ينفي مسؤولية الحكومة عن البيان بقدر ما يؤكد أنها لا تملك قرارها وأنها مجرد دمية تحركها جماعة الرئيس محمود عباس في رام الله كما تشاء.
وتكشف الحادثة الأخيرة من جديد أن الحكومة مجرد ديكور وأن كل الصلاحيات والقرارات تتركز في يد مجموعة صغيرة محيطة بأبو مازن.
شخصيات متنفذة
مواقع إخبارية عديدة ومصادر صحفية تحدثت أن عزام الأحمد القيادي في حركة فتح هو من يقف خلف البيان, وأن هدفه العودة للضوء والظهور وكأنه "المنقذ" بعدما تعرض لهجوم شديد حديثا.
وقوف الاحمد خلف البيان الذي زاد من الاجواء العاصفة التي تضرب الأراضي الفلسطينية اذا ما صحت التسريبات وهو رئيس وفد منظمة التحرير وحركة فتح للمصالحة يعكس الى حد كبير تعثر مسيرة المصالحة والعراقيل الكبيرة التي تعيق تقدمها, خاصة وأن المسئول عنها هو أول من يتنصل لاستحقاقاتها ويتنكر لاتفاقات خطها بيده.
مجموعة قليلة محيطة بالرئيس عباس تتكون من رئيس مخابراته ماجد فرج والاحمد الى جانب عدد قليل من القيادات تتحكم بسير عمل الحكومة والسلطة عموما وتتخذ القرارات بمعزل عن رئيس الحكومة ووزرائها.
لكن المؤكد أن الأحمد لا يجرؤ على صياغة البيان الذي يدرك ارتداداته على الوضع الداخلي الفلسطيني دون موافقة الرئيس ولو ضمنيا على ما سيحتويه, خاصة أن جميع الأطراف تدرك حقيقة موقف ابو مازن من وضع قطاع غزة, خاصة فيما يتعلق بملف الموظفين الذي قال في عدة اجتماعات انه لن يدفع لهم رواتب حتى لو توفرت الاموال لذلك.
مأمون ابو شهلا اكد عقب صدور البيان بقليل انه يحمل اشارات ايجابية , لكن سرعان ما قال للرسالة ان البيان مفبرك وصادر من جهات تخريبية, وجرد التأكيد من وزير ومن ثم النفي يؤكد وجود اشكالية كبيرة في عمل الحكومة.
وليس سرا أن مجموعة قليلة محيطة بالرئيس عباس تتكون من رئيس مخابراته ماجد فرج والاحمد الى جانب عدد قليل من القيادات تتحكم بسير عمل الحكومة والسلطة عموما وتتخذ القرارات بمعزل عن رئيس الحكومة ووزرائها.
وما من شكّ أن البيان الصادر باسم الحكومة يعبّر عن وجهة نظر عدد كبير من قيادات متنفذّة في السلطة الفلسطينية وفي حكومة التوافق, لكن لا يمكن اعتباره مستندا رسميا الا في حال تأكيده من المتحدث باسم حكومة التوافق ايهاب بسيسو او نفيه في حال ارادت الحكومة التراجع عنه.
ويبدو ان ترك البيان معلقا دون نفي او تأكيد هدفه منع الحرج عن الحكومة خاصة وأن النفي يعني أنها مجرد دمية تحركها أيادي خلف الكواليس, كما سيفتح عليها باب من التساؤلات حول الاطراف التي تقف خلفه وسيشكل حرج كبير لها ولرئيسها الحمدلله.
ولا يمكن تجاهل المشادة الكلامية التي نشبت بين الاحمد والحمد لله على الهواء مباشرة بسبب فرض خولة الشخشير وزير التعليم على رئيس الحكومة ما يعكس نفوذ الاحمد وسطوته داخل السلطة, بينما يثير تساؤلات حول طبيعة عمل الحكومة ومن يديرها خاصة في ظل حديث وزراء ومسئولين بداخلها عن وجود أطراف في السلطة تعيق عملها.
بالتزامن مع خلاف الاحمد والحمد لله ضجت المقاطعة بحملة من الشائعات كان من بينها استقالة الاخير لكن أطراف داخل الرئاسة نفت وحاولت لملمة الأزمة التي سمع ضجيجها دون أن يصل أحد للسبب الحقيقي خلفها, فيما تحدثت مصادر في حينه ان عرقلة شخصيات متنفذة في السلطة عمل الحكومة يقف خلف الاستقالة.
الحمد لله الذي تولى رئاسة حكومة رام الله للمرة الأولى خلفا لسلام فياض, لم يتحمل لأكثر من أسبوعين تدخل شخصيات من السلطة وحركة فتح في ادارة حكومته وتضارب الصلاحيات الذي اعاق عمل الحكومة فقدم استقالته قبل ان يسوي الرئيس عباس الخلاف ويقنعه بالعدول عن قراره.
عزام الأحمد القيادي في حركة فتح هو من يقف خلف بيان الحكومة و هدفه العودة للضوء والظهور وكأنه "المنقذ" بعدما تعرض لهجوم شديد حديثا.
يذكر أن الحمد لله ليس وحده الذي عانى من تدخل قيادات فتحاوية في عمل الحكومة فقد سبقه سلام فياض الى ذات المصير, والذي أدى للإطاحة به في النهاية بعد صراع دامي مع شخصيات في السطلة وحركة فتح.
ورغم تقديم الحمد لله للاستقالة أكثر من مرة والعدول عنها بسبب مصادرة صلاحياته الا ان الصراع الدائر داخل أروقة السلطة والحكومة مستمر وبدأ يخرج للعلن ويتخذ منحى خطير, ما يعني أن عمل الحكومة سيبقى خاضعا للتجاذبات السياسية والصراعات الداخلية في الفترة القادمة والتي من المستبعد أن يشهد خلالها قطاع غزة أي انفراجه في أزماته المتلاحقة.