في خطوة مفاجئة لاقت ارتياحا كبيرا وواسعا لدى الجبهة الوطنية الفلسطينية دعت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس الشبان والفتيان الفلسطينيين في قطاع غزة للتسجيل في مخيماتها العسكرية التي تحمل اسم طلائع التحرير، وذلك للتدريب على المهارات العسكرية وفنون مواجهة العدو.
وبهذه الخطوة تتجاوز حماس البعد التنظيمي المحصور للوطني الممتد، وتُحول الجهد من حزبي جزئي لجمعي متكامل، وتهدف لاستنفار قوى قطاع غزة ورفعها لمستوى التحديات، وتعكس ما يحمله العقل الواعي للمقاومة من مشروع بصير ومتمكن متجاوز للمعيقات والتفاصيل الصغيرة التي تدفع المشهد للضبابية والتوهان، فتجعله واضح بين ناصع البياض من غير شوائب وتداخلات سخيفة، يجمع الكل الفلسطيني على اختلاف ألوانهم واشكالهم.
لهذا نحن أمام فرصة ذهبية لتحقيق أماني هذا الجيل في الانخراط بالتدريب والتجهيز والاستعداد وحمل السلاح، مع زرع القيم الوطنية وربطه بقضيته ونقله من المتلقي للمبادر الفاعل، وهذا ما نصت عليه جميع الأدبيات الفلسطينية منذ انطلاقة الثورة بتحويل العمل المقاوم لحالة عامة متجذرة في جزيئيات الكتل الفلسطينية دون تمييز أو تحزب.
ويعتبر الإقبال الكبير على الالتحاق بمخيمات الطلائع قفزة في الوعي الجمعي لتحمل تبعات المقاومة، فمن حيث الأسلوب المقاوم تنتقل من النخبوية للعامة، في محاولة لتحويل جيل كامل مقاوم يستطيع الدفاع عن نفسه، وستعمل هذه المخيمات على توسيع الحاضنة الشعبية للمقاوم ومشروعها، وستقف في وجه تخذيل الشاب الفلسطيني عن دوره الحقيقي، وستغير لديه نظرته للبطولة والنجومية، بعدما حصرها الإعلام المدفوع في الترفيه والمتعة.
من المعروف أن الاحتلال الصهيوني في عدوانه الأخير لم يفرق بين مدنيين ومقاومين، وهو ما دفع القسام لتحويل الشعب الفلسطيني بمجموعه لكتلة مقاومة تشارك في صد العدوان بصورة كبيرة ومتكاملة، ويبدو أن كتائب القسام لها خطط توسعية تحتاج لعناصر وقدرات أوسع واستنفار لطاقات شعبها، خصوصا أن هذه الطلائع تربط الطلاب وجدانيا عبر الفكرة والاسم بمشروع التحرير.
شعبنا الفلسطيني بطبيعته مجاهد وثائر وتواق للمساهمة الفعلية في العمل العسكري المسلح، وبعد نجاح القسام النوعي في حرب العصف المأكول أصبحت الجماهير في الداخل والخارج تلح على قيادته للانضمام والعمل في صفوف المقاومة، وهذه المخيمات قد تكون مقدمة لبناء جيش شعبي واسع تشارك به الأطياف المختلفة.
لهذا فنحن أمام خطوة مدروسة جاءت بوقتها الصحيح، وأثبتت كتائب القسام أنها مؤسسة عسكرية عميقة وجريئة وقادرة على إنجاح مشروع بهذا الحجم وهذه القوة والتطور الكمي والنوعي، وبالتأكيد سيفيد الانضمام لهذه المخيمات الشاب نفسه وسيحوله عنصرا فاعلا يعيش لفكرة ويطمح لغاية كبرى، وتفتح أمامه المجال لتوجيبه طاقته وقدرته في خدمة وطنه.