أكثر من سبعة أشهر مرت من عمر حكومة التوافق لم تغيّر من حياة الغزيين وأوضاعهم المعيشية، بل زادتها سوءا بحرمان أكثر من 40 ألف موظف من حقوقهم في تقاضي رواتبهم، كما تراكمت الأزمات على كاهل سكان القطاع.
ذلك الواقع دفع حركة حماس إلى الإعلان عن صرف سلف شهرية للموظفين إلى حين حل أزمتهم، الخطوة السابقة رأى فيها البعض دلالة على وصول المصالحة لطريق مسدود، لذا تحاول الحركة إيجاد بدائل لعدم ترك أوضاع القطاع تصل حد الهاوية من باب المسؤولية الاجتماعية.
أوضاع القطاع المتردية جعلت سكانه على يقين بأن حكومة التوافق التي تمخضت عن المصالحة بين حماس وفتح لم تكن طوق نجاة لهم، ليبدو السؤال: إلى متى ستصبر حماس على تحمل أعباء القطاع، خاصة الأمنية التي من المعروف أنها تخلق عبئا ماليا عليها؟
ويستبعد محللون أن تقدم "حماس" على خيار تشكيل حكومة جديدة في غزة باعتبار أن ذلك سيزيد أزمتها السياسية والمالية التي تعانيها منذ نحو عامين، والتي دفعتها أصلاً لتوقيع اتفاق المصالحة.
وهنا، أكد القيادي والنائب عن حماس يحيى موسي، ان حركته قادرة على ان تدبر أمرها خلال الفترة المقبلة، بصرف دفعات مالية بقيمة ألف شيكل شهرياً لكل موظف في قطاع غزة، "كما فعلت وتدبرت أمرها منذ سبع سنوات مضت"، كما قال.
وأضاف ان هذه "اللفتة" لإعطاء فرصة ومزيد من الوقت لكل العقلاء في الساحة الفلسطينية ليدفعوا "حكومة التوافق" للقيام بمسؤولياتها وواجباتها، وأن ما تقوم به حركته يعبر عن روح وحدوية عالية في الساحة الفلسطينية.
وأوضح موسى ان رئيس السلطة محمود عباس يراهن على نفاد صبر حماس وقيامها باتخاذ خطوات باتجاه ثورة "غير مدروسة"، مشيرا إلى أن حركته بقيت ملتزمة بكل شروط المصالحة وكل ما تم الاتفاق عليه.
وحول ما كان إن لدى حركته القدرة المالية في الوقت الراهن للاستمرار في صرف مبالغ مالية كبيرة لما يقارب 40 ألف موظف بغزة، قال "نحن أدرنا قطاع غزة سبع سنوات منذ ان فازت حماس بالانتخابات التشريعية 2006م، بدون ميزانية السلطة الفلسطينية".
لكن مراقبين رأوا أن ما يحدث على الساحة هو بمنزلة خطة لاستنزاف الحركة ماليا، لذا ستلجأ للبحث عن مصادر تمول بها مصاريف الحكومة التشغيلية أهمها العائدات الضريبة للشركات الكبرى والبنوك العاملة في القطاع والتي تذهب للضفة، دون المشاركة في تطوير القطاع والذي تعمل أجهزته الأمنية على حماية مقراتها ومصالها في غزة.
المحلل السياسي مصطفى الصواف قال لـ إن حماس لا يمكنها التخلي عن القطاع كواجب ديني ووطني وأخلاقي، "لذلك لجأت لدفع سلف للموظفين رغم أعبائها العسكرية".
ويرى الصواف أن حماس تصرفت بشكل مسؤول بعد أن تنكرت الحكومة لسكان القطاع وموظفيه الذين ينتمون لكل الفصائل، ويعتقد أن تغير وضع القطاع ليس مهمة حماس وحدها بل يجب على القوى الفلسطينية أن تتحرك، خاصة بعد قرار أبو مازن شطب غزة من اجندته، حسب تعبيره.
وعلى ضوء البدائل القليلة المتاحة أمام حماس، يرجح مراقبون أن تعتمد على إعطاء الفرصة لحكومة التوافق الحالية، فيما تستمر في الضغط عبر قنوات أخرى لضمان الاستجابة لاحتياجاتها، لكنه ذلك لا يعالج الضغوط والتشنجات الاجتماعية الشديدة التي تدفع بغزة نحو الهاوية.