تمر السلطة الفلسطينية حاليا بأزمة مالية خانقة بعد حجب (إسرائيل) أموال الضرائب العائدة لها، تزامنًا مع تزايد المماطلة الأمريكية في الاستجابة لدعوات رئيس السلطة محمود عباس بإعادة إرسال تلك الأموال.
ويرى محللون أن أزمة السلطة مرهونة بالانتخابات (الإسرائيلية) وتشكيل الحكومة المقررة في السابع عشر من مارس المقبل، وحتى ذلك الوقت تحاول قيادة السلطة البحث عن بديل آخر؛ للخروج من أزمتها الخانقة، من خلال الدعم الاوروبي وشبكة الأمان العربية التي لا تلبي احتياجاتها كافة.
صمود السلطة
المحلل السياسي مخيمر أبو سعدة قال إن الأزمة المالية التي تواجه السلطة لن تحل قبل موعد الانتخابات الاسرائيلية المقررة في شهر مارس، مشيرا إلى أن السلطة سبق أن واجهت عدة أزمات خلال الأعوام السابقة "واستطاعت تجاوزها".
بينما يرى المحلل السياسي هاني حبيب أن بقاء السلطة مرهون بالدعم الخارجي، "وهذا ما يجعلها عرضة للضغوط المستمرة والمتزايدة، ويرهن بقاءها بمصالح الأطراف المانحة"، كما قال.
وأضاف لـ "الرسالة" إن صمود السلطة يعود إلى طبيعة الاجراءات التقشفية والخطوات التي يمكن ان تتخذها خلال المرحلة المقبلة.
وتابع: "هناك خطأ في عدم وجود بنية اقتصادية لدى السلطة جعلها تعتمد اعتمادا كليا على الخارج، ما أدى إلى عجزها عن الوفاء باحتياجات الدولة، وعلى إثره وصلت إلى هذا الوضع الخطير".
أشهر عصيبة
وكان رئيس الوزراء رامي الحمد الله صرح في وقت سابق أن الأشهر المقبلة ستكون عصيبة على السلطة في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعيشها، مبينا أن حكومته ستضطر إلى تقليص رواتب موظفيها.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشف فيه النائب الثاني للمجلس التشريعي حسن خريشة لـ"الرسالة"، عن وجود مؤامرة على السلطة بمشاركة عربية لإبقائها في الموقف الضعيف؛ من أجل تمرير سياسات الاحتلال والخضوع لها.
وتوقّع خريشة أن تستمر أزمتا السلطة المالية والسياسية، وأن تماطل الدول العربية في توفير الأموال لها.
ولم تخف السلطة رغبتها في العودة إلى المفاوضات مع الاحتلال، خاصة في ظل الأزمة، من أجل الخروج بحلول قد تعزز بقاءها وعدم المساس بمستقبلها السياسي، وهذا ما أكده أبو سعدة قائلا: "السلطة ليس لديها مانع من العودة إلى المفاوضات في أقرب وقت ممكن، والمشكلة ان نتنياهو هو من يرفض ذلك".
وذكر أن نتنياهو هو من أصدر قرارا بوقف المفاوضات وعدم العودة لها بعد اتفاق المصالحة الذي وقع بين حماس وفتح.
ويوافقه الرأي المحلل السياسي حبيب، الذي قال إن عودة السلطة للمفاوضات واردة في حال الاستجابة للمطالب الفلسطينية، وحل الأزمة التي تعانيها.
لكن أبو سعدة استبعد أن يحدث أي انفراج في ملف المفاوضات قبل موعد الانتخابات (الاسرائيلية) وتشكيل الحكومة، "وهذا سيأخذ أربعة شهور على أقل تقدير"، وفق قوله.
الخيارات البديلة
ولم تقف السلطة مكتوفة الأيدي أمام هذه الأزمة، بل حاولت إيجاد خيارات بديلة للخروج منها.
ورّجح حبيب أن يكون أحد خيارات السلطة اللجوء إلى الاقتراض من البنوك المحلية، معتبرًا هذا الحل "مؤقتًا"، نظرا لحاجة البنوك إلى الأموال من أجل تسيير أمورها ومعاملتها.
وأشار إلى وجود علاقة تبادلية بين البنوك والسلطة، مضيفًا أن البنوك تعيش على أموال السلطة، "وعندما تكون السلطة في مأزق مالي تعيش الأخرى نفس الحالة"، وهذا ما أكده أبو سعدة بأن السلطة قد تلجأ إلى الاستدانة من البنوك المحلية لسد جزء من أزمتها، على أن يتم تسديد المبلغ في حال الافراج عن أموالها المحتجزة.