توافقت حركتا فتح وحماس في اتفاق الشاطئ على أن أبرز مهام حكومة التوافق، التحضير للانتخابات، ليحتكم الجميع إلى صندوق الاقتراع، على أمل استقرار الساحة الفلسطينية بعد طول انقسام.
تكررت دعوات حماس الجدّية بضرورة الذهاب للانتخابات، فيما قوبلت بإهمالٍ واضح من رأس هرم السلطة محمود عباس ومن حكومة التوافق أيضًا، وعليه ذهب محللون إلى أن تخوف حركة فتح من نتائج الانتخابات، السبب في تجاهل هذا الملف.
وضع فتح الداخلي
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم أن ظروف فتح الداخلية التي تعج بالتعقيدات، خصوصًا صراع التيارات بين عباس ودحلان، وتفكك أركان الحركة في الضفة وغزة، يزيد من تخوف الحركة لخوض الانتخابات.
ولم يختلف المحلل السياسي طلال عوكل مع سابقه حول تأثير المشاكل الداخلية لفتح على خوضها الانتخابات المقبلة، والشكل الذي ستتوجه به للانتخابات.
إلا أن عوكل في حديثه مع "الرسالة" لم ير أن الوضع السيء للحركة يُمثل دافعًا قويًا للتهرب من الانتخابات، بل أرجع ذلك لعدة متغيرات على صعيد الوضع العام للقضية الفلسطينية، منها ضعف عمل الحكومة بغزة.
وفي السياق نفسه، فإنه إفشال مؤيدي دحلان الانتخابات الداخلية لفتح وعقد المؤتمر السابع للحركة، يدفعنا للتأكيد على قوة هذا التيار، الأمر الذي سيشتت اصوات فتح بشكل أكبر مما حصل في انتخابات 2006.
وأجمع المحللان على ان فتح ستنشغل في ترتيب أوراقها الداخلية قبيل أي انتخابات مقبلة، مما سيضعف من قوة تركيزها في مواجهة حماس.
الضفة وغزة
موازين الثقل الشعبي تبلغ ذروتها في ساحتي الضفة وقطاع غزة؛ نظرًا للتعداد السكاني ووجودهما في ساحة الصراع بشكل مباشر، وفي ذلك يرى المحلل السياسي من رام الله عصام شاور أن ساحة الضفة محسومة لحماس.
ووفق استطلاعات الرأي، فإن أهل الضفة ضاقوا ذرعًا من تعامل السلطة خلال السنوات الماضية التي سيطرت فيها فتح على مقاليد الحكم، بعد أن فرغ الاحتلال لهم الساحة باعتقال قيادات حماس ومنهم الوزراء ونواب المجلس التشريعي، عدا عن انحسار عمل حماس في ساحة الضفة بعد 2007 نظرًا للقبضة الأمنية من أجهزة أمن السلطة.
تذبذب أوزان شعبية كلا الحركتين وارد في ظل الوضع المتغير على الساحة الفلسطينية، وفي ذلك يقول شاور في حديثه لـ "الرسالة " إن العدوان الأخير أظهر دعمًا واضحًا من سكان الضفة المحتلة وغزة لإنجازات حماس.
ولم يخف شاور تأكيده على تأثر شعبية حماس في غزة لصعوبة الوضع الإنساني نتيجة الحصار الاسرائيلي الذي تزامن مع فوز الحركة بالانتخابات، إلا أنه قلّل من نسبة الهبوط في الثقل الشعبي مقارنة بانتخابات عام 2006.
من الذي يتهرب ؟!
ووفق اتفاق الشاطئ فإن الانتخابات المقبلة -إن جرى الدعوة لها- ستشمل المجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني، الأول يعطل عمله رئيس السلطة محمود عباس، والثاني يستحوذ عليه منذ 10 سنوات، أما الثالث فلا مكان فيه حتى هذه اللحظة لا لحماس ولا الجهاد الإسلامي.
على صعيد حماس، فهي ترى نفسها تقف على أرضية خصبة بما قدمته في المشروع المقاوم وحفاظًا واضحًا على المبادئ الوطنية التي تلقى إجماع الكل الفلسطيني، الأمر الذي من شأنه أن يمكنها من إحراز تقدم ملحوظ على حساب المنافس الأكبر حركة فتح، وفق شاور.
أما حركة فتح، فتضعضع أوضاعها الداخلية سيشتت القاعدة الشعبية لها بشكل ملموس، ولن تفتح ملف الانتخابات المغلق، لأنه سيكشف عورة خلافاتها الداخلية، والسؤال الذي سيلازم كل مواطن أنه كيف سيعطي صوته لحركة لا تستطيع لم شمل نفسها حتى تكون على قدرة بالسيطرة على الموقف الفلسطيني بأكمله؟
وتعتمد فتح على إنجازات سياسية حققتها السلطة في المحافل الدولية، وهي الحصول على دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة، والتوجه لمحكمة الجنايات الدولية، إلا أن المواطن الفلسطيني لم يشعر بأي تحسن يرجوه على إثرها مما سيضعف حجة برنامجها الانتخابي، وفق المحلل السياسي طلال عوكل .
أما ما يتعلق بانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني فإن شاور يرى فيها معضلة لحركة فتح، خاصة أن اجرائها سيسحب البساط بشكل كلي من فصائل المنظمة الحالية، وسيكون المجلس الوطني بأغلبية معارضة لأوسلو، وهذا يعني نهاية العملية السياسية.
وأجمع المحللون على أن الانتخابات الفلسطينية بحاجة لقرار وطني من الفصائل كافة؛ لإنهاء المأزق الحالي التي تمر به الحالة الفلسطينية، ومن خلالها تشكيل حكومة توافق وطني ممن سيفرزهم الشعب.