الاحتلال يمنع إطفاء حريق مكب النفايات في وادي السلقا

الوسطى-محمد بلّور

تتصاعد خيوط دخان ثخينة من مكب النفايات شرق قرية وادي السلقا وتهيم على وجهها فوق الأراضي الزراعية .

 بجوار جبل من النفايات اصطفت عربات القمامة وشاحنات أخرى تساند آلية "بلدوزر" تجتهد في إطفاء حريق اشتعل منذ أيام فيما بدت المواقع العسكرية صامتة على غير العادة .

 هذه هي المرة الثانية التي يشتعل فيها مكب النفايات شرق القرية خلال عدة شهور عقب سقوط إحدى القذائف الصاروخية مجهولة المصدر .

ويخدم مكب النفايات الموجود على الحدود شرق قرية وادي السلقا ثلث سكان القطاع ويجمع القمامة من وادي غزة شمالا حتى بلدة الفخاري جنوبا ما يمثل 45% وهو قائم على 80 دونم المستغل منها 70 للقمامة و10 دونمات تستخدم كمرافق وأرضيته مجهزة بطبقتي أسفلت لمنع تسرب العصارات ما يجعله لحد ما أقل ضررا على البيئة من غيره.

وتتناقض مشاهد الصورة في تلك القرية الحدودية فالرصاص يسقط بشكل يومي على المزارعين بينما تتمايل الزهور البريّة برؤوسها تحية للزوار ولكن هذه المرة في أجواء ربيعية يعكّر صفوها حريق المكب .

معاناة المواطنين

وقال المواطن عبد الله حسين إن الحريق السابق استمر لأكثر من أسبوع حيث منعت قوات الاحتلال الاطفائية من القيام بواجبها فيما أغرت الرياح النار في أيام الشتاء فزادت اشتعالا وسط الشتاء الماضي .

 وأضاف: "تتصاعد رائحة كريهة جدا لا تطاق ونحن نتأذى منها كثيرا فنحتاج لكمامة وقد شعر بها سكان المغازي ودير البلح حتى جيش الاحتلال يشعر بالضرر" .

 وضحك عبد الله بخبث قائلا إن اتجاه الرياح حتى الآن تهب باتجاه الغرب ما يعرض جنود الاحتلال مباشرة هذه المرة للدخان المتصاعد .

ومن فوق تلة ترابية مدّ عبد الله أصبعه للأسفل نحو خيوط دخان متفرقة تتصاعد من جبل نفايات وعربات تتحرك أسفل الوادي بحذر متهيّبة من مفاجأة محتلمة من المواقع العسكرية .

أما المواطن سعيد فاضطر إلى إغلاق نوافذ منزله الذي يبعد 250 مترا عن الحدود هربا من الرائحة والدخان الكثيف الذي يداهم السكان.

ومدّ سعيد رقبته تجاه منطقة الحدث مضيفا:"حاول رجال الإطفاء كثيرا إخماد الحريق ولكنهم لا يستطيعون الاقتراب".

وأكد رئيس بلدية وادي السلقا عبد المهدي أبو مغصيب أن مكب النفايات تعرض للقذائف ما أشعل النيران وولّد دخانا كثيفا أثر على صحة المواطنين.

 وشد قامته مضيفا: "بعض المواطنين الذين يعانون من أمراض مزمنة أو مشاكل في الصدر اضطروا لدخول المستشفى بسبب الروائح الخانقة المنبعثة من مكب النفايات المحترق" .

محاولات دون جدوى

هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها علم ألمانيا قرب الحدود مع إسرائيل فعمال الإطفاء يرتدون سترات حمراء مميزة ويرفعون العلم الألماني بينما لا يعبأ الجيش لشيء ويحول دون إتمامهم لعملهم.

 وكانت إحدى الشركات الألمانية أشرفت على بناء مكب النفايات وتجهيزه بكافة المرافق ومن يومها يرتدي الموظفون تلك السترات المميزة ويرفعون العلم في إشارة يفهمها الجانب الإسرائيلي .

 وأكد نائب مدير إدارة النفايات الصلبة بوسط القطاع خليل أبو جاموس أن مكب النفايات يتسبب بمشكلة مركبة لعجزهم عن إخماد الحريق مع عدم قدرتهم في الوصول لجزء من المكب المحاذي للحدود.

وأضاف:"لدينا إضافة لذلك نقص في المعدات فالبلدوزر بحاجة لقطع غيار مفقودة والجانب الإسرائيلي يرفض منحنا تنسيقا للوصول إلى مكان الحريق" .

 وبيّن أن إدارته استعانت بالإمكانات المتوفرة حيث بحثت عن كثير من الآليات لإخماد الحريق حتى عثرت على واحدة وشرعت في محاولات إخماد الحريق .

 وأشار إلى أن اليوم الأول شهد إخماد 60% من الحريق بينما حال عطل الآلية "البلدوزر" دون تمكنهم من إخماد الحريق فأقعد الآلية مكانها فيما عاودوا جلب الرمال لإخماد أجزاء أخرى اشتعلت من المكب.

 وعادة ما يشتعل مكب النفايات جراء سقوط قذيفة صاروخية غالبا من الجيش الإسرائيلي أو من بعض قذائف المقاومة وتساهم الرياح والحرارة وأشعة الشمس في تأجيج النيران.

 وقال إن عملية الإطفاء تمت هذه المرة بخبرة فقد كانت العملية السابقة تقتصر على المياه التي ساهمت لحد ما في استمرار الحريق بينما يقومون هذه المرة باستخدام البلدوزر والرمال وهي طريقة مكلفة.

واتهم أبو جاموس الجيش الإسرائيلي بتعمد إعاقة عملية إطفاء مكب النفايات وتركه مشتعلا لإيذاء المناطق المجاورة.

وقال أحد ضباط الدفاع المدني إن رجال الدفاع المدني لا يستطيعون الوصول للمكب والمساهمة في السيطرة على الحريق حتى الآن .

 وأضاف:"كلما كنا نقترب المرة السابقة ونبدأ العمل يجبروننا على الرجوع بحجة انتهاء التنسيق وقد اتصلنا بالصليب وكافة المؤسسات لكن الجيش لا يكترث لشيء" .

 ولا أحد يدري هل سينتهي حريق مكب النفايات شرق وادي السلقا أم سيستمر الدخان في التصاعد معكّرا ليالي إبريل ونهاره في دير البلح والمغازي.

 

البث المباشر