يتابع المواطن في الاراضي الفلسطينية نشرات الاخبار التي ترصد الانهيار ونسب العجز الضخمة في اقتصاد دول كبرى بسبب الانخفاض الهائل في اسعار النفط العالمية دون ان يلقي لها بالاً، فالأسعار في بلده تقف على صخرة صلبة وهي الضرائب التي وضعتها الهيئة العامة للبترول التابعة لوزارة المالية الفلسطينية والذي لم ينجح في لحلحتها انهيار أسعار النفط لأكثر من النصف خلال السبعة أشهر الماضية.
وفي الوقت الذي انخفضت فيه أسعار النفط عالمياً لأكثر من 60% "سعر برميل النفط كان 110 دولار قبل سبعة أشهر وانخفض حالياً لــ40 دولار" الا أن الانخفاض في الاراضي الفلسطينية لم يتجاوز نسبة 10%، حسبما أعلنت الهيئة العامة بداية شهر فبراير، في حين قرر الاحتلال الإسرائيلي التخفيض بنسبة 15%.
وتتلخص ازمة الوقود في الاراضي الفلسطينية في عدة محاور أهمها احتكار السلطة الفلسطينية لسوق الوقود وفرض ضريبة البلو البالغة 3 شيكل عن كل لتر من مشتقات البترول إلى جانب ضريبة القيمة المضافة البالغة 18% ما يعني أن نسبة الضرائب تبلغ 48% من سعر اللتر الواحد.
الاحتكار والضرائب
ويأتي هذا في وقت خفضت معظم الدول الأسعار بنسب كبيرة، فعلى سبيل المثال انخفضت أسعار المحروقات في أمريكا بنسبة 50%، وتم تخفيض سعر جالون البنزين سعة 4 لترات من 4 دولارات إلى دولارين ليصبح بذلك لتر البنزين في أمريكا بنصف دولار أي 1.95 شيكل وهو أقل بضعفين من سعره في فلسطين، ما يثير تساؤلات عديدة أهمها لمصلحة من تبقى الاسعار في الاراضي الفلسطينية الأعلى عالمياً في حين يعاني سكانها من أزمات اقتصادية لا حصر لها ونسب الفقر والبطالة فيها تتجاوز كل الخطوط الحمراء؟
وبحسب موقع جلوبال بترول فان متوسط سعر البنزين في جميع أنحاء العالم أقل من ربع دولار للتر الواحد، وجميع البلدان تحصل عليه بالسعر ذاته الموجود في الأسواق الدولية ولكن بعد ذلك تقرر فرض الضرائب المختلفة، إلا أن الضرائب المفروضة في الأراضي الفلسطينية تجعل سعر الوقود فيها من أغلى الدول.
الهيئة "رام الله": الوقود مدعم ونخسر 35 مليون شيكل شهرياً
وتتحجج السلطة الفلسطينية بأنها مرتبطة باتفاقية باريس التي تجبرها على فرض ضرائب تبقي هامش السعر بينها وبين الاحتلال الاسرائيلي متقاربا، لكن الاتفاقية أعطت هامش اسعار بين الجانبين يصل إلى 15%.
وبناء على اتفاقية باريس فإن الأسعار في الاراضي الفلسطينية يجب ان تنخفض بنسبة 30%، وذلك لأن الاحتلال خفضها بنسبة 15% اضافة إلى هامش السعر في الاتفاقية ونسبته 15%، لكن يبدو ان السلطة اكتفت بنسبة 10% وذلك لأن ضرائب المحروقات تشكل أحد أهم الموارد لخزينة السلطة.
وهذا ما تؤكده بيانات الميزانية الشهرية لحكومة التوافق والتي أعلن خلالها أن إجمالي الإيرادات الضريبية التي حصلتها وزارة المالية من مبيعات المحروقات في الضفة الغربية وقطاع غزة، بلغت خلال الشهور الأحد عشر من العام الماضي 2.272 مليار شيكل.
ووفق البيانات، بلغ إجمالي قيمة الإيرادات التي حصلتها حكومة الحمد الله منذ مطلع العام الجاري، وحتى نهاية نوفمبر تشرين ثاني الفائت، نحو 9.311 مليار شيكل، شكلت منها الضرائب المفروضة على المحروقات نحو 24.4٪.
السلطة تتحكم
رئيس الهيئة العامة للبترول في قطاع غزة أحمد الشنطي أكد أن المواطن يجب أن يلمس الانخفاض في الضفة وغزة على الاقل بنسبة 25%، موضحاً أن المتحكم بالأسعار هي وزارة المالية في الضفة.
ولفت إلى ان المالية تحافظ على اسعار الوقود المرتفعة لأنها تحقق لها نسبة ايرادات عالية، حيث تعتبر المحروقات موردا رئيسيا لخزينة السلطة.
وبين الشنطي أن الهيئة برام الله تحدد الاسعار شهرياً دون مشاورة الهيئة بغزة وانما يتم ابلاغها قبل المواطنين بالتسعيرة الجديدة.
واعتبر ان المالية تدعي أن لديها أزمة مالية خانقة وتأخذها حجة للمحافظة على ضريبة البلو حتى تعوض العجز الذي تدعي انها تعاني منه، وتحصل (إسرائيل) ما يعرف "بضريبة البلو" البالغة 3 شيكل عن كل لتر من مشتقات البترول يباع سواء في (إسرائيل) أو في مناطق السلطة الفلسطينية".
الهيئة "غزة": نسبة الانخفاض يجب أن تصل 25% على الأقل
وأشار الشنطي إلى أن الوقود يعتبر موردا أساسيا للسلطة فغزة وحدها تستهلك شهرياً بالحد الادنى 30 مليون لتر ويبلغ سعرها 60 مليون دولار، والضريبة تمثل 48% من السعر الاجمالي للتر.
وبين أن الانخفاض الحالي لأسعار المحروقات عالمياً يوفر للسلطة هامش ربح كبير خاصة انها تشتري من (إسرائيل) بالسعر الدولي مثل وكالة الغوث.
وحول احتكار السلطة للبترول أكد رئيس هيئة البترول أن السوق المفتوحة ودخول القطاع الخاص الى هذا المجال سيساعد على تخفيض الاسعار، لكن السلطة لم تسمح طوال السنوات الماضية بذلك ومن مصلحتها ان تبقى محتكرة حتى تحقق أرباحا عالية من عوائد الوقود.
هامش مغيب
وتنص اتفاقية باريس في الفقرة (أ) من البند (12) المتعلق بالمحروقات على أن تكون المقاييس الأردنية، كما هي محددة في الملحق "1" هي المعيار في استيراد منتجات البترول إلى المناطق، إذا ما تطابقت مع المقاييس الموجودة في دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي وضعت معاييرها حسب المعايير المحددة للظروف الجغرافية لـ(إسرائيل) وقطاع غزة والضفة الغربية.
أما حالات المنتجات النفطية التي لا تتطابق مع هذه المقاييس، فسوف تحال إلى لجنة خبراء مشتركة من أجل حل مناسب لها، ويمكن للجنة أن تقرر بالتبادل قبول مقاييس مختلفة لاستيراد البنزين الذي يتطابق مع المقاييس الأردنية، وإن كانت لا تتطابق في بعض المعايير مع المقاييس الأوروبية والأمريكية. وستعطي اللجنة قرارها في غضون ستة أشهر، ولحين اتخاذها قرارا وفي مدة لا تتجاوز الستة أشهر من توقيع الاتفاق، يمكن للسلطة الفلسطينية أن تستورد بنزيناً للأسواق الفلسطينية في المناطق وفقاً لاحتياجات هذه السوق بشرط:
1. يتم تمييز لون البنزين عن ذلك المسوق في أسواق (إسرائيل).
2. تتخذ السلطة الفلسطينية كل الخطوات الضرورية لضمان عدم تسويق هذا البنزين في (إسرائيل).
ب. الفارق في سعر البنزين النهائي للمستهلكين الإسرائيليين والمستهلكين في المناطق يجب ألاّ يتجاوز 15 بالمائة من السعر النهائي الرسمي للمستهلك في (إسرائيل)، وللسلطة الفلسطينية الحق في تحديد أسعار منتجات النفط في المناطق ما عدا البنزين.
ت. إذا كان مستوى البنزين المصري يتطابق مع شروط الفقرة الفرعية "أ" أعلاه، سيتم السماح باستيراد البنزين المصري أيضاً.
ومن البنود السابقة نجد ان الاتفاقية كبلت السلطة بالفعل بكنها أعطتها هامش في الأسعار وفي الاستيراد من اي دولة أخرى وبأسعار أقل خاصة من الجانب المصري الذي من الممكن ان يوفر الوقود على الأقل لقطاع غزة بأسعار زهيدة.
يذكر أن أسواق قطاع غزة، تعتمد بشكل رئيسي في الوقت الحاضر، على الوقود الذي تشتريه الحكومة من (إسرائيل)، بعد تراجع نسبة الوقود المهرب من مصر، والذي ينخفض سعره بنسبة 70٪ عن الوقود الرسمي.
ومن الواضح أن مبرر ضريبة البلو وعدم وجود هامش كبير في الأسعار بين (إسرائيل) والاراضي الفلسطينية كان خشية التهريب بين المناطق وهو أمر ممكن في الضفة الغربية لكنه مستحيل في قطاع غزة الذي تفرض عليه (إسرائيل) حصارا خانقا ولا يوجد له أي تواصل جغرافي مع الأراضي المحتلة وبالتالي يمكن رفع الضريبة عنه دون ان تحدث خللا.
خبراء: السلطة تستغل "باريس" لتحقيق ايرادات مرتفعة والاتفاقية لم تنص على احتكارها للسوق
يذكر أن السلطة أوقفت ضريبة البلو عن السولار الخاص بمحطة التوليد في غزة لمدة شهر اواخر العام الماضي دون أي تدخل أو منع من الطرف الإسرائيلي ما يؤكد أن السلطة صاحبة القرار في الضريبة.
فؤاد الشوبكي مدير عام هيئة البترول في الضفة الغربية أرجع عدم انخفاض الاسعار إلى ارتباط السلطة بالسعر الموجود في (إسرائيل) والانخفاض جاء في (إسرائيل) وفلسطين بنفس النسبة تقريباً حيث ان فرق السعر بين الجانبين لا يتعدى أغورة واحدة".
وبين الشوبكي أن هامش 15% الذي تسمح به اتفاقية باريس غير موجود باستمرار لكن السلطة تحافظ على جزء منه، خاصة أنها تدعم المحروقات في الاراضي الفلسطينية، موضحاً أن الهيئة العامة للبترول تخسر شهرياً ما لا يقل عن 35 مليون شيكل في الفترة الأخيرة.
الحديث عن تدعيم الوقود ورد أيضاً على لسان رئيس الوزراء رامي الحمد الله، خلال حوار إذاعي مع راديو 24 اف ام، حين قال إن الحكومة تدعم المحروقات في الضفة الغربية وقطاع غزة، بنحو 30 مليون شيكل.
الرسالة بحثت عن نسبة الدعم الذي تتحدث عن الحكومة ووجدت أن الأخيرة تعتبر هامش السعر الذي لا يتجاوز 7% بين الاراضي الفلسطينية و(إسرائيل) من وجهة نظر السلطة هو تدعيم لها، وهذا يتنافى مع مفهوم التدعيم الذي تقوم به معظم الدول خاصة التي يعاني سكانها من نسب فقر وبطالة مرتفعة، فتتحمل الدولة جزءا من سعر الوقود بمعنى أنها تشتريه بسعر وتبيعه بأقل للمواطن بينما في حالة السلطة فإنها تشتري الوقود بسعر وتفرض عليه ضرائب تصل الى الضعفين.
الشوبكي قال "التخفيض جاء انعكاسا للتخفيض العالمي بتفاصيله لكن المواطن لا يشعر به لأن جزءا كبيرا من سعر اللتر هو عبارة عن ضرائب كما أن انخفاض اسعار النفط قابله ارتفاع في اسعار الدولار وهذا ضيع حوالي 15% من نسبة الانخفاض".
من جهته د. ماهر الطباع المحلل الاقتصادي ردا على الشوبكي بالقول إن ربط عدم انخفاض أسعار الوقود محليا بما يتناسب مع الأسواق العالمية بارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الشيكل الإسرائيلي، غير صحيح ومن المفترض أن يكون التأثير بنسبة ارتفاع الدولار على الشيكل وهي 15% أي أنه من المفترض نزول المحروقات بنسبة 45% وليس 15%.
وأكد أن الانخفاض الذي حدث في الأراضي الفلسطينية عبارة عن أغورات لا تذكر ولا تخفف عن كاهل المواطن الفلسطيني شيئا، بينما انخفضت الأسعار في معظم دول العالم بنسبة تتناسب مع الانخفاض العالمي.
الخبير الاقتصادي د. عمر شعبان من جهته رأى أن الانخفاض جاء متأخرا وبنسبة بسيطة وذلك مرده لحالة الاحتكار في سوق الوقود الذي تحتكره الهيئة العامة للبترول التابعة لوزارة المالية.
وشدد على ضرورة تحرير سوق الوقود من يد السلطة الفلسطينية وفتح المجال امام القطاع الخاص للعمل في هذا السوق مما سيتيح استيراد الوقود بأسعار اقل بكثير لكن حالة الاحتكار تفقد المجتمع الفلسطيني فرصة الاستفادة من الانخفاض الدولي في أسعار النفط.
وأكد شعبان أن الجانب الإسرائيلي يتحكم بالأسعار جزئياً لكن السلطة هي التي تتحكم بالجزء الاكبر منها بسبب احتكارها.
أصحاب المحطات: الضرائب سبب ارتفاع الاسعار و(إسرائيل) تسرق الوقود على المعبر
وقال "نحن لا نعرف طبيعة العقد بين السلطة والشركة الإسرائيلية ومن الواضح انه لا توجد رغبة لتخفيض الاسعار وذلك لسداد الديون على السلطة من ارباح النفط"، لافتاً إلى أنه توجد حالة تعتيم على المعلومات التي لها علاقة بالهيئة.
حديث مسؤول الهيئة العامة للبترول في الضفة حول الخسائر التي تتكبدها الهيئة شهرياً يتنافى مع الوقائع التي تتحدث عن أرباح خيالية تحققها وزارة المالية من وراء احتكار الهيئة لسوق البترول في الاراضي الفلسطينية.
11 مليون دولار أرباح إضافية
وبحسب مصادر الهيئة العامة للبترول فإن متوسط الاستهلاك الشهري في الاراضي الفلسطينية من المحروقات كافة بلغ 70 مليون لتر، واذا ما وضعنا فرق الاسعار الذي جرى خلال الشهور الماضية في الحسبان، فإن الهيئة حققت ارتفاعا واضحا في الارباح جراء فرق الاسعار.
وبحسبة بسيطة فإن السلطة كانت تشتري لتر البترول من الاحتلال عندما كان سعر البرميل 110 دولارات بـــ 69 سنت وتبيعه في السوق المحلي بعد الضرائب بمبلغ 1.89 دولار أي انها تحقق هامش ربح تقريبي 84 مليون دولار شهرياً، في حين تشتري اللتر بعد انخفاض الاسعار بمبلغ 25 سنت وتبيعه للمواطن بـــ 1.62 دولار للتر الواحد ما يعني أن هامش الربح ارتفع ليصل تقريباً 95 مليون دولار أي بزيادة شهرية قرابة 11 مليون دولار.
الأرباح الخيالية التي تحققها السلطة من تجارة المحروقات هي السبب في رفضها تخفيض الاسعار بالشكل الملموس وهذا ما أجمع عليه المراقبون، حيث قال شعبان "صحيح أن السلطة مرتبطة من حيث هامش الاسعار باتفاقية باريس لكن الاتفاقية لا تنص على احتكار السلطة للسوق او أن تمارس رأسمالية الدولة، ووزارة المالية تمارس تجارة البترول وتأخذ الاموال ولا تدفع ثمن النفط في حالة فريدة.
وبين أن قيمة المشتريات الفلسطينية من الوقود تصل مليارا ونصف المليار سنوياً، وقرابة 50% من مقاصة السلطة تحصلها من الوقود، و50% من ضرائب الوقود تجنيها من قطاع غزة.
الاتفاقية ضمنت 15% هامش عن السعر في (إسرائيل) وهذا يعني ان السعر في الاراضي الفلسطينية يجب ان ينخفض بنسبة 30%
فيما أرجع الطباع عدم انخفاض الاسعار إلى ارتباط الجانب الفلسطيني بالاحتلال الاسرائيلي من خلال اتفاقية باريس الاقتصادية، مع السماح بوجود فرق للمستهلك الفلسطيني لا يتجاوز 15% من السعر الرسمي النهائي للمستهلك في (إسرائيل).
وأكد أن السلطة تحافظ على ارتفاع الأسعار لأنه يحقق لها ايرادات عالية من الضرائب التي تجنيها من الوقود.
من جانبه رجح سمير حمادة رئيس لجنة الغاز في جمعية أصحاب محطات الوقود استمرار رفع الأسعار نتيجة الضريبة المرتفعة التي تجنيها السلطة على المحروقات ولذلك لن يستفيد المواطن من الانخفاض الكبير في أسعار النفط عالمياً.
وبين ان سعر لتر البنزين 7 شواكل، ومع الانخفاض العالمي بنسبة 60% من المفترض أن يصبح السعر 3.5 شيكل لكن ما يمنع هذا الانخفاض هو ضرائب السلطة.
وقال " قبل ان ننظر للأسعار يجب توفير السلعة للمواطن في قطاع غزة الذي يعاني منذ فترات طويلة من أزمة في المحروقات اجمالاً وآخرها ازمة الغاز، فالمواطن لن ينظر للأسعار بقدر ما يعنيه توفر السلعة".
سرقة الوقود
وفي مقابل أزمة الأسعار تشكل قضية العجز في كميات الوقود التي تسلمها أصحاب المحطات على معبر كرم ابو سالم أزمة كبيرة خاصة ان الهيئة العامة للبترول تحمل هذا العجز لأصحاب الشركات بمعنى أن التاجر يدفع ثمن الاف لترات لم يستلمها ويدفع عليها ضريبة أيضاً.
وبحسب تقرير لائتلاف أمان من أجل الشفافية والنزاهة فإن نسبة العجز بلغت في شهر ديسمبر 2013 في البنزين قرابة 15 ألف لتر وفي السولار 13 ألف لتر ويقدر ثمنه بحوالي 172 الف شيكل يتحملها أصحاب المحطات البالغ عددهم 22 شركة، أي ان كل شركة تدفع مبلغ 7855 شيكل، علماً أن 42% من نسبة العجز يتم تحميله لثلاث شركات فقط "بحسب نسبة شراء كل شركة".
اللافت ان هذا العجز يتم تحميله للشركات بموجب فواتير بيع رسمية تصدرها الهيئة العامة للبترول وكأن الشركات اشترت بالفعل هذه الكميات وتسلمتها وهذا يشكل ازمة للشركات في المخالصة الضريبية لأنها تضطر لدفع ضريبة عن هذه الكميات.
التقرير وضع ثلاثة احتمالات للعجز الحاصل، الأول هو أن يكون نتيجة لخلل فني وهدر ناجم عن عملية الضخ خاصة ان المعبر غير مؤهل لنقل الوقود، والثاني ان يكون سرقة من الجانب الاسرائيلي، والثالث ان تكون السرقة من الطرف الفلسطيني.
حل هذه الأزمة بحسب الهيئة العامة للبترول كان من خلال تركيب عدادات وهذا جرى الحديث عنه قبل نحو عام من الآن الا ان مماطلة وتلكؤ هيئة رام الله بتركيب هذه العدادات طوال هذه الفترة يثير علامات استفهام حولها، ويجعل الشبهات تحوم حولها بأنها مستفيدة من هذا العجز، خاصة أنه بحسب مختصين فنيين فإن الاحتمال الأول من الصعب ترجيحه لأن أي فاقد في الغاز او المحروقات يهدد بحدوث حرائق وانفجارات.
رئيس هيئة البترول في غزة الشنطي قال "يهمنا انهاء الازمة وشكلنا لجنة فنية بالشراكة مع القطاع الخاص وتوافقنا على فحص السيارات والتأكد من حمولتها وطالبنا الهيئة بالضفة بتوفير بعض الامكانات منها اسطوانة الفحص والعدادات التي من شأنها ان تضبط عملية نقل المحروقات وبالتالي انهاء ازمة العجز لكن حتى الان لم ترسل الهيئة هذه العدادات".
وفسر العجز بعدة احتمالات الاول هو سرقة من بعض اصحاب الشاحنات الإسرائيلية والاحتمال الثاني ان الكميات المحملة للشاحنات الفلسطينية غير كاملة وهذا تتحمل مسئوليته الهيئة العامة المشرفة على المعبر والثالث هو امكانية وجود خلل فني باعتبار ان المعبر غير مؤهل.
ومن الواضح أن مبرر ضريبة البلو وعدم وجود هامش كبير في الأسعار بين (إسرائيل) والاراضي الفلسطينية كان خشية التهريب بين المناطق وهو أمر ممكن في الضفة الغربية لكنه مستحيل في قطاع غزة
وقال الشنطي "لا نعفي ادارتنا من دورها في الاشراف والمتابعة على الكميات المدخلة والاصل ان المراقبة تكون مضبوطة بشكل أكثر دقة وأن يحصل التاجر على الكمية التي اشتراها بالكامل وألا يتحمل العجز اصحاب المحطات".
وبين ان الهيئة اتخذت بعض الاجراءات التي ساهمت في تقليل نسبة العجز حيث بلغت الشهر الماضي 2000 لتر فيما بلغت في فترات سابقة قرابة 17 ألف لتر، وجميعها يتحمل سعرها اصحاب الشركات.
بينما برر الشوبكي رئيس هيئة رام الله والمسئولة الأولى في الاشراف على الكميات المدخلة على المعبر الأزمة بان بسبب المعايرة الموجودة والتي يرى أنها غير كافية، قائلاً " طلبنا عدادات خاصة لضبط الكميات، لكن الكميات التي تصل من (إسرائيل) لا يمكن الا ان يكون فيها هامش زيادة وهي نسبة خمسة من الف، وهناك خزانات اكبر من غيرها وهذا سبب الازمة ووجود العدادات هو الحل".
من ناحيته قال حمادة من جمعية أصحاب محطات الوقود " الشركات مجبرة على تحمل العجز الذي يحدث على المعبر لأن الهيئة في رام الله والجانب الإسرائيلي لم يسعوا لحل الأزمة خاصة وانهم ليسوا متضررين ويحملون أصحاب الشركات العجز".
وتابع "الهيئة بغزة شكلت لجنة وجرى الاتفاق على أن يزود الجانب الإسرائيلي المعبر بأسطوانة ضخمة لمعيار السيارات على المعبر والتي يمكنها ان تضبط الكميات لكن حتى الان لم يرسلها الجانب الاسرائيلي ولا نتوقع ان يرسلها لأنهم غير معنيين بإنهاء الازمة".
وحول تفسير الشركات لنسبة العجز الكبيرة على المعبر أكد أنه توجد سرقة وقود من الجانب الاسرائيلي، مطالباً بوجود مخزن وعدادات في الجانب الفلسطيني وتحميل السيارات عن طريقها حتى تضبط الازمة، ونحن نشعر بوجود تلكؤ في حل المشكلة من جانب الهيئة في رام الله باعتبارها المتحكمة وهي الجهة المشرفة على المعبر.
ويمكن القول إن السلطة الفلسطينية تتغول على المواطنين من خلال هيئة البترول التي تعتبر ذراع السلطة في الفساد المالي والسياسي، وهي التي لطالما كانت تمثل مع الشركات الاسرائيلية واطراف في السلطة مثلث الفساد والسرقة، وشهدت سابقاً أكبر ملفات الفساد في السلطة.
كما تستغل الهيئة اتفاقية باريس لتحقيق ارباح عالية على حساب المواطن في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانخفاض الدخل لتبقي على سعر المحروقات في السوق المحلى الأعلى عالميا.