"البحث عن العمل ولقمة العيش والأوضاع الاقتصادية الصعبة"، عوامل اجتمعت على بعض شباب قطاع غزة، دفعت أصحاب القلوب القوية منهم للتسلل إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948م، دون الاكتراث لنتائج ما يقدمون عليه.
أحد الشبان المتسللين إلى (إسرائيل)، اعتقلته قوات الاحتلال لمدة 9 أشهر في سجونها، ولم يمنعه ذلك من التفكير مجددا بتجربة التسلل، للبحث عن حياة أفضل, وفق قوله.
ويضيف الشاب -الذي رفض ذكر اسمه- لـ""، "تعبت كثيرا من وضع غزة وأزماتها المتلاحقة، ولا أتأمل بالحصول على فرصة عمل بعد محاولاتي الحثيثة".
ويرى الشاب، الذي لم يكمل عقده الثاني، أن ما يشجعه للعودة إلى التسلل حصوله في سجن الاحتلال على عمل يتقاضى عليه راتبًا يوميًا، وعاد إلى القطاع بمبلغ بسيط ساعده على إعالة أسرته لفترة.
ظروف صعبة
ويتحدث "المتسلل" عن وضع عائلته الاقتصادي الصعب، ما دفعها للاعتماد على مخصصات وزارة الشؤون الاجتماعية التي لا تسد احتياجات عائلته المكونة من 12 فردا، مطالبا بتوفير فرص عمل للشباب بغزة والتخفيف من مشكلة البطالة المتفشية في القطاع.
وتشير إحصائية نشرها مركز الميزان لحقوق الإنسان أنه رصد خلال عام 2014 ما يقارب 57 حالة اعتقال على الشريط الحدودي مع الاحتلال الإسرائيلي، من بينها حوالي 22 طفلا (أقل من 18 عاما).
ولوحظ في الأشهر الأخيرة من العام الماضي أن حالات التسلل ازدادت خاصة بعد العدوان الأخير الذي تعرض له القطاع، وازدياد الحصار وتوقف الإعمار، بالإضافة إلى قلة فرص العمل وتحديدا لدى فئة العمال.
أما الشاب جهاد أبو حشيش (19 عاما)، وصل في شهر إبريل من العام الماضي إلى السلك الفاصل مع الاحتلال واعتقلته في حينها، ومكث في السجن قرابة 4 أشهر، فيما اعتلقت زميله الذي كان يحاول التسلل معه وحكمت عليه بالسجن 9 أشهر.
ووفق رواية والد الشاب أبو حشيش لـ""، فإن الاحتلال اعتقل ابنه أثناء عمله على الحدود في التحطيب، مبينا أنه لم يكن ينوي التسلل إلى الأراضي المحتلة.
ويقول الوالد: "ابني ما زال صغيرا لم يتجاوز العشرين، ولا يفكر بالعمل في (إسرائيل)، وأثناء جمعه للحطب جاءت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي واعتقلته وصديقه، بحجة أنهما يعتزمان التسلل إلى الداخل".
وعلمت "" من مراكز حقوقية أن الشاب ورفيقه كانا يحاولان التسلل إلى الأراضي المحتلة للبحث عن عمل هناك، لكن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلتهم وحكمت عليهم بالأحكام التي قضوها حتى خروجهم وعودتهم إلى القطاع، فيما يخالف رواية والده.
وحاولت "" التواصل مع متسللين آخرين، لكن معظمهم رفض الحديث عما جرى معه مفضلين الاكتفاء بتأكيد تسللهم إلى إسرائيل وعودتهم إلى ذويهم في قطاع غزة بسلام.
وذكر تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية أنه عقب انتهاء العدوان الأخير على غزة وصلت نسبة الشبان المتسللين من القطاع إلى الأراضي المحتلة إلى 25%، حيث تسلل حوالي 170 فلسطينياً منذ بداية عام 2014 حتى نهاية العام.
وتحظر قوات الاحتلال الإسرائيلي على الفلسطينيين في القطاع، دخول المنطقة المحاذية للشريط الحدودي لمسافة 300 متر، وتطلق عليها اسم "المنطقة العازلة"، وتطلق النار أو تعتقل كل من يتواجد فيها.
وفي آخر إحصائيات لمراكز حقوقية فلسطينية، فإن الجيش الإسرائيلي اعتقل نحو 185 فلسطيني منذ بداية 2014 حتى أواخر يناير الماضي 2015، بعد دخولهم لمستوطنات غلاف غزة قادمين من القطاع بحثًا عن فرصة عمل.
وكانت وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة أعلنت نهاية عام 2014، أنها شرعت في إجراءات جديدة لمنع تسلل الشبان إلى الأراضي المحتلة.
ونشرت الداخلية قواتها على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة مع الأراضي المحتلة، خاصة في المناطق الشرقية، خوفا من استفادة الاحتلال من تسلل الشبان الباحثين عن المال لإسقاطهم أمنياً.