"مسجد مدمّر من قصف إسرائيلي، يقابله منزل مكون من 3 طوابق تضرر بشكل جزئي، وشظايا قذائف أصابت السيارات المارة في الطريق" تلك المشاهد اجتمعت في مجسم كرتوني جسدته أنامل الشاب الفلسطيني محمد الزيتي، أطلق عليه اسم "مأساة غزة"، في محاولة لتوثيق شيء مما حلّ بالقطاع طيلة 51 يومًا من العدوان.
الزيتي (21 عامًا) استطاع أن يسخر موهبة الرسم والفنون التشكيلية في تجسيد معالم دمار العدوان على غزة في مجسمات كرتونية، علما أنه كان قد انقطع عن دراسته بعد الثانوية العامة، لكنه لم ينقطع عن مواصلة مشواره في الفن والابداع، من خلال عمل مجسمات كرتونية تحاكي الواقع الفلسطيني.
ويقطن الزيتي في بيت متواضع بمخيم جباليا شمال القطاع، وتتكون عائلته من 7أفراد، والده استشهد عام 2004م، وأخوه الأصغر منه سنًا اعتقلته قوات الاحتلال قبل 50 يومًا على الحدود الشرقية، وحكمت عليها بالسجن 20 شهرا.
وكان الاحتلال (الإسرائيلي) شن عدوانا ضد قطاع غزة هو الأعنف على الإطلاق، أدى إلى ارتقاء أكثر من ألفي شهيد، وإصابة ما يزيد عن 10 آلاف مواطن، إضافة إلى تدمير كبير للبنية التحتية.
زارت الشاب الزيتي واطّلعت على ابداعاته، وقال إنه شرع وهو في السادسة من عمره في هذا الفن من خلال رسم المناظر الطبيعية على الورق.
ويضيف أنه أقبل على عمل المجسمات بعد عام من بداية مشواره الفني، قبل أن يسخره وطنيا.
ويشير محمد إلى أنه أخذ موهبة الرسم عن والده رزق الزيتي الذي كان يعمل مهندسا.
ويورد محمد أنه لجأ إلى تسمية آخر مجسماته باسم "مأساة غزة" بعدما استشعر قسوة المشاهد التي عاشها الغزيون خلال العدوان الإسرائيلي.
ويعتزم الشاب المشاركة في أحد معارض الفنون التشكيلية الخاصة بتجسيد الفن في رسم معاناة المواطنين خلال العدوان الأخير، الذي ستقيمه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا" في مخيم جباليا الأسبوع المقبل.
ويحلم محمد بفتح معرض خاص به؛ لعرض إعماله، لكن الظروف الاقتصادية لعائلته تحول دون ذلك، معربًا عن أمله في أن تتحسن الأوضاع ويتمكن من تحقيق ذلك.
وخرج الفنان التشكيلي من وسط الألم والمعاناة التي لم تقتصر على أوضاعه خلال العدوان فحسب، بل هناك الأوضاع الاجتماعية في عائلته بدءًا باستشهاد والده، وانتهاء باعتقال أخيه، ليتمكن من تطويع ألواح الكرتون في رسم وتجسيد هذا العدوان.