غزة/ أمينة زيارة
معظم الصائمين لا يتقيدون بالعادات الغذائية السليمة حيث تعمد الأغلبية إلى الإفراط في تناول الدهون والسكريات حيث تكثر الحلويات والأطباق المختلفة من اللحوم في شهر رمضان مما يتسبب في التخمة وما يصاحبها من اضطرابات في الجهاز الهضمي، فإن هناك أبحاث تؤكد أن الصوم هو وقت معالجة وراحة للمعدة، ولكن العادات التي يمارسها الصائمون اليوم سلبية، حيث يعوضون وجبات النهار بوجبة الإفطار، "الرسالة" قدمت أسس التغذية السليمة في هذا الشهر الفضيل على لسان المختصين.
ظاهرة غير صحية
وتقول أخصائية التغذية ياسمين عثمان أن الإسراف في الطعام ظاهرة غير صحية أجمع عليها خبراء التغذية، فالإسراف في الطعام يؤدي إلى تخمة وسوء هضم وخمول وآلام معوية وقيئ وغيرها. قال تعالى: "كلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين".
وتؤكد عثمان أن الإسراف في الطعام يؤدي لكثير من الأمراض أبرزها: تصلب الشرايين والتي بدورها تؤدي إلى الإصابة بالجلطة القلبية وتكون حياة الإنسان مهددة بالخطر، آلام المفاصل الناتجة عن الزيادة في الوزن، بالإضافة إلى أمراض أخرى كالسكري، والضغط، والتخمة وأمراض الجهاز الهضمي.
وتتابع الأخصائية: مع قدوم رمضان تنتشر "الولائم" وهي أشبه بزلزال يهز المنازل، فالإسراف في إعداد الولائم الرمضانية وشمولها على عدد كبير من الأصناف المختلفة من الطعام والعصائر والحساء والسلطات وبالرغم من الغلاء الذي طال معظم الأصناف الغذائية إلا أن هذا الغلاء لم يمنع الكثير من الأسر من حشر شتى أنواع الطعام والعصائر والشوربات على موائدهم، بحيث أصبح تقليداً رمضانياً لا يعود على الأسرة إلا بدمار الجيب والصحة.
التوازن
وتشير الأخصائية عثمان: القاعدة العلمية في تناول الطعام هي التوازن بين العناصر الغذائية المبنية على فكرة توزيع مختلف الأصناف على حصص يومية وإذا زادت عن الحد أصبح الطعام يفوق الاحتياجات ليتحول إلى سمنة وتصلب شرايين وسكري وغيرها من الأمراض.
وتنوه عثمان إلى شكاوى شائعة في رمضان أهمها الحموضة وغثيان وتقلصات وتظهر خاصة في الأيام الأولى من الصوم حتى أن البعض لا يكاد يتنفس من شدة التخمة والانتفاخ، وقد يصاب الكثير من الصائمين بعد تناول وجبة إفطار كبيرة، بأحد أو أكثر من هذه الشكاوي معاً والسبب إن المعدة تكون خالية من الطعام خلال النهار وخاصة لفترات طويلة كأيامنا هذه قد تصل إلى 14 ساعة وعند تناول الطعام وملء المعدة خلال ربع ساعة أو أقل لحد التخمة المعدة بلا شك ستصاب بالإجهاد وعسر الهضم.
وتنصح عثمان جمهور الصائمين بالاعتدال في تناول الطعام والبدء بتناول السوائل والشوربات والسلطات ومن ثم تناول الطبق الرئيسي وبكميات معتدلة لا تصل لحد الشبع وعدم تناول الفاكهة مباشرة بعد الأكل، خاصة أن كميات الطعام التي يتناولها الناس في رمضان تفوق احتياجات الجسم بنسبة كبيرة مما يؤدي لتراكم السعرات الحرارية الفائضة على شكل دهون متراكمة.
برنامج غذائي
وعن كيفية تنظيم الصائم لطعامه تجيب الأخصائية عثمان: يبدأ البرنامج الغذائي بوجبة الإفطار بعد راحة للجهاز الهضمي لمدة تزيد عن 12ساعة، حيث يفضل الإفطار بأي شيء خفيف وبكمية قليلة، مثل عدد من حبات التمر، أو حساء دافئ، أو عصير غير مثلج، أو ماء فاتر، ويحبذ الإفطار بالتمر لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وجد التمر فليفطر عليه، ومن لم يجد فليفطر على الماء فإنه طهور"، ففي التمر مواد غذائية متعددة، وخاصة مادة السكريات التي هي سريعة الامتصاص، وسهلة التحليل في الجسم، وكذلك الإفطار بالماء الفاتر لأنه ينقي المعدة والقلب، ويطيب النكهة والفم، ويحدّ النظر، ويغسل الذنوب غسلاً، ويطفئ الحرارة عن المعدة، ويذهب بالصداع"، مضيفة: يفضل عدم شرب الماء على الطعام، ومن الأفضل تناول السوائل وخاصة الماء بكميات قليلة وعلى فترات بين الإفطار والسحور لإمداد الجسم بالسوائل الضرورية، وينبغي أن يراعى التنوع في الوجبة وعدم إهمال الفواكه، ويفضل عدم تناول الدهنيات والحلويات المركزة بكثرة.
وتواصل حديثها: من العادات الغذائية الخاطئة لدينا أننا نكثر من تناول الأكل بين الوجبتين، فلا نكاد نجلس في مجلس ما إلا وتناولنا ما يقدم في المجلس، فالأكل بين الوجبتين غير ممنوع، ولكن لنتعلم كيفية تنظيم الوجبات، ولنتعلم عدم تعويد أنفسنا على النهم.
عادات غذائية خاطئة
بينما يتحدث د. ماهر نصار مسئول برنامج التغذية ومشاكل الوزن في مركز البسمة للإخصاب عن العادات الغذائية الخاطئة في رمضان وينصح بالابتعاد عن العادات الخاطئة كالإسراف في تناول الطعام, بالتركيز على أنواع محددة من الأطعمة معظمها عالية السعرات الحرارية, وغنية بالدهون المشبعة، مؤكداً على عدم الأكل حتى الشعور بالشبع التام في وجبتي الإفطار والسحور لتجنب الإصابة بالتخمة، والتأني أثناء تناول الطعام ومضغه بشكل جيد, لتنشيط عملية الهضم وتحقيق شبع حقيقي وهضم صحي، وكذلك يجب الإكثار من تناول السوائل التي تعوض الجفاف ولكن يراعى أن تكون السوائل بدون سكر, لأن شرب السوائل التي تحتوي على السكر يزيد من العطش, مثله مثل الإكثار من الملح على المائدة.
ويضيف: يجب الاهتمام بتناول الفاكهة والخضراوات الطازجة لاحتوائها على نسبة عالية من الماء والأملاح والفيتامينات، والإقلال من تناول الأطعمة الدهنية أثناء الحر لاحتوائها علي كميات عالية من الطاقة والسعرات الحرارية التي تشكل عبئاً ثقيلاً على الجهاز الهضمي، ومراعاة اختيار الحلوى التي تحتوي على سعرات حرارية أقل كطبق سلطة الفواكه بدلاً من قطعة كنافة أو بقلاوة، وكذلك تجنب تناول المشروبات الغازية مع وجبتي الإفطار والسحور لأنها تحد من كفاءة الهضم وتملأ المعدة بالسكر.
التلطف بالمعدة
وعند تناول وجبة الإفطار في رمضان يذكرنا د. نصار بضرورة الرفق بالمعدة, والتدرج معها في الطعام والشراب, والفصل بين بداية الفطور وتناول الوجبة الرئيسية، وأفضل ما يبدأ به الصائم إفطاره هو التمر, لأن السكريات الموجودة فيه سهلة الامتصاص، بالإضافة إلى تناول قليل من الماء الذي يجب ألا يكون مثلجاًً ثم تناول طبق من الشوربة الدافئة أو السلطة الخضراء لإمداد الجسم بالفيتامينات والمعادن والألياف التي تساعد الصائم على الإحساس بالشبع, وتنشط عملية الهضم, وتقي من الإمساك.
وينصح نصار بأخذ فترة راحة بعد تناول التمر, بأداء صلاة المغرب, لإتاحة الفرصة لامتصاص السكريات والسوائل بسرعة، وتأخير تناول السحور بقدر الإمكان, لأنه يفيد في منع حدوث الإعياء أو الإصابة بالصداع أثناء صيام نهار رمضان, ويخفف من الشعور بالعطش الشديد وتجنب تناول الأطعمة المالحة مثل المخللات والأملاح أو استخدام التوابل والبهارات عند تجهيز أطعمة السحور, كما يجب أن يحتوي طعام السحور على أغذية سهلة الهضم كالألبان ومنتجاتها, بالإضافة إلى الخضراوات الطازجة أو الفاكهة.
نظام حياة جديد
ويضيف نصار أن الجسم يحتاج الخضار والفواكه كثيرا، وكشرقيين نعرض عن هذا الشيء وخاصة في القطاع لا يوجد إقبال عليها لذا نحن بحاجة إلى تغيير هذه العادات.
وعن السلوكيات التي يجب أن يتبعها الإنسان بعد انقضاء شهر رمضان يقول: تغيير نظام الحياة "نظام حياة جديد" من خلال تنظيم النظام الغذائي، ممارسة الرياضة لحرق السعرات وأهمها رياضة المشي وهي من الرياضات الممتازة على أن يكون ساعة في اليوم، والإقلاع عن الدهون والسكريات والحلويات لتخفيف الوزن، كذلك ترشيد أكل الخبر والحلويات خاصة أنها غنية بالمواد النشوية والكربوهيدراتية.