قائد الطوفان قائد الطوفان

حماس تحفظت على بنود في تفاصيل الخطة

الورقة السويسرية تدسُّ "السم بالعسل" في حل قضية الموظفين

موظفون يحتجون على تاخر رواتبهم (الأرشيف)
موظفون يحتجون على تاخر رواتبهم (الأرشيف)

الرسالة نت - محمود هنية

أراد رئيس السلطة محمود عباس وبعض الأطراف الدولية، أن يحسموا قضية الموظفين بطريقتهم الخاصة، بمعزل عن القانون الذي كتبته حركة فتح نفسها إبان تأسيس السلطة، عبر الورقة السويسرية التي قدمت من أجل حل قضية الموظفين المحسوبين على حكومة غزة السابقة.

المبادرة التي حملت أهدافًا ومبادئ عامة تؤكد من خلالها حق الدمج لكل الموظفين سواء من عمل قبل أحداث 2007 وبعدها، غير أن شيطان التفاصيل كان حاضرًا بقوة ليدس السم بالعسل، ولم يكن الشيطان بعيدًا عن رئيس السلطة محمود عباس وعزام الأحمد رئيس ملف المصالحة بفتح، كما كشف عن ذلك مصدر سياسي بالحركة.

الأحمد أصرّ على  ربط وصول وفد منظمة التحرير الى قطاع غزة، بموافقة حركة حماس على هذه المبادرة، غير أن لقاءه بالدكتور موسى أبو مرزوق لم يتم وهو ما أفشل الحصول على موقف من حماس أراد الأحمد نزعه على عين المخابرات المصرية.

تقسيم الموظفين

المهندس زياد الظاظا عضو المكتب السياسي لحركة حماس، كشف حقيقة الموقف من قضية المبادرة السويسرية، وقال إن السويسريين قدموا مبادرة بشأن تسوية أوضاع الموظفين، حيث نصت على المبادئ العامة التي تؤكد الأمان الوظيفي لهم، ومن ثم توجهوا بها إلى عباس والأحمد، حيث قاموا بقلبها رأسًا على عقب.

وأضاف " لاحقًا قدم السويسريون خارطةً جديدةً بعد اعتراض الجهات المختصة في رام الله كرئيس السلطة محمود عباس وعزام الأحمد على الورقة الأولى، قلبوا من خلالها الخطة وجعلوها في مهب الريح وجاؤوا بمبادرة جديدة لا علاقة لها مع الأصل".

المبادرة قدمت مؤخرًا لحركة حماس حيث سلمت للقيادي في حركة حماس خليل الحية، لكن حركته أبدت ملاحظات جوهرية تتعلق بالتفاصيل التي أراد واضع الخطة زج السم بها، ولم تقدم الخطة من قبل كما تحدثت بذلك حركة فتح.

الظاظا قال إن حركته طالبت بإحداث تغييرات وتعديلات وتوضيحات بشأن بعض التفاصيل التي احتوتها الخطة.

بمزيد من التوضيح، يذكر يحيى موسى القيادي في حركة حماس، أنّ الورقة احتوت على خلل كبير، سيما وأنها تجاوزت في الحديث عن تصنيف الموظفين ودمجهم المعيار الثابت الذي حدده القانون الفلسطيني فيما يتعلق بالوظيفة العمومية.

وأوضح أن الورقة تضمنت خللًا في تقسيم الموظفين ما قبل 2007 ومن وظف بعد هذا العام، حيث تعتبر الأول شرعي والآخرين يستكمل بهم في الشواغر الموجودة، معتبرًا ذلك تجاوزًا لقانون الخدمة المدنية الذي يعطي الحق للموظف في العمل ويقر له حقوقه بشكل كامل.

ونفى موسى بشكل قاطع موافقة حركته على المبادرة السويسرية قائلا: "حركة فتح تتنفس كما تكذب"، ولم نعط أي موافقة على هذه الورقة.

هذا ما تضمنه الورقة الأولى، بالعودة الى الورقة الثانية فإن التعديل تضمن تغييرًا جوهريًا في كثير من القضايا سيما وما يتعلق بانتهاء خدمة بعض الموظفين لقاء مكافآت وهو العرض الذي طرحته حكومة التوافق قبل عدة اشهر.

ويعلق موسى بالقول "الموظفين في السلطة هم في إطار الخدمة المدنية، ولا يجوز فصل أيا منهم بشكل تعسفي أو حرمانهم حقوقهم وترقياتهم أو علاواتهم".

أمّا عن اللجان القانونية التي تقرها الورقة كأساس لدمج الموظفين، أكدّ موسى أنها لم تشكل بعد، محذرًا في الوقت ذاته تشكيل أي لجنة خارج التوافق كما نص بذلك اتفاق المصالحة، وقال إنها ينبغي أن تعمل وفق القانون وليس في خارجه، وتطبيق ما تم الاتفاق عليه والالتزام نصًا وروحًا باتفاق القاهرة.

التأكيد على الشرعية

الظاظا  طالب بالعمل على إجراء تعديلات جوهرية وأساسية في المبادرة السويسرية بشأن الموظفين، بما يتناسب مع ما تم الاتفاق عليه بين الفصائل في القاهرة والشاطئ.

واعتبر الظاظا أن الموظفين الشرعيين هم من عملوا بعد الأحداث التي شهدها القطاع عام 2007م، "والمطلوب دمج القدامى معهم"، موضحا أن جميع المراسيم الرئاسة والحكومية التي صدرت قبل تولي حكومة التوافق تبقى سارية المفعول إلى حين عرضها على التشريعي، ومن ثم يقرها أو يعدلها ضمن ما تتوافق عليه الكتل النيابية.

وبين أن حكومة الحمد الله لا يجوز لها القيام بأي تعديلات أو تعيينات أو ترقيات بالمطلق داخل الحكومة حتى إجراء انتخابات فلسطينية، وتشكيل حكومة جديدة، لافتًا إلى أن ميثاق الشرف الذي وقعت عليه الفصائل والتي أكدت أنه لا يجوز فصل أو رفض أو قطع راتب أي شخص لانتمائه السياسي.

وأكدّ الظاظا على ضرورة تطبيق ما تم الاتفاق عليه رزمة واحدة، لأن اتفاق المصالحة جزء واحد لا يتجزأ، إلى جانب أن العاملين على المعابر هم الشرعيون، محذرًا من تعامل "التوافق" وكأنها امتداد لحكومة رام الله السابقة.

وبشأن موقف الفصائل أكد أن جميعهم يطالبون الحكومة بتنفيذ اتفاق المصالحة، والامساك بزمام الأمور في القطاع.

في حين ذكر جميل شحادة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أن الأحمد كان يرغب بالحصول على إجابة تتعلق بموافقة حركة حماس بشأن المبادرة السويسرية، مشيرًا إلى أن الحركة أعطت موافقة مبدئية وهو ما نفته لاحقًا.

بينما قال الأحمد القيادي الفتحاوي إن هذه المبادرة تعد المخرج الاساسي لحل قضية الموظفين، رافضًا ملاحظات حماس بشأن بعض تفاصيلها، مبينا أن ما تحمله هذه الخطة أمر كاف لحل قضية الموظفين.

وقد اعتبر زياد أبو عمرو نائب رئيس الوزراء هذه الخطة مدخلًا ناجحًا لحل ازمة الموظفين.

الخلاف لدى عباس

وبحسب المراقبين فإن رئيس السلطة محمود عباس أشل من قدرة السويسريين على حل قضية الموظفين، لاسيما وأنهم نظروا لحلها نظرة ادارية وفنية بحتة، على عكس عباس الذي نظر الى الحل عبر رؤية سياسية.

ويقول يوسف رزقة المحلل السياسي، إن عباس يقدم الولاء الوظيفي على المهنية ويصر على الحجر السياسي لإنهاء قضية الموظفين منذ عشرة اشهر، معتقدًا أن الوسيط السويسري لا يملك القدرة على التنفيذ بدون موافقته الشخصية.

وفي ظل الحديث عن ورقة جديدة وما تضمنته من تغيير في الورقة الاولى، رأى رزقة أن هذه استجابة للتأثير من جانب الوسيط، غير أن عباس مصر على ابقاء جميع الأوراق بين يديه حتى لو كان على حساب حسم المشكلات وحلها.

ويوافقه الرأي المحلل السياسي فايز أبو شمالة الذي جدد تأكيده بأن رئيس السلطة هو العقبة الأولى امام حل جميع القضايا العالقة، وفي مقدمتها قضية الموظفين، الذي يريد عباس من خلال ورقتهم ابتزاز القطاع وتجويعه، وفق تعبيره.

وطبقًا لما اطلعت عليه "الرسالة" من مصادرها الخاصة، فإن السلطة الفلسطينية ابلغت ممثلية الاتحاد الاوروبي، رفضهم التعامل مع اي ملف يخص حركة حماس وانهاء المشكلات معها، دون أن توافق الحركة على تسليم كامل المهام الادارية والوزارية في غزة، وهو ما يفسر طبيعة وجود المشكلات المتعمدة بشأن حل قضايا القطاع المتفاقمة وفي مقدمتها قضية الرواتب.

البث المباشر