في الوقت الذي تُتهم فيه المقاومة بالإرهاب

(إسرائيل) تستبيح سيناء برغبة السلطات المصرية

1-sina
1-sina

الرسالة نت-محمود فودة

شهدت محافظة شمال سيناء المصرية ارتفاعا في عدد الغارات التي تشنها طائرات بدون طيار على المنطقة، وتؤكد مصادر "للرسالة" أن تلك الغارات تعود لطائرات تابعة لدولة الاحتلال، في الوقت الذي ينشغل القضاء والإعلام المصريين عن متابعة هذه الغارات باتهاماته لغزة ومقاومتها إلى أن وصل بهم الحد لوصفها بـ"إرهابية".

ويبدو أنه لم تكن مصادفة زيادة عدد الغارات التي باتت يومية وأدت لمقتل وإصابة عدد من سكان سيناء المدنيين مع إعلان القناة (الإسرائيلية) العاشرة قبل أسبوع عن أوامر لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بتنفيذ عمليات داخل سيناء.

أوامر نتنياهو أتت كتتويج لتصريحات (إسرائيلية) سابقة أشارت لوصول العلاقة مع مصر لأفضل حالاتها، فيما ذكر موقع "واللا" العبري وجود تنسيق ميداني بين الجيشين المصري و(الاسرائيلي) على كافة المستويات لمنع تهريب السلاح عبر الأنفاق لغزة، ومحاربة الجماعات الجهادية في سيناء وفق زعمه.

غارات يومية

محلل الشؤون السياسية في الإذاعة الإسرائيلية شمعون أران أوضح في تصريحات له أن هذا التعاون تجسد في تحليق طائرات (إسرائيلية) من دون طيار فوق سيناء لجمع المعلومات، واجتماعات أمنية منتظمة.

معلومات مؤكدة وصلت "الرسالة" من مصادر طلبت عدم الكشف عن اسمها، بتعرض منازل وسيارات للقصف من طائرات بدون طيار (إسرائيلية) قرب مدن الشيخ زويد ورفح والقرى الشرقية كـ (الجورة، التومة، 17، اللفيتات، المقاطعة، الزوارعة، الشديدة، الخروبة).

وردًا على سؤال "الرسالة" عن كيفية تعرفهم على هويتها، استدلت المصادر بأن سكان المنطقة الحدودية استشعروا بدخولها، عند اختراقها للمجال الصوتي من الناحية الشرقية من الحدود، كما أن تلك الغارات تتركز في وقت الليل، فيما لم تسجل أي غارة خلال النهار تخوفًا من كشف مصدر دخولها لمناطق سيناء بحسب رواية المصادر.

وأفادت المصادر بانتشار كمائن "ولاية سيناء" على الطرق؛ بحثًا عن مطلوبين يتهمونهم بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بعد استهداف الطائرات لعناصر الولاية وسياراتها المتحركة.

وفي دليل على صحة المعلومات التي توصلت لها "الرسالة" نقل موقع حدري حرديم التابع للمتدينين اليهود بأن طائرات اسرائيلية قصفت "ارهابيين" شمال سيناء.

ورغم أن دولة الاحتلال اعتادت على تنفيذ مخططاتها في سيناء بعيدًا عن الإعلام، إلا أنه في هذه المرة اعلن التنسيق والعمل المباشر هناك، وهو ما ارجعه مراقبون للضوء الأخضر والرضى المصري عما يجري، فالجيش يغض الطرف عن هذه الغارات ولا يذكرها في أي من بياناته لا تعليقًا ولا استنكارًا، برغم تقديمه كشف أعمال يومي لما قامته به قواته في سيناء.

ويشار إلى أن دولة الاحتلال تستبيح الأراضي السيناوية منذ سنوات فقد اخترقت الحدود لمسافات كبيرة في أكثر من مرة من أجل تصفية كوادر جهادية مثل إبراهيم عويضة في قرية خريزة وسط سيناء، صيف 2012، ومهدي أبو دراع في قرية جوز أبو رعد بجنوب رفح في عام 2013، كما قصف سيارة تقل 4 جهاديين في منطقة العجراء جنوب رفح في صيف 2013، فيما اعتقلت الناشط الفلسطيني وائل أبو ريدة من سكان غزة خلال رحلة علاجية بمصر.

وفي مطلع العام الجاري أكدت القناة العبرية العاشرة أن "الجانب المصري يوافق على كل طلب تتقدم به (إسرائيل) حول سيناء"، فيما ذكر معلق الشؤون العسكرية ألون بن دافيد أن "التعاون بين الجيشين يمتد لتنفيذ عمليات ضد العدو المشترك للبلدين".

ومن جهتها لم تنف القاهرة على الإطلاق بيانات منسوبة للجماعات المسلحة في سيناء، التي اتهمت فيها النظام المصري بالتنسيق مع (إسرائيل) في مواجهتها عبر أعمال مشتركة بين الجيشين الاسرائيلي والمصري.

تجاهر بتعاونها

ويرى مراقبون أن إنشاء المنطقة العازلة بين سيناء وغزة، وقيام (إسرائيل) بعمليات عسكرية ضد المسلحين يأتي في مقابل مساهمتها في إقناع واشنطن وحلفائها لدعم الانقلاب العسكري في القاهرة، والسماح له بإدخال قوات عسكرية لسيناء وهو أمرٌ مخالف لمعاهدة كامب ديفيد التي تقيد الوجود العسكري المصري في المنطقة المذكورة.

المفكر المصري محمد الجوادي رأى أن ما يجري هو تحصيل حاصل نظرًا لنوعية العلاقة الناشئة بين النظام المصري و(إسرائيل)، إلا أن الخطير في هذه الاستهدافات الجديدة أنها أصبحت عشوائية لأول مرة منذ سنوات طويلة، ومرد ذلك يعود لقتل أهل سيناء للعناصر المتعاونة مع (إسرائيل) وفق قوله.

وفي أسباب التدخل الاسرائيلي المباشر في سيناء برغم وجود قوات مصرية تقوم بعمليات عسكرية مستمرة، قال الجوادي في حديثه لـ"الرسالة" إن عدم ثقة (إسرائيل) بالجيش المصري في تنفيذ بعض المهمات وضعف قدرة جيش المصري على مواجهة التنظيمات الجهادية في سيناء دفعه للتدخل.

الخبير في الأمن القومي إبراهيم حبيب رأى في الاعلان الاسرائيلي عن تنسيق ميداني وتسريبات بعض المواقع بوجود عمليات عسكرية سابقة خطيرة، إذ اعتادت (إسرائيل) العمل في سيناء بعيدًا عن الأضواء، إلا أنها باتت تعمل بكل أريحية بغطاء كامل من الجهات الرسمية المصرية.

ويؤكد أن تخوف (إسرائيل) من وصول العناصر الجهادية لأراضيها هو الدافع الاساسي لعملها، فيما تمثل المنطقة العازلة مع غزة مؤشرا على تآمر مصري ضد غزة، ضمن خطتها لحماية (إسرائيل)، وفي ذات الوقت تتجاهل أمنها القومي بالتضييق على المقاومة الفلسطينية بغزة.

البث المباشر