جهاز لا يزيد حجمه عن قبضة اليد، يقرأ النصوص المطبوعة باللغة الأم (العربية) والإنجليزية، والأجمل من ذلك انه يقرأ بأصوات مختلفة وسرعة قراءة حسب الاختيار. ذلك هو منتج مشروع التخرج الذي توصل إليه أربعة طلبة من قسم الهندسة الكهربائية بالجامعة الإسلامية.
الخريجون يوسف السنوار وأنيس الريس وناجي الزطمة وعدي أبو ريدة، القائمون على فكرة المشروع، لم يمنعهم الحصار وقلة الامكانيات من تحقيق الهدف الذي وضعوه لأنفسهم وسعوا بكل ما يستطيعون لتحقيقه، وكان لهم ذلك.
الفكرة الأساسية من هذا المنتج كما يوضح يوسف السنوار ""، الخروج بمشروع له واقع ملموس في المجتمع، تستفيد منه فئات معينة، كالمكفوفين، والأميين (كبار السن) الذين لا يجيدون القراءة والكتابة، وكوسيلة تعليمية للأطفال.
الخريج "الريس" المشارك الثاني في المشروع، أكمل على قول يوسف، بأنه يمكن التحكم في الأصوات الخارجة من الجهاز حسب رغبة المستمع، كما يمكن اختيار السرعة الملائمة لنطق الحروف وقراءتها، بالإضافة إلى إمكانية استخدام سماعات شخصية لسماع النص المنطوق.
وبالحديث أكثر عن الجهاز الصغير وآلية عمله، يقول السنوار، إنه عبارة عن جهاز فيه كاميرا تلتقط الصور التي أمامه، ويحللها بحيث يستخرج محتوى النصوص فيها باللغتين العربية والانجليزية، وبعد ذلك يحولها لنصوص قابلة للتعديل ومتابعة الحروف حرفا حرفا بحيث يقدر على نطقها ثم تحول إلى ملف صوتي ليتمكن المستخدم من الاستماع إليها. وأضاف "المتحكم المستخدم من أكثر المتحكمات تطورا، والقطعة المستخدمة تمثل جهاز حاسوب كامل".
الخريجون حاولوا انتاج شيء جودته عالية، فاستخدموا القطعة الأساسية في تكوين الجهاز (القارئ)، رغم أنها غالية نسبيا حسب قولهم، من أجل أداء أفضل للجهاز.
صعوبات ومعيقات
وبالانتقال إلى الصعوبات والمعيقات التي واجهت الخريجين أثناء انجازهم المشروع، يقول الريس: "اللغة الانجليزية كانت سهلة لأن معظم لغات البرمجة تدعمها، أما الصعوبة التي واجهتنا فكانت في اللغة العربية، وحاولنا حتى استطعنا استخدامها لكن يجب وجود انترنت لقراءتها". مستدركا: "نعمل الآن على الاستغناء عن الانترنت".
وقد عطل عدم توفر القطع في غزة من سرعة تنفيذ المشروع، فكان من المقرر إنجازه في الصيف الماضي، لكن حصل العدوان الإسرائيلي على غزة ما أخر عمل الخريجين لعام كامل تقريبا، واضطروا للحصول على قطع الجهاز من الخارج بعد عناء.
معيق آخر وقف في وجه الطلبة المتميزين، تمثل في لغة البرمجة الصعبة، ولم يكن عندهم وقت كاف لانجاز المشروع لأنهم تأخروا فيه، بالإضافة إلى الكاميرا التي تم استخدامها، حيث تصعبوا قليلا في الحصول عليها للوصول إلى دقة عالية وأداء راق وحجم صغير يتناسب مع الجهاز.
تطوير الجهاز
طموح الخريجين الأربعة لم يتوقف عند ما وصلوا إليه، فهناك تطلعات لتطوير الجهات حتى يكون قادرا على قراءة أكثر من لغة وإضافة الفرنسية والألمانية، وقادرا على الترجمة وتعدد الأصوات واستخدامات الجهاز.
ويقول الخريجون: "لدينا تطلع آخر لإضافة شاشة LCD لاستخدامها في الترجمة، وهذا الأمر ممكن بسهولة لأنه جاهز من ناحية البرمجة، كما أننا نهدف لأن يكون وسيلة يستخدمها الطالب الجامعي لترجمة نصوص جديدة عليه يصعب عليه قراءتها".
والإضافة الأهم بالنسبة لأصحاب المشروع، أنهم سيعملون على تصميم معين للجهاز أصغر من الشكل الحالي حتى يكون أسهل في الحمل والاستخدام.
وسيكون التطوير في البرمجة فقط، لأن المشروع من الأساس لا علاقة له بالمكونات المادية، ويعتمد بشكل أساسي على البرمجة غير المعقدة كما يوضح الخريجون.
الدكتور باسل حمد المشرف على المشروع، رأى أنه مشروع رائع وجديد من نوعه في غزة، خاصة وأنه يدعم اللغتين العربية والانجليزية، ومنحهم درجة الامتياز عليه.
وكعادتهم، طلبة غزة المبدعون لا يمنعهم حصار ولا دمار من التجديد والابتكار في كل مجالات الحياة، لأنهم مؤمنون بقول الشاعر "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".