ثلاثة أيام فقط ويسود الصمت الانتخابي بين قادة الاحتلال بعد فترة من الصراع العلني على المقاعد الانتخابية للكنيست، لم تخل من استغلال المعارضة لفشل نتنياهو في حربه الأخيرة على غزة وتدمير البنية العسكرية لحماس لصالح دعايتهم الانتخابية.
لكن السيناريو الذي لم يتخيله نتنياهو ويمكن أن يخرجه عن صمته ليلة الانتخابات، ويطيح به تلقائيا قبل أن تفتح صناديق الاقتراع أبوابها، هو أن تكشف كتائب القسام عن بعض مما لديها في "الصندوق الأسود" وتحدث عنه عدد من قادة الحركة بعد أن وضعت الحرب اوزارها.
وتحرص الحكومة الإسرائيلية بتركيبتها الحالية خلال هذه الفترة على عدم نبش ملف الجندي "شاؤول آرون" الذي أعلنت كتائب القسام أنه أسير لديها، لأنه يمنح خصوم نتنياهو فرصة اضافية للانقضاض عليه، استكمالا للاتهامات السابقة له بالفشل في تحقيق أهدافه بحربه على غزة كما أعلن ذلك صراحة رئيس الموساد السابق مائير داغان.
ويتجلى ذلك بتجاهل حكومة نتنياهو مطالب عائلة ضابط لواء "جفعاتي" هدار جولدن خلال مؤتمر صحفي نهاية العام الماضي بأنها تعتقد أن ابنها حي ويجب عدم ترك غزة حتى تحريره والعودة به".
ويمكن أن تكون الضربة القاضية لمستقبل نتنياهو السياسي صامتة أيضا، من خلال نشر بضع ثوان من فيديوهات عمليات كتائب القسام التي نفذتها خلال الحرب، سواء أكانت جديدة أو استكمالا لمقاطع فيديوهات سابقة لم تكشف بها عن جميع التفاصيل التي تخبئها في جعبتها.
ذلك السيناريو ليس مستبعدا إذا ما ربطناه بالتغريدات الخاصة بالأسرى التي نشرها أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام قبل ثلاثة أيام في حسابه الرسمي على تويتر وقال فيها "إن قضية الأسرى على رأس أولويات كتائب القسام، سطّر التاريخ هذا، ويشهد الحاضر، وسيثبت المستقبل ذلك بإذن الله".
ويبدو أن حماس وغزة ستبقى المؤثر الأبرز على العملية الانتخابية الإسرائيلية، حيث اتهم قبل أسبوعين، زعيم المعارضة (الاسرائيلية) يتسحاق هرتسوغ نتنياهو بالفشل في التعامل مع حماس في غزة وإضعافه بشدة لقوة الردع ضد حزب الله في الشمال.
ويتشبث زعماء المعارضة الإسرائيلية بتلك الاتهامات، لأنها اثبتت نجاعتها عقب حرب "الكوانين" على غزة نهاية 2008 ومطلع 2009، حينما اسقطت تبعاتها حكومة أولمرت حينها، وأطاحت بالمستقبل السياسي لوزير الحرب حينها ايهود باراك.
وبقراءة ما يدور في الساحة الانتخابية الإسرائيلية، فان التداعيات السياسية للحرب على غزة لم تضع اوزارها بعد، حيث أكد مستشار الأمن القومي السابق غيورا آيلاند نهاية العام الماضي أنه "سيكون لها تداعيات بعيدة الأمد على الجمهور في (إسرائيل)".
ويتخذ الجيش الإسرائيلي عقب كل حرب يخوضها إجراءات تحقيق في أسباب اخفاقه، على غرار ما أكده تقرير فينوغراد الذي صدر عقب العدوان على لبنان صيف العام 2006، واتهم حينها المستوى السياسي والجيش بالفشل المزدوج، فيما لا زلنا بانتظار ما ستكشفه نتائج التحقيقات في الحرب الأخيرة على غزة.
في المقابل يبقى مشروع المفاوضات غائبا عن الدعاية الانتخابية الإسرائيلية التي اطمأنت بأنه لن يؤثر على الأصوات الانتخابية، حتى وان تحدث المعسكر الصهيوني ببرنامجه الانتخابي عن تسوية سياسية مع الفلسطينيين ربطها بتعزيز الأمن وقدرة الردع الإسرائيلية.
وشكل الحديث عن مشروع تسوية في برنامج هرتسوغ ورقة ضغط بيد نتنياهو الذي أكد خلال تجمع انتخابي له في تل ابيب قبل يومين أنه لو خسر الانتخابات فان ذلك يشكل خطرا حقيقيا على (إسرائيل)، متهما منافسيه انهم يسعون لإحياء مفاوضات السلام مع الفلسطينيين والتفاوض بشأن تقسيم القدس وإعادة الأرض، على حد قوله.
في النهاية لن يكترث الشعب الفلسطيني لمن يفوز بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة، باعتبار القوائم الانتخابية أوجه لنفس العملة، التي تهدف لقتل الشعب الفلسطيني سواء كانت بطابع يساري أو يميني متطرف، لكن غزة ستسجل أنها القادرة على قطف الرؤوس الأقوى إسرائيليا وازاحتها عن المشهد السياسي، بعدما أثبتت جدارتها في القتال ميدانيا.