عدنان نصر- الرسالة نت
سطعت أضواء باهرة من مبنى سجن أنصار غرب مدينة غزة، لتبدد وحشة المكان، وتضفي نفحات رمضانية على هذا المكان المعزول، الذي يحيطه سور شاهق وأسلاك شائكة، ويضم بين جنباته أربعة أقسام للنزلاء.
الأجواء الرمضانية داخل الأسوار تشعر المساجين بأنهم يعيشون خارج جدران السجن، فقد دأب قسم الإرشاد والوعظ الديني على تقديم برامج رمضانية متعددة كي ينأى النزيل بنفسه بعيدا عن العادات السيئة التي يمكن أن ترافقه عندما يشعر بطعم الحرية .
وسادت مشاعر الفرحة على وجوه النزلاء بالإفطار الجماعي مع عائلاتهم، ففي المكان المخصص لزيارة ذوي النزلاء تجمعت خمسة عائلات حول مائدة الإفطار مع أبنائهم المسجونين وفق برنامج الزيارة التي أعدته ادراة السجن لشهر رمضان.
وقبل أن يحين موعد آذان العشاء يهرع نحو (180 أسيرا) من قسمين كبيرين إلى " فورة" السجن لتأدية صلاة التراويح جماعة، والإصغاء إلى الدروس الدينية التي يلقيها على مسامعهم قسم الإرشاد والوعظ الديني.
وتستدعي إدارة السجن وعاظ من الخارج لإلقاء دروس دينية، وأحيانا يتخلل الدعاء الأخير في صلاة التراويح بكاء المساجين على ما فاتهم من لحظات ثمينة أهدروها في المعصية.
وينطوي قسم الإرشاد تحت دائرة العلاقات العامة التي نسجت علاقة مع جميع المستويات للتواصل مع أهالي السجناء، ولجان الإصلاح والجمعيات الخيرية، والمؤسسات الحقوقية.
ويشير زياد يعقوب مدير العلاقات العامة في السجن إلى انه تم إعداد برامج متنوعة ، وتوفير الاحتياجات المناسبة للمساجين في هذا الشهر الفضيل.
ويقول يعقوب لـ "الرسالة نت": "نطمح أن يكون النزيل عند خروجه من السجن شابا صالحا يستطيع أن يخدم نفسه والمجتمع, ويبتعد عن الأعمال التي اقترفها سابقا، موضحا أن ادراة السجن عرضت على النزلاء فيلم الشهيد عماد عقل بهدف تغيير شخصية المساجين وتحويلها من منحرفة إلى شخصية مقاومة .
ويقول وسام مشتهى القائم بأعمال الإرشاد الديني في مركز الإصلاح والتأهيل أن جمع زكاة الفطر من النزلاء ميسوري الحال وتوزيعها على المساجين الفقراء لاقى قبولا من المساجين، كما تم تعيين إماما لكل غرفة من المساجين وتنبيه الجميع للصلاة جماعة في أوقاتها.
ويضيف مشتهى: نعقد امتحانات بشكل يومي لكافة النزلاء، ونركز على حفظ سنن الوضوء والتشهد وقراءة الفاتحة، لافتا إلى أنهم يقدمون جوائز عينية للحافظين لتشجيعهم على مواصلة الطريق السليم.
ويشير محمد حجيلة القائم بأعمال الإرشاد الديني أيضا في نفس القسم إلى أن الإدارة ساعدت بعض النزلاء الذين عليهم كفالات مالية، بتغطية جزء منها.
ونوه الى أن 30 سجينا اشتركوا في مخيم الفرقان لحفظ القرآن، وحفظ أحدهم عشرة أجزاء، وستعقد الادراة أمسية رمضانية لمنحهم شهادات تكريم من وزارة الأوقاف، وكوبونات مساعدة من قسم الإرشاد، كما يجري الحديث مع نواب في المجلس التشريعي لتخفيف مدة محكوميتهم.
ويجري قسم الإرشاد مسابقة رمضانية يومية من خلال طرح سؤالين على النزلاء ومنح الفائزين جوائز عينية لها أثرا بالغ في نفسية المساجين، كما وتسمح الادراة لوسائل الإعلام بإجراء المقابلات مع بعض النزلاء للتعبير عن الوضع الطبيعي في السجن والترويح عن أنفسهم.
جدير ذكره أن سجن غزة المركزي تعرض لقصف إسرائيلي خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، ونقل السجن إلى مجمع أنصار الحكومي حيث يقبع بين أسوار السجن ما يقارب 380 سجينا.
في سجن أنصار شباب في عمر الزهور كانوا ضحية لنزواتهم وشهواتهم ، فلا أحد معصوم من الخطأ، وسجنهم تحول من محنة إلى منحة. من يدري فربما يكون شهر رمضان الفضيل بمثابة سدا منيعا يلجم شهواتهم وينبذ جرائمهم ويكونوا عنصر بناء في المجتمع .