قائمة الموقع

مورو: الاعتراف بالخطأ طريقنا إلى التغيير و"داعش" ملجأ العاجزين

2015-03-18T09:15:11+02:00
نائب رئيس "حركة النهضة" التونسية، عبد الفتاح مورو
تونس-الرسالة نت

حمّل نائب رئيس "حركة النهضة" التونسية، عبد الفتاح مورو، المفكّرين الإسلاميين عبر التاريخ، المسؤولية عن تردّي أوضاع المجتمعات الإسلامية، نتيجة عجزهم أو خوفهم من تأصيل العلاقة بين الحاكم والمحكوم. وأكد في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "العلاقة التي نجحت في عهد النبوة في إدارة الحكم، أصبح يُنظر إليها اليوم على أنها غير مُمكنة التطبيق، نتيجة عدم تأصيلها من قبل العلماء، لتصبح جزءاً من وعي الناس وإدراكهم لتقبلّها".

واعتبر مورو على هامش مشاركته في مؤتمر "دور الوسطية في مواجهة الإرهاب وتحقيق الاستقرار والسلم العالمي"، الذي عُقد يومي 14 و15 مارس/آذار الحالي، في العاصمة الأردنية عمّان، أن "تقصير العلماء جاء على مستويين اثنين".

وكشف أنه "في المستوى الأول، لم يستوعب قدامى المفكرين الإسلاميين الصدمة التي حصلت بينهم وبين حكام الأنظمة، الذين حوّلوا نظام الشورى إلى نظام استبداد. لم يقاوم العلماء تيار الحكام، ولا حتى على مستوى الكتابة، ولم يدعوا إلى ما ينبغي أن يكون عليه الواقع".

واعتبر أن "المستوى الثاني من التقصير حدث، عندما ولج العالم الإسلامي عتبة العصور الحديثة، وظهرت مفاهيم جديدة وتغيّر نمط الحياة والتفكير". وأضاف أنه "عندها لم يتجرأ العلماء على تقبّل التغيير، ونظروا إليه كعدوٍّ، على اعتبار أنه جاء من الغرب".

وذكر أنه "علينا فقط أخذ حاجتنا من التغيير وتجييره لأنفسنا، وأن نتجرأ ونعترف بأننا كنا متخلفين وبتنا متقدمين. ما الذي يمنعنا أن نأخذ من الغرب ما هو إيجابي لحياتنا اليوم؟ سبقنا الخليفة عمر بن الخطاب عندما أخذ نظام الدواوين من الفرس، ولم يقل أن في ذلك تخلفاً.

واتهم مورو العلماء الذين شرّعوا الدكتاتوريات العربية، من خلال فتاوى عدم الخروج على الحاكم الظالم، فرأى بأنهم "أساؤوا للإسلام وحجّموه بالغائهم أصلاً أساسياً فيه وهو الشورى، وذهبوا للانشغال بفتاوى الهيئات ونواقض الوضوء وغيرها، مما ليس من أصول الدين". وتابع "أول مجلس عُقد في الإسلام هو مجلس انعقاد الكون، وهو مجلس الخلق، الذي ترأسه الله ليتشاور فيه مع مخلوقاته، واليوم يأتي من يقول بإلغاء مجلس الشورى الذي قام عليه الكيان الإنساني".

واعتبر أن "قصور الفهم كان أحد أسباب فشل تجارب الحركات الإسلامية الناشئة، التي صعدت خلال فترة الربيع العربي". وأشار إلى أن "الإسلاميين لم يأخذوا في عين الاعتبار الواقع الصعب، ولم يقبلوا دخول الساحة كطرف في صورة، بل سعوا لأن يكونوا الصورة كلها". ورأى أن "المسألة تحتاج إلى تدرّج وفهم من قبل الشعوب، خصوصاً النخبة، وعلى الإسلاميين ادراك أنه لن يحكم أحد شعبه، من دون مشاركة الشعب، الذي هو جزءٌ من نجاح التجربة".

وقال "لا يخوّلنا انتسابنا إلى الإسلام، الذي هو قاسم مشترك بيننا وبين شعوبنا، الادّعاء أننا أقدر من غيرنا على حكم شعوبنا. هذا قول غير صحيح". وأكد في الوقت عينه، أن "السنوات القليلة الماضية، لم تكن كافية للحكم على مجمل تجربة الحركات الإسلامية، التي يجب أن تعبّر عن رغبة الناس في التطوّر مع تأصيل تطورهم بما لا يتناقض وقيمهم".

واعتبر مورو أن "جرأة الإنسان تُمكّنه على الاعتراف بالخطأ، وهو ما لا يتجرأ عليه غالبية الإسلاميين، الذين يعتبرون اعترافهم بالخطأ نقيصة، من دون أن يلتفتوا إلى أن الرسول كان يعترف بأخطائه، في إشارة منه إلى أن القائد يجب أن يكون مقوّماً لمساره، وخاضعا لقدرته على تقييم نفسه، قبل أن يفسح المجال لغيره لتقييمه". وأصرّ مورو على "ضرورة توسيع الاعتراف بالخطأ، وشموله واقع تعامل الحركات الإسلامية مع الشباب والمرأة"، لافتاً إلى أنه "علينا أن نعطي مكانة خاصة للشباب والمرأة في المجتمع".

ورأى أن "الشباب يحتل في المجتمع مكانة هامة جداً، وهو الذي يسوّق المعلومة ويستفيد منها، فكيف نلغيه من القرار؟ وكيف لا نقوّم مسارنا في التعامل مع المرأة، التي ما تزال حتى اليوم جزءاً منسياً في المجتمع، ولا يسمح لها في أي اجتماع إلا أن تكون في الصفوف الخلفية، وممنوع أن تشارك أو أن تتحدث أو أن تبدي رأياً. هذه العقلية يحتاج تطويرها إلى زمن، للوصول إلى التوازن بين حق الرجل والمرأة في الوجود".

وحول إقدام بعض أنظمة الحكم العربية على ترهيب جماعات إسلامية عُرفت باعتدالها، وأثر ذلك على جرّها إلى التطرف، قال مورو إن "الرفض يبرر التطرف، لدى غير العاقل وبعض العقلاء، لكنه ينبغي ألا تكون مواقفنا مجرّد ردود أفعال. الخطأ لا يبرر الخطأ المُقابل. حتى لو كان هناك من يرفض الإسلام، إلا أنه لا يبرر وجود البعض في الطرف الآخر يمنعونهم من التعبير عن رأيهم".

وتابع "المفروض أن نصل إلى المجتمع الذي يسمح للجميع بالحق في التفكير والنطق والتجمع كحقوق أساسية. يجعلنا الظلم والاستبداد المسلّط اليوم علينا، أمام خيارين مرفوضين، إما القبول بالفوضى وإما الدكتاتورية. وكلاهما ليس بخيارٍ وإنما قهر لإرادتنا، نحن نريد المسلك الذي يحقق كياناً لنصلح مجتمعنا بعمل دؤوب، ينبع من داخلنا".

وختم مورو "لا يستطيع الفرد أن يخدم حاكماً لم يكن له دور في اختياره أو نقده، وهنا يجد من يتعرضون لظلم الحاكم في الجماعات الإرهابية كداعش، حلاً سهلاً. وهو ما يبرر وجود حاضنة لهذه الجماعات التي تجد نفسها محمية بقواعد شعبية، تئنّ تحت وطأة الاستبداد والظلم. داعش هو ملجأ العاجزين، الذين وجدوا أن الرد المناسب هو مبادلة القهر بالقهر والعنف بالعنف والظلم بالظلم. وهذا أمر خاطئ لأنهم يبدون كمن يطفئ النار بالنار".

العربي الجديد

 

اخبار ذات صلة