قائمة الموقع

المصالحة بانتظار ظروف داعمة أو مفجّرة لها

2015-03-31T06:31:24+03:00
خلال التقاء وفدي حماس وفتح بغزة (الأرشيف)
الرسالة نت- رامي خريس

نكأت تصريحات رئيس السلطة محمود عباس وقاضي قضاته محمود الهباش الجرح الذي لم تفلح حوارات المصالحة واتفاقاتها المتتالية بدمله، ولم يعد أحد قادر على معرفة تحقيق المصالحة من عدمها بعد أن أصبح الحديث عن العلاقات الفلسطينية الداخلية هو الشغل الشاغل للفلسطينيين سواء كانوا نخباً أم مثقفين أم من عوام الناس، وطغى على التفكير بالعلاقة مع الاحتلال وسبل مواجهته.

وتتكرر باستمرار الأسئلة عن امكانية تحقق المصالحة من عدمها، ومتى يمكن الوصول إلى شراكة فلسطينية حقيقية؟ وهل يمكن أن يتوحد الفلسطينيون؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي تتعلق بذات الموضوع بشكل ممل.

وبدلاً من تحقيق المصالحة بشكل كامل واقعاً على الأرض هوى النقاش إلى ملفات جزئية وفرعية مثل ملف الموظفين وتسليم المعابر، وترك الحكم كما الحكومة، وقضايا أخرى كثيرة.

وتبدو الأسئلة الشائكة بدون إجابات شافية، مع تكرار المحاولات من هنا وهناك وطرح مقترحات يمكنها أن تخفف من أزمة الانقسام الفلسطيني الذي لم يبدأ فقط بعد الانتخابات التشريعية عام 2006 بل بدأ قبل ذلك بكثير، منذ ولوج المنظمة عملية التسوية التي انقسم حولها الفلسطينيون بين معارضين لها وفريق مؤيد لها وترسخ بعد توقيع اتفاق أوسلو أكثر فأكثر، ومنذ ذلك الحين هناك خلافات كبيرة حول التسوية وأشكال النضال الفلسطيني.

وبعد عام 2006 أخذ الانقسام منحى آخر إذ تحول في جزء كبير منه إلى صراع على السلطة، وهذا أمر يستهجنه البعض لكنه يبدو أمراً طبيعياً، فمن يمتلك السلطة يستطيع أن ينفذ برنامجه على الأرض، خاصة أن الفلسطينيين لديهم برنامجين مختلفين واحد يعتمد على المقاومة سبيلاً لتحرير فلسطين وآخر ليس لديه سوى طريق التسوية والمفاوضات.

ومع أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أغلق كل المنافذ التي يحاول رئيس السلطة الولوج منها الى استكمال خياراته التفاوضية إلا أن التمسك بالأماني لا يزال حاضراً في مواقف عباس الذي يلهث وراء أي فرصة للعودة مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات ولو كانت تبدو للرائي سراباً، وقد أفلح خلال اجتماع المجلس المركزي الأخير بتمرير قرار بترك الباب موارباً لاحتمالية العودة الى المفاوضات، وأن التوجه الى المؤسسات الدولية ليس بديلًا عنها.

وفي المقابل فإن رئيس السلطة يسير بخطى متثاقلة نحو تحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية ويبحث عن أي مبرر للعودة إلى الخلف خطوات سريعة، وأي نقطة خلاف في ملف جزئي من ملفات المصالحة يمكنها تفجير الموقف من جديد والعودة بالأمور إلى نقطة الصفر مرة اخرى.

ومع ذلك لم يستطع أي من المراقبين من تفسير حماسه الزائد ودعوته للدول العربية للتعامل مع فلسطين كما تعاملت مع اليمن وتنفيذ عملية عسكرية مثل عملية عاصفة الحزم، وذلك بالرغم من حالة المصالحة المفترضة بعد توقيع اتفاق الشاطئ وتشكيل حكومة التوافق.

وفي ضوء سلوك رئيس السلطة وتصريحاته التي تكشف عن نوايا قادة السلطة وحركة فتح فإن الحديث عن تحقيق المصالحة يعتبر ضرباً من الخيال طالما بقيت ذات المعطيات الموجودة حالياً، ولربما يستمر النقاش حول الملفات الجزئية طويلاً قبل أن تتغير البيئة السياسية في فلسطين ومحيطها باتجاه ظروف داعمة للمصالحة أو مفجرة لها.

اخبار ذات صلة