بعد سنوات طويلة من الانتهاكات (الاسرائيلية) ضد الفلسطينيين وسلسلة من الحروب المتتالية يأتي انضمام فلسطين كعضو رسمي في محكمة الجنايات الدولية بعد ان تقدمت السلطة الفلسطينية بهذا الطلب في الأشهر الأخيرة الماضية.
ويندرج طلب الانضمام الفلسطيني إلى المحكمة الجنائية الدولية في إطار حملة دبلوماسية وقضائية أطلقها الفلسطينيون في عام 2014، فيما عبرت الفصائل الفلسطينية وتحديداً حركة حماس دعمها لجهود السلطة للانضمام للمحكمة.
وستتيح العضوية في المحكمة ملاحقة مسؤولين (اسرائيليين) بتهمة ارتكاب جرائم حرب او اخرى مرتبطة بالاحتلال.
طابعها قانوني وجوهرها سياسي
ويرى الخبير في القانون الدولي حنا عيسى أن الانضمام للجنايات الدولية يعني ان فلسطين اصبحت دولة رقم 123 في المحكمة، مما يحق لها المشاركة مع الدول الاخرى في تفعيل القضاء الجنائي الدولي والقدرة على رفع شكاوى ضد الاحتلال الاسرائيلي بعد تاريخ 1/7/ 2002.
ويضيف عيسى لـ"الرسالة نت" أن السلطة الفلسطينية تقدمت للجنايات الدولية بملفين أساسيين وهما الاستيطان والعدوان على القطاع العام الماضي.
ويشترط في تقديم الشكوى داخل أورقة المحكمة أن تقدم دولة كاملة العضوية الشكوى ضد دولة أخرى كاملة العضوية في المحكمة، الأمر الذي لا يحق للسلطة تقديمه لأن (اسرائيل) ليس عضو في المحكمة وفق عيسى.
ويؤكد الخبير في القانون الدولي أن محكمة الجنايات الدولية تأخذ طابعا قانونيا لكن جوهرها سياسي، مما يضع احتمالية كبيرة أمام انحيازها (لإسرائيل) في أي دعوة تقدم ضدها.
وقلل عيسى من احتمالية أن يشكل الانضمام للمحكمة ضغطاً على (اسرائيل)، مرجعاً ذلك لتوقيعها على 24 اتفاقية مع دولة الاتحاد الأوروبي، تتضمن عدم اعتقال جنودها وضباطها في الدول الأوروبية.
معركة قانونية
وعلى النقيض فإن أستاذ القانون الدولي في جامعة الأزهر عبد الرحمن أبو النصر يرى أن الانضمام للجنايات الدولية شيء مهم في تاريخ القضية الفلسطينية.
ويؤكد أبو النصر لـ"الرسالة نت" أن الانضمام للمحكمة يعد بداية للمعركة القانونية بين الفلسطينيين والاحتلال في ساحات المحكمة الدولية، ما يشكل ضغطا كبيرا على الاحتلال ويحد من الانتهاكات الانسانية التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
ودعا الى عدم الاكتفاء بهذه الخطوة والتقدم برفع شكاوى ضد مرتكبي الجرائم داخل الكيان (الإسرائيلي).
وفي سياق آخر يخشى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن يكون الانضمام للجنايات هو الخطوة الأولى والأخيرة التي تقدم عليها السلطة الفلسطينية.
ويبرر الصواف خشيته بأن السلطة لا تريد خسارة الادارة الامريكية وخسارة (اسرائيل) التي تعتبرها شريكة في عملية السلام، وترغب دائما في التفاوض معها.
وفي هذا الإطار يرى المحلل السياسي هاني حبيب أن السلطة الفلسطينية قد تستغل انضمامها للجنايات والتهديد برفع شكاوى ضد (إسرائيل) في عقد صفقات سياسية جديدة مع الأخيرة.
ويؤكد حبيب لـ"الرسالة نت" أن هناك بعض الاشارات تفيد بتراجع السلطة عن تقديم شكاوى ضد الاستيطان مقابل ثمن سياسي ستدفعه (إسرائيل).
ويوضح أن اصرار السلطة للتقدم في المحكمة بهاذين الملفين جاء من أجل الضغط على (إسرائيل) وابتزازها لتقديم تنازلات في الأيام المقبلة.