غزة/ مها شهوان
يصر الطفل احمد إبراهيم ذو الـ7 سنوات على صوم رمضان كاملا ممتنعا عن الطعام والشراب رغم إلحاح والديه الشديد عليه ليفطر، مشفقين على جسده النحيل وعمره الصغير لاسيما أن رمضان جاء هذا العام في فصل الصيف حيث العطش الشديد.
وتضيف أم احمد :" أتعمد بان لا أوقظه للسحور حتى يضطر للإفطار، غير انه يعاند ويصر على صيام اليوم بالكامل ، فهو لم يفطر ولو ليوم واحد منذ بداية الشهر "،مرجعة ذلك إلى أن جميع أفراد عائلته يصومون واحمد يحاول تقليدهم .
وعلى النقيض نجد ياسر إسماعيل 14عاما الذي يحاول أهله إقناعه بشتى الطرق للصوم لكنه يرفض وذلك أن والده يرى أنه لازال صغيرا كما تقول أخته.
وتضيف: "إخوتي الكبار يحاولون بشتى الطرق إرغامه على الصوم إلا انه يقوم بتجاهلهم ويفطر من ورائهم محتميا بوالدي الذي يقدم له المبررات باستمرار ".
شهر رمضان الذي ينتظره جميع المسلمين بما فيهم الأطفال وذلك لما فيه من روحانيات محببة لهم كتجمع صغار العائلة وكبارها في أجواء أسرية يسودها الحب والاحترام،إضافة انه في الشهر المبارك يبدي عدد كبير من الأطفال حماسهم للصيام أسوة بوالديهم وإخوتهم الكبار رغم صغر سنهم وضعف أجسامهم.
الجوانب الخلقية
وحول ذلك أكد الأخصائي النفسي أنور العبادسة على أن الله جعل التكليفات الشرعية حسب الاستطاعة ولم يفرض على المسلم الفروض الشرعية إلا حسب المقدرة، موضحا أن التعامل مع الأطفال لابد أن يكون في هذا الإطار حتى يؤدون العبادة وهم نشيطون.
وقال: "جاء رمضان هذا العام في فصل الصيف لذا نجد صعوبة في إقبال الأطفال على الصيام بالإضافة إلى عنادهم ، لذلك لابد أن نراعي قدرات الطفل على التحمل".
ودعا العبادسة إلى عدم التعامل مع الطفل بمنطق التفاخر في الوقت الذي تكون فيه قدرات الطفل محدودة على التحمل والصبر، مشيرا إلى قيام بعض الأهالي بإجبار أطفالهم على الصيام ليفخروا أمام الناس أن طفلهم صائم.
وأشار إلى أن هناك مؤثرات سلبية تعود على الطفل في حال تم الضغط عليه للصيام ،فعلى الصعيد الجسمي يسبب للطفل مشكلات جسمية، بينما على الصعيد القيمي فيتعود الطفل على الخداع والكذب والمراوغة لأنه غير قادر على الصيام ،وكلف بالصوم دون أن يدرك المعنى التعبدي للصوم.
وذكر العبادسة أن ما يقوم به الأهالي من ضغط على أبنائهم لإجبارهم على الصيام يسبب الآثار السلبية التي تؤثر على نفسيتهم وشخصيتهم بالمستقبل، بالإضافة لشعور الطفل بنوع من الظلم.
وأوضح أن المدرسة والأسرة تلعبان الدور الرئيسي في تلقى الطفل القيم والسلوكيات التي تحببه بالصوم ، من خلال التشجيع والتحفيز المادي والمعنوي الذي يشجعانه على الصوم.
ولفت العبادسة إلى الفوائد الاجتماعية التي تعود على الطفل عند صيامه وهي إدراكه بأنه كبر، ما يؤدي إلى المزيد من الاندماج خاصة مع الكبار ،بالإضافة إلى تنمية الجوانب الخلقية والدينية للطفل من خلال إكسابه القيم والسلوكيات التي تساعده على تهيئة نفسه للقيام بها في مقتبل العمر.
شهر الخيرات
وفي سياق متصل تحدث نسيم ياسين عميد كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية انه من الضروري أن يتعود الأبناء على العبادة بالشكل الصحيح منذ الطفولة حتى يكبروا ويصل الطفل إلى درجة التكليف .
وأضاف أن السن المناسب هو السابعة لتعليم الأبناء أن الصيام واجب على المسلمين ، مشيرا إلى أن التأكيد يبدأ بعد سن العاشرة من خلال توجيههم ليعلموا واجباتهم وما ينبغي عليهم القيام به.
وبحسب ياسين أن من المحفزات التي يجب أن يتبعها الوالدان لتشجيع أبنائهم على الصيام الكلمة الطيبة وتقديم بعض الهدايا التي يحبونها ، لافتا إلى ضرورة الحديث عن عظمة الله سبحانه وتعالى ومالهم من اجر يحتسبه الله لهم ،بالإضافة لتناول بعض قصص السيرة النبوية التي تتحدث عن وجود أطفال جاهدوا مع النبي.
وأوضح ياسين انه لابد من تعليم الأطفال بان رمضان هو شهر الخيرات ،بالإضافة لتذكيرهم بنعم ربهم التي منحهم إياها وتحبيبهم بالعبادات من خلال تعريفهم بمحاسنها والنتيجة التي تعود عليهم من خلال ممارستها.
وذكر انه من فوائد الصيام أيضا تعزيز الروابط الأسرية ،كالاجتماع على موائد الإفطار وصلة الأرحام بما يشعر الطفل بالجو الأسري المحبب لدية بما يسوده من الرحمة والتسامح.
وتابع: "يرتقي الطفل على المستوى المستقبلي والذاتي من خلال الصوم ويمكن ربطه بخالقه حينما يأخذه ولده إلى المسجد لحضور الندوات الدينية، بالإضافة لتعليمه معاني الصبر والقوة"، مضيفا أن البيئة الدينية لها الأثر الكبير في تعود الطفل على الصيام من خلال تقليدهم لمن هم اكبر سنا.
وحث الأهالي على تعليق أبنائهم منذ بداية الكلام بخالقهم وترسيخ العبادات إلى أن يكبر الطفل و يخاف ربه ويتكلم بكلام يرضى الله .
ونصح ياسين في ختام حديثه جميع المسلمين أن يعودوا أبناءهم على جميع العبادات بما فيها الصيام ويعلمونهم السلوك القويم والعبادات الواجبة، مضيفا أن من يستصغر ولده لن يستطيع توجيهه في الكبر.