لاتزال ترهن السلطة الفلسطينية ولو بشكل غير معلن، أزمة اغلاق معبر رفح، بانسحاب الموظفين الحاليين من المعابر تمهيدا لعودة موظفي السلطة المستنكفين حتى يجري فتح المعبر الواصل بين قطاع غزة ومصر.
تلك الشماعة المسماة "الموظفون" والتي تعلق عليها رام الله مبرراتها في عدم استخدام نفوذها في دعوة القاهرة لأجل إعادة فتح المعبر، لن تكسر في ضوء عدم وجود نية حقيقية لدى السلطة، باستكمال ملفات المصالحة، بما تضمنه من فتح للمعبر وكسر الحصار المفروض على غزة.
المشكلة الحقيقية التي تواجه الغزيين اليوم هي الحرمان من السفر، في ظل الاغلاق التام للمعبر لمدة تزيد عن ثلاثة اشهر منذ بداية العام، غير أن لا احد من المسؤولين في السلطة يحمل تصورا واضحا حول آلية فتح المعبر، بعيدا عن اقصاء الموظفين القائمين في غزة.
في المقابل، تظل أقوال المسؤولين المتعلقة بقرب فتح المعبر استثنائيا ومنهم سفير السلطة لدى القاهرة جمال الشوبكي، هي مجرد وعود لا تلقى طريقا لأسماع المواطنين في غزة، نظرا لأن أيا منها لم يتحقق منذ وقت طويل مضى.
ويعد هذا المعبر بوابة للانتقال من غزة نحو العالم، غير أنه بات يقتصر فتحه بين حين وآخر على حجم الحاجة الانسانية في غزة، حيث يقول السفير الشوبكي "إن السفارة تلقت من السلطات المصرية وعودا إيجابية بفتح المعبر؛ لدواعي الحاجة الإنسانية في الجانب الفلسطيني".
وفي الوقت الذي تحدث فيه الشوبكي عن امكانية فتح المعبر خلال اليومين القادمين، كانت في الخلفية مصادر في السلطة، قد سربت لـ"الرسالة" تصريحا مفاده عدم قبول مؤسسة الرئاسة أن يعمل الموظفون التي تدعي أنهم محسوبون على "حماس" داخل المعبر، وأن امكانية فتحه متعلقة بعودة موظفي الحرس الرئاسي.
وذلك يعني وفق مراقبين أن الحالة ستبقى تراوح مكانها، خصوصا وأنه ليس هناك رغبة حقيقية في الوقت الراهن بتراجع الحصار عن غزة قيد انملة لاسيما على ضوء انشغال الاقليم بالمعارك المذهبية، وعدم وجود أفق حقيقي لإنهاء العزلة المفروضة على غزة، منذ ما قبل الحرب الأخيرة (يونيو 2014).
يضاف إلى ذلك مخاوف جديدة بدأت تطفو على السطح مؤخرا، تتعلق بالحديث الرسمي المصري عن قرار فرض تأشيرات دخول على حملة الجوازات الأجنبية، رغم أن هذا الأمر نفاه السفير "الشوبكي" وقال إن سلطته لم تبلغ بأي قرار من شأنه أن يفرض على الفلسطينيين استخراج تأشيرة لأجل دخول الأراضي المصرية".
وفي جميع الاحوال، فإن أزمة المعبر تعيق سفر آلاف الحالات الانسانية في غزة سواء من المرضى أو حملة الجوازات والطلبة الراغبين في استكمال تعليمهم الجامعي، وهذا ما يجعل الحالة تزداد سوءا، دون حراك فعلي تجاه انهاء هذه المعاناة.
من جهته قال القيادي في حركة حماس، يوسف رزقة إنه سبق وأن جرى اتفاق ينص على دمج الموظفين في إدارة المعبر الحدودي وتوزيع العمل فيه بين أجهزة السلطة وأجهزة الحكومة السابقة، بما يضمن فتحه دون عقبات وتماشيا مع بعض الشروط التي وضعت من مصر و(إسرائيل)، لكن لم يتحقق أي جديد في هذا السياق.
وقال رزقة: "ما زلنا ننتظر قرارًا من الرئيس محمود عباس لأجل تنفيذ عملية الدمج على الأرض بما يضمن تشغيل المعبر".