الرسالة نت -محمد أبو قمر
اختلج صوتها بنبرات حزينة رافقتها نظرات دامعة، وانتابها التردد قبل الحديث عن تفاصيل معاناتها الغائرة , مفضلة التقوقع في فقرها دون أن ينكشف اسمها للقراء.
بين الفينة والأخرى كانت تؤكد على ضرورة عدم ذكر اسمها أو الإشارة لمنطقة سكناها وهي تقول " لو عشت طوال حياتي فقيرة ومستورة أفضل من مد يدي للناس".
الزوجة التي هجرها زوجها قبل خمسة أعوام وهي حامل لم يعد يتردد على المنزل لتفقد أبنائه بعدما تزوج بامرأة غيرها ، حتى أنه لا يعرف طفله الصغير ابن الخمسة أعوام.
آثرت الأم التي أصرت على عدم ذكر اسمها أو كنيتها لتبقى مستورة - كما تقول - أن تتجرع مرارة الحياة لتربية أبنائها.
تسكن الأم مع أطفالها الخمسة –أكبرهم في الخامسة عشر وأصغرهم بالخامسة- في شقة مستأجرة وتتكلف بدفع الإيجار رغم فقدانها أي مصدر دخل.
وتضيف "معاناتي شديدة فأنا ملزمة بدفع إيجار المنزل ولا أحد يرحمنا، والله بنوفر الإيجار بالعافية، وكثير ما بندفع ".
ولا ينفك مالك الشقة بمطالبة الأم بدفع إيجار الشقة المتراكم عليها، حتى أنه يهددهم بالطرد في حال لم يوفوا بالتزاماتهم، وتتابع " كثيرا ما أغادر المنزل لبعض الوقت عندما أعلم أن مالك الشقة سيأتي لطلب ثمن الإيجار".
وما أن يقترب موعد تسديد الإيجار حتى يشل تفكير الأم في كيفية توفير المبلغ، لكنها تضغط على نفسها كما تقول في سبيل تربية أبنائها.
ورغم ضيق الحال إلا أن أبنائها متفوقون في الدراسة ، وتقول الأم " عندما لا أتمكن من توفير مستلزمات أبنائي المدرسية ، أذهب لإدارة المدرسة الذين يوفرونها لهم بعدما يتفهموا طبيعة الظروف الصعبة التي نمر بها".
وتشير الى أنه نادرا ما تتمكن من توفير مصروف أبنائها اليومي، لكنها تؤكد أنهم متفهمين لصعوبة الأوضاع، كما تلجأ في كثير من الأحيان للمدين من المحلات التجارية لتدبير أمورهم".
ولم تنفك الأم من ترديد " رجاء ما تنشروا اسمنا، لو أكلنا ملح في البيت المهم نظل مستورين".
وتتلقى الأسرة بعض المساعدات المتفرقة بعدما أوقفت وزارة الشئون الاجتماعية تزويدها بالمساعدات عقب القرار بمنعها عن اللاجئين.
وكثيرا ما تساءلت الزوجة عن الجهة التي أبلغت "الرسالة" بمعاناتها، وتتابع " أفضل الجلوس في المنزل والرضا بما هو مكتوب، بدلا من اللجوء للجمعيات لطلب مساعدة".
وتبرع أهل الخير ببعض احتياجات الأسرة المنزلية كغسالة صغيرة وفرن غاز في وقت سابق، وتقول الأم " الحِمل ثقيل علينا لكن ربنا لا ينسى عبده".
تعرض صحيفة "الرسالة" قصة تلك الأسرة وتفتح الباب أمام أهل الخير لمساعدتها ومد يد العون لها ، حيث أن الصحيفة مستعدة للتعاون مع أي جهة أو شخص والإفصاح عن اسم العائلة لكل من يود إغاثتها.