عمان – الرسالة نت
كشف محرران أردنيان عن ألوان القهر والعذاب الذي تعرضا له في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويعرضان في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني التي تصادف اليوم، لما تعرضا له على يدي الجنود الإسرائيليين.
"الفورة"، "قبور الأحياء"، "الشَّبح"، مفردات لا يعرفها إلا من ذاق ويلات التعذيب في السجون، وبخاصة الإسرائيلية التي تعد من أسوأ السجون في العالم من ناحية التعذيب والقمع للمعتقلين الفلسطينيين والعرب فيها.
لم تأت تلك المفردات من فراغ، بل تحدث بها معتقلون أردنيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وكإخوتهم من المعتقلين الفلسطينيين نالوا من التعذيب والإهانة ما يندى له جبين البشرية.
أنس أبو خضير (30 عاما) موظف في نقابة المهندسين، ورب أسرة، وواحد من 33 أسيرا أردنيا أطلق سراحهم من معتقلات الاحتلال الإسرائيلي بعد أعوام من التعذيب والإذلال، يحيي ذكرى الأسير الفلسطيني اليوم، ويحكي قصة معاناته، ويدعو إلى الاهتمام بحال الأسير الأردني.
وفي استذكاره ليوم الأسير الفلسطيني، يستعيد ابو خضير، بعضا من مظاهر التعذيب في سجون الاحتلال الإسرائيلي التي عاشها "وما يزال يعيشها كل أسير في المعتقلات الإسرائيلية عموما، والأسرى الأردنيين خصوصا، مستهلا بعمليات التفتيش التي يخضع لها الأسير ليل نهار وتعريته أثناء ذلك، من دون مبرر، بل لزيادة الضغط النفسي على الأسير وإذلاله".
وقال إنه يتم "منع المعتقلين عن أداء شعائرهم الدينية، وحتى يقمعوهم عند تعبيرهم عن مظاهر الفرح التي تشمل تلك الشعائر مثل مناسبات الأعياد، كما يتحكمون في كميات المواد الاستهلاكية التي تدخل إليهم، والانتقاص منها لتجويعهم".
أبو خضير الذي اعتقل منذ تاريخ 8-8-2006 وحتى تاريخ 13-9-2009 لن ينسى العقوبات التي يتعرض لها الأسير، من مثل نقله إلى الحبس الانفرادي، معتبرا أن تلك العقوبة لا تساوي شيئا أمام التعذيب الجسدي والإهانات اليومية التي يتعرض الأسرى لها يوميا.
ويبين أنه الحبس الانفرادي لا يقتصر على عزل الأسير عن محيطه الخارجي حسب، ويتم عزله عن رفاقه الأسرى، مبينا أن وجود الأسرى بين رفاقه يخفف عنه مصيبته في المعتقل، بينما الحبس الانفرادي، يزيد من قتامة الحياة في وجه الاسير وقسوتها.
لا يصل عزل الأسرى اجتماعيا كما حصل مع أبو خضير إلى ذلك الحد فقط بل يتجاوز ذلك مع المعتقلين الأردنيين، إلى حد منع أهلهم من زياراتهم، وإذ تصل فرصة الزيارات للأسرى والمعتقلين إلى مرة واحدة كل 2-3 أعوام، ذاهبا إلى أن سلطات الاحتلال تتعمد ذلك، كوسيلة أخرى للضغط النفسي على الأسرى.
كما يشير أبو خضير إلى ألوان التعذيب البشعة التي تعرض لها كما تعرض لها أسرى فلسطينيون أردنيون وعرب، ومنها "الشبح"، وهو تعذيب جسدي يزداد الطلب عليه، بعد مرحلة التحقيق مع الأسير وهي أصعب المراحل التي يعيشها الأسرى. ويقول إن الشَّبح يتم بإحكام ربط يدي الأسير خلف ظهره، وتوجيه رأسه نحو زاوية من زوايا جدار معين، وهو واقف على قدميه، لساعات طويلة، ما يسبب له آلاما في ركبتيه وظهره وعنقه، قد تصبح مزمنة.
ويناشد أبو خضير كل الجهات المعنية باتخاذ خطوات جادة وفاعلة لتحرير الأسرى الأردنيين، والتفاعل المستمر مع أهاليهم، داعيا وسائل الإعلام لتفعيل دورها مع قضايا قضايا الأسرى باستمرار.
المهندس مازن ملصة (34 عاما)، خاض تجربة الاعتقال في السجون الإسرائيلية منذ العام 2001 وحتى 2007، فلم يكن يتخيل كما يقول، أنه كان سيتعرض لمثل تلك التجربة التي ما تزال آثارها حاضرة في نفسه وفي منزله حتى اليوم.
ملصة الذي اعتقل أثناء وجوده في تاريخ 4-6-2001 على حاجز عسكري إسرائيلي في رام الله، بعد تسعة أشهر من انتفاضة الأقصى، ليتم اعتقاله وليقضي بعد الاعتقال 144 يوما تحت التحقيق.
ويعتبر ملصة أن التحقيق مع "الأبطال الأسرى" كما يصر أن يناديهم، هو أصعب مرحلة "يخوضها البطل، إذ يكون المعتقل أثناءها في عالم يسمى قبور الأحياء، وعندما يخرج منها يشعر بأنه شبه أن أفرج عنه، نصف ترويحة".
يروي ملصة نبذة عن حال الأسير "البطل" في هذه المرحلة، فبداية يعرونه من ملابسه ويستبدلونها بملابس بنية اللون، انعكاسا لصفة "التشاؤم" عند الجنود، من ثم يضعونه في غرفة رمادية اللون ذات إضاءة خافتة جدا، تفتقر إلى النوافذ وتسودها الرطوبة العالية والروائح الكريهة المنبثة من دورة مياه موجودة في الغرفة ذاتها. ويضيف "ونحن هناك، لا نعرف النهار من الليل، إلا من خلال وجبات الطعام التي تقدم لنا، وهي عبارة عن أطعمة لا تستسيغها الحيوانات، يتعمدون تقديمها لنا لتحطيم إنسانيتنا".
ويبين ملصة أن الأسير وأثناء عملية التحقيق، يحرم من النوم لأنه يتم مناوبة محققين كل 8 ساعات عليه خلال اليوم، بمصاحبة عمليات التعذيب الجسدي والمعنوي والابتزاز والتوهيم بأن والدة الأسير أو زوجته موجودة في الزنزانة المجاورة وتتعرض إلى تعذيب وفور اعترافه سيريحها من كل تعذيب. وبعد 144 يوما من التحقيق، يقول ملصة انه نقل إلى العزل "الحبس" الانفرادي، وهي بمثابة "عقوبة ثانية" أو "حبسه داخل حبسة".
"الإيمان بالله والعيش مع آيات القرآن الكريم" هي ما كان يسري عن ملصة ما مر به، فجميع "الأبواب مؤصدة" لذا فإن اللجوء الى الله هو خلاصه، مبينا أنه أثناء الحبس الانفرادي، يتعلم الأسير الدين واللغات وغيرها مما يسد به قتامة عزلته ويشد من أزره.