بغروب شمس اليوم الخميس، الثالث والعشرين من شهر إبريل، يكون قد مر عام كامل على توقيع اتفاق الشاطئ للمصالحة بين حركتي فتح وحماس، كان ثمرته "اليتيمة" تشكيل حكومة التوافق، التي غدت اليد التي تُبعد الخيط عن رأس الإبرة، بفشلها في القيام بمهامها بعد عشرة شهور على ولادتها.
المعطيات القائمة تؤكد أن الاتفاق الذي نص، إلى جانب تشكيل حكومة توافق، على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن، فشل في إعطاء دفعة قوية للمصالحة الفلسطينية، كما كان مأمولا منه ذلك، نزولا عن اللحظة الحرجة التي وجدت فتح وحماس نفسيهما أمامها، على وقع التحديات التي كانت تواجه مساري التسوية في رام الله، والمقاومة في غزة.
ولم تفلح ثلاث زيارات للحكومة إلى غزة في ترجمة التفاهمات وما جرى الاتفاق عليه، واقعا على الأرض؛ نظرا لاختلاف البرامج والمسارات السياسية، عدا عن أزمة الثقة بين الطرفين، وهذا ما يُسعد بالتأكيد حكومة الاحتلال التي لها دور في عرقلة تنفيذ الاتفاق، لعلمها أن نجاحه يعني وحدة وطنية في البيت الفلسطيني، بمشاركة فصائل المقاومة.
مغادرة وزراء الحكومة بشكل مفاجئ الإثنين الماضي دون إنجاز أي من أهداف الزيارة، عكست حجم "عدم الاتفاق" مع حماس، التي قالت إن "مغادرة وزراء الحكومة يعكس مواقفها الفئوية"، وهذا يعود بنا لطرح السيناريوهات المتوقعة لمستقبل المصالحة وغزة بالتحديد، حال بقي التردد والفراغ قائمَيْن، آخذين في الحسبان، أن "ملف المصالحة محسوم ومتفق عليه، ولا تصورات متكاملة لإنهاء الانقسام"، وهذا ما صرّح به عضو المكتب السياسي في حماس، سامي خاطر.
يعني ذلك أن كل السيناريوهات الآتي طرحها، ستكون خاضعة للمناخ السياسي وأحوال الإقليم، التي قد تدفع دولا عربية وإقليمية لملء الفراغ في غزة، عبر إعطاء المبادرة لحركة حماس، وهذا من شأنه أن يضعف موقف السلطة، التي تحرص على أن تكون جزءا من أي مشهد سياسي قادم، على وقع ما يرشح عن مصادر رسمية، بوجود رغبة أوروبية ودولية لإنهاء أزمات غزة، واستقدام تهدئة طويلة الأمد فيها.
ولم يأت صدفة الحديث عن اتفاق تهدئة بين الاحتلال وحماس، رغم أن الأخيرة نفت، فقد أعقب ذلك مغادرة الحكومة مباشرة، وتزامن أيضا مع تصريح لزياد الظاظا القيادي في حماس، والذي يمثلها في مباحثاتها مع الحكومة، قال فيه إن بدائل لدى الحركة جاهزة للتنفيذ، حال استمرار تجاهل غزة.
وهنا، يقول المحلل السياسي إبراهيم المدهون إن الواقع الاقليمي والتشجيع الاسرائيلي قد يهيئ هذا الامر (تعزيز كيانية غزة باتفاقات منفردة)، لهذا على السلطة ان تنتبه لترتيب البيت قبل الانزلاق لمنطقة تصبح أعقد من انقاذها.
وإن لم يكن في وارد حماس اليوم الذهاب إلى تهدئة مع الاحتلال تنهي الحصار عن غزة، وتبدأ بإنعاشها، وتحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي فيها، فإن البديل عن ذلك أمامها، نزع الشرعية عن الحكومة، وتشكيل إدارة جديدة لحل أزمات القطاع، لكن ذلك يتعارض مع إعلانها الدائم رفضها العودة لاستلام الحكم، وحرصها على المصالحة، وعدم العودة إلى الانقسام.
لذا، فإن المرجح أن تستمر حماس في محاولات إحداث اختراقات في المباحثات مع حركة فتح وحكومة التوافق، في سبيل الالتقاء على حل وسط، ينهي التردد القائم، لكن ذلك قد يأخذ وقتا من عمر الأزمة، إلا إن استعانت في ذلك بعلاقاتها مع الدول العربية التي لها تأثير على رام الله، وتحديدا السعودية وقطر.
وقد توقع المحلل السياسي المدهون، تدخل دول عربية قوية خصوصا السعودية، لتكرر تجربة اتفاق مكة بطريقة أكثر انضباطا والتزاما، أو التوجه للانتخابات، "وان كانت حتى الانتخابات لن تغير في خريطة السيطرة والانقسام شيئا"، كما قال.
في المحصلة، فإن التوقعات تشي بأن اتفاق الشاطئ لن يكون المنقذ على كل حال، لاعتبارات كثيرة أهمها تضارب المصالح وغياب الثقة بين الأطراف، التي باتت ترقب حلا يفرضه الإقليم، وبالتأكيد فإن الثمار ستقع في سلة واحد منهما، والمتوقع سلة حماس، التي ستقبل بأي واقع ينهي الحصار، على ألا يعارض ثوابتها.