يستمر إغلاق الجانب المصري لمعبر رفح البري جنوب قطاع غزة لأكثر من 100 يوم منذ بداية العام الحالي؛ رغم الحاجة الملحة لفتحه، إلا أن اللافت هنا يتمثل بعدم تدخل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لفتحه ولو بشكل جزئي.
قد يستغرب البعض من وجه العلاقة بين عباس وإغلاق جمهورية مصر العربية للمعبر الوحيد الذي يربطها بقطاع غزة المحاصر إسرائيليًا، إلا أن رئيس السلطة أصر على فضح نفسه بتصريح صادر عنه، أن السلطات المصرية تستجيب له حينما يريد فتح المعبر، وبذلك يظهر تعمد الرجل إغلاقه.
طابورٌ من المرضى يحمل التحويلات الطبية في انتظار فتح البوابة السوداء، وإلى جواره يصطف مئات الطلبة الذين فقدوا مقاعدهم الدراسية في الخارج، ناهيك عن عشرات الأسر التي تقطعت بها السبل في قطاع غزة، جميعها لم تدفع عباس للتحرك من أجل فتحه.
وفي ذلك يبدو أن حجة البعض في اتهامهم لعباس بتعمد إغلاق المعبر قد تتصل بالواقع فعلًا؛ بطبيعة النظرة التي تتخذها حكومة التوافق والسلطة الفلسطينية تجاه غزة وأزماتها المتراكمة منذ شهور طويلة بالتضييق الفعلي على حياة السكان.
ويبدو من هذه اللحظة أن عام 2015 سيكون الأسوأ على صعيد وضع معبر رفح، حيث لم تفتحه السلطات المصرية منذ بداية العام وفق إحصائية حديثة لوزارة الداخلية إلا 5 أيام، في مقابل 100 يوم من الإغلاق المستمر، ضاربةً بعرض الحائط آلام الغزيين، وحاجة المسافرين!
وفي إحصائيات محلية، فاق عدد المحتاجين المسافرين عبر المعبر حاجز الـ90000 مواطن، منهم 15 ألفا بحاجة ماسة للسفر موزعين على فئات المرضى والطلاب وأصحاب الاقامات والجوازات الأجنبية والتجار.
وعن الوضع الحالي للمعبر قال مدير هيئة المعابر والحدود بغزة ماهر أبو صبحة لـ"الرسالة" إن استمرار إغلاق معبر رفح يهدد حياة مئات المرضى، ومستقبل آلاف الطلبة الذين تحصلوا على منح دراسية في الجامعات الخارجية.
ودعا أبو صبحة السلطات المصرية لضرورة فتح المعبر في أقرب وقت ممكن؛ مؤكدًا عدم وجود أي جهود حقيقية لفتحه خلال الفترة الماضية.
وتتحجج السلطات المصرية بصعوبة الأوضاع الأمنية في سيناء، وتعرض قوات الجيش المصري لهجمات متكررة من الجماعات الجهادية، وفي الرد على ذلك يقول مراقبون للشأن السيناوي أن الـ100 يوم التي أغلق فيها المعبر، نصفها على الأقل كانت الأمور الأمنية مستقرة.
وبناءً على ذلك، كان يمكن للجهات العليا في مصر فتح المعبر، فيما يرى البعض بأن أسباب الإغلاق بعيدة عن الوضع الميداني، وقد تتمثل في عدم توافر النية لتشغيل المعبر، وفي الوقت نفسه يُبقي عباس على حالة الصمت المطبق تجاه حاجة غزة.
ولم يقتصر التأثير السلبي لإغلاق المعبر على حركة الأفراد فقط، بل امتد التأثير ليطال قوافل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة المحاصر، حيث كان ممرًا لمرور عشرات القوافل التي تدعم صمود الشعب الفلسطيني وقطاعات الصحة والإغاثة.
وكانت وزارة الصحة أطلقت عدة نداءات استغاثة للجانب المصري، تدق ناقوس الخطر لاستمرار إغلاق المعبر في وجه المرضى، ومن جهة أخرى تأخير وصول الأجهزة الطبية.
وامتدت المناشدات لتطال الشرائح المحلية كافة وفي مقدمتها الفصائل الفلسطينية التي ما فتأت تدعو الشقيقة الكبرى لمد يد العون لقطاع غزة المنكوب بفعل الحروب المتتالية واستمرار الحصار الاسرائيلي.
وفي تطورٍ آخر، لم تتوقف المناشدات على الأطراف الفلسطينية، بل طالت مكونات المجتمع الدولي، إذ طالبت جمعية الأمم المتحدة، ودول عربية وأجنبية، السلطات المصرية بضرورة فتح المعبر ولو بشكل متقطع، بما يسمح بحرية التنقل لسكان القطاع؛ بما أنه يعتبر المتنفس الوحيد لغزة على العالم الخارجي.